أمريكا و “النتن”.. عمياء تخضّب “مجنونة”!!

مطهر الأشموري

كثيرون ينظرون إلى ما عُرفت بالحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية على أنها حرب عالمية ثالثة ولكن دونَ استعمال السلاح النووي.

الاتّحاد السوفيتي أوقع بأمريكا أذلَّ هزيمة في تاريخها من خلال فيتنام، فيما أمريكا والغرب لم يكتفوا بهزيمة السوفييت في أفغانستان، بل إن تلك الهزيمة كانت تتويجاً لانهيار وتفتُّت الاتّحاد السوفيتي، وهذه الدولة العظمى تعاملت مع تفتيتها كأمر واقع دون أن تستعملَ السلاح النووي وهي صاحبة الرؤوس الأكثر والمخزون الأكبر من هذا السلاح.

كلّ ما يجري الآن هو امتداد للحرب العالمية الثالثة بعد أن أعاد الروس النهوض وبناء القوة وبعد أن أصبحت الصين من القوى العالمية العظمى.

وكلّ القوى العظمى تخوض هذه الحرب ولا طرف منها يريد التدحرج إلى استعمال النووي، ولكن هل عدم التدحرج هذا مأمون ومضمون أم قد يأتي من خطأ قراءة وتقدير أَو في ارتفاع التوتر ووصول الأفعال وردود الأفعال إلى أعلى سقف من الانفعال؟..

من فرضية أن يحل بأمريكا ما حدث مع السوفييت فهل تقبل أمريكا بالأمر الواقع لأي تفتيت لها -كما السوفييت- أم ستسير إلى الخيار النووي؟

لعل “نتنياهو” الكيان الإسرائيلي المحتلّ هو أكثر من يدفع أمريكا إلى حرب إقليمية قد تصبح تلقائياً عالمية ولعله ينطلق من إمْكَانية الحرب على إيران وهزيمتها وربطاً بذلك إنهاء محور المقاومة وانتهاء القضية الفلسطينية بانتهاء المقاومة وتصبح “إسرائيل” هي الحاكم للمنطقة أَو المهيمن.

وإذا السوفييت لم يستعملوا النووي في ظل تفتيتِ دولتهم فلن يستعملوه هنا وبالتالي تتحقّق كُـلّ أهداف أمريكا و”إسرائيل” دون خوف أَو تخويف من استعمال السلاح النووي.

هذا ما يطرحه “نتنياهو” في تقديري على أمريكا، وأمريكا قد تتفق معه على استبعاد احتمالية تفعيل السلاح النووي، والسؤال الذي تطرحه أمريكا على نفسها قبل طرحه على نتنياهو: ما مدى قدرتها على تحقيق الانتصار وعدم التعرض لهزيمة كما حدث في فيتنام؟

ما يحدث في غزة وفلسطين وما يمارسه محور المقاومة من أفعال وأدوار يجعل انتصار أمريكا و”إسرائيل” على إيران ومحور المقاومة مستحيلاً أَو على الأقل شبه مستحيل، وبالتالي فَــإنَّ روسيا والصين يستحيل أن تترك المنطقة للهيمنة الأمريكية وربطاً بها “إسرائيل” وستدعم إيران ومحور المقاومة بكل ممكنات الانتصار على أمريكا و”إسرائيل” معاً دون حاجة لتفعيل أَو استعمال النووي في إطار هذا الاصطفاف الشرقي، وَإذَا اضطرت أَو سارت أمريكا لاستعمال هذا السلاح فتلقائياً سيرد عليها بذات السلاح؛ لأَنَّ الزمن تجاوز استعمال هذا السلاح من طرف واحد كما حدث في اليابان نهاية الحرب العالمية الثانية..

تابعوا حروب أمريكا وستجدون أنها لا تدخل بلداً كما العراق إلا بعد تدمير ثقله وبنيته العسكرية، وهي لذلك وبدون النووي يستحيل أن تنتصر على إيران ومحور المقاومة في ظل مد ومدد تسليحي روسي صيني بأكثر وأكبر وأقوى مما مدت به فيتنام من قبل السوفييت.

في ظل عدم تفعيل “النووي” فهزيمة أمريكا و”إسرائيل” في المنطقة هي الممكنة والأقرب للتحقّق..

يصبح المطلوب من روسيا والصين وحلفاء كما كوريا الشمالية هو مد إيران ومحور المقاومة بأحدث الأسلحة ومنع ولجم أمريكا -وحتى “إسرائيل”- من استعمال النووي وستصبح المنطقة فخاً لأمريكا بأسوأ من فيتنام وستتلقى هزيمة أكبر من هزيمة الاتّحاد السوفيتي.

ولذلك فأمريكا حين تمانع أَو تمتنع من السير في الخط الجنوني لـ”النتن” فذلك ليس؛ مِن أجلِ سلام أَو استقرار في العالم والمنطقة وليس إنسانياً، ولكنها تخاف من أقوى فخ تاريخي ينصب لها وتهرب من هزيمة حتمية وتاريخية كأنما باتت تراها بأم عينَيها.

من تابع تكرار التصفيق والوقوف المتكرّر لنتنياهو وخطابه في الكونجرس الأمريكي يدرك بداهة أن أمريكا النظام “جمهوري وديموقراطي” هي مع المجرم النتن ومع كُـلّ جرائمه ومع كُـلّ ما يطلبه ولا تحفظ لأمريكا النظام ولا رفض إلا لأن يدفعها هذا المجرم والإرهابي إلى هزيمة حتمية وتاريخية باتت تراها بأم عينَيها.

ولهذا فَــإنَّ زيارة “نتنياهو” بكل ما مورس من تهويل هي فاشلة وفشلت؛ لأَنَّ أمريكا تخاف هذه الهزيمة الحتمية والتاريخية في المنطقة وليس لأية سوقيات وتسويقات أمريكية أُخرى أَو لأية عوامل واعتبارات أُخرى.

بالمناسبة فهزيمة أمريكا تعني انتهاء الرأسمالية الحاكمة لأمريكا وهي بمثابة “ولاية الفقيه الأمريكية”، وكما انتهت الشيوعية بانهزام السوفييت والرأسمالية ترفض قيادة أَو انقياد أمريكا إلى هزيمة حتمية وتاريخية تنسف الرأسمالية ذاتها بأكثر مما تضر أمريكا كدولة وشعب في إطار الظاهر.

مطلب نتنياهو ليس النظام أَو الدولة الأمريكية بل إن الرأسمالية الحاكمة للنظام والدولة لا تتفق معه ولا توافق عليه، ولذلك فزيارة نتنياهو ليست استعراضية كما استعراضية الاعتداء على أهداف ومنشآت مدنية بحتة في الحديدة!!.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com