إسماعيلُ هنية شهيدُ الإسلام
ق. حسين بن محمد المهدي
لقد ارتقى فارس العرب وحليف القرآن وشهيد الإسلام، مَن حسنت مساعيه وطابت مراعيه، وعظم جهاده، وصح اجتهاده، الرجل القوي، والعلامة المجاهد الفذ التقي، ضياء الإسلام، وزينة الليالي والأيّام، المفكر الكبير، والسياسي الخطير، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خير العرب إسماعيل هنية شهيداً، ففاز بخيري الدنيا والآخرة، وعما قريب يبلغ الأمر حده، فيحمد في الأولى، ويشكر في الأُخرى.
وحسبنا وحسب أهله وذويه ومحبيه وأتباعه أن إسماعيل هنية فاز برضوان الله، وربح الحياة الدائمة، (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ).
أما والذي من فضله أخرج المرعى
وجازى بعدل كُـلّ نفس بما تسعى
لذكرك طيب في المواقف كلها
تفيح به نشرا ويملى به سمعى
هنيئا لك العمر الذي قد قطعته
وإن كان مكروها يعارضه طبعا
فهنيئاً لك إسماعيل الفوز بالشهادة والظفر بها، وأنت تؤدي واجبك وتسعى إلى إعلاء كلمة ربك، وإنقاذ شعبك من مهاوي الردى.
لقد تقحمت الصهيونية اليهودية بالإقدام على اغتيال إسماعيل هنية في طهران أودية الهلاك، وحلت بشعاب الموت.
لعمرك ما الليث الذي غدروا به
إذا جاء يوم الروع عنه يحيد
ولكنه غدر الخسيس صنيع مَن
تزيَّ بصهيون الخبيث عتيد
لقد كان إسماعيل ليثاً وفارساً
شجاعاً لأمجاد الرجال يَعُود
إلى لبوة الحرب التي عقمت لدى
سواه وأضحت منه وهي ولود
فلا تفرحوا إن نلتموا منه غرة
تسوق بكم نحو الردى وتقود
فتجني به صهيون سوء فعالها
تجرعه كالسم وهو صديد
وإن تحسبوها ديدناً لصنيعكم
فأُخرى بكم فيها الرجال تعيد
فتلك الأعادي يا بن بطحاء غزة
غزتكم قرود بالقبيح ترود
فدتك جيوش يا فلسطين ضحوة
ومدتك من عون الإله جنود
وفاضت عيون الناس حتى كأنها
عيون لهم مما تفيض وقود
وقود لصاروخ أتى الكفر عنوة
فأحرقهم بالنار وهو حديد
ولا غرابةَ مما حدث؛ فالصهيونية اليهودية جبلت على الغدر، واستمرأت سفك الدماء، مغترة بتشجيع الصهيونية اليهودية في أمريكا وأُورُوبا لها.
فحينما تعدت المدنية في أُورُوبا وأمريكا حدودها الطبيعية وخرجت عن طورها الإنساني، فَــإنَّها تكون قد نسيت القيم كليًّا، وكفرت بها صراحة وعلناً، وتغافلت عن كُـلّ غاية نبيلة، ومقصد شريف، وعن كُـلّ واقع وحقيقة غير إشباع رغباتها وأهوائها، لا يردعها رادع أخلاقي ولا وازع قانوني، وهي بذلك تكون قد وضعت أَسَاساً لتفسخها وانحلالها؛ فهي تعيش لحظة رهيبة من الاحتضار، هي لم تعد تحسب لعواقب المغامرات أي حساب، وكأنها قد أيست من استمرار الحياة.
أما الشعب الفلسطيني المظلوم وأحرار الأُمَّــة الإسلامية وأسودها من أنصار الله وحزبه فَــإنَّها لا تزيدهم أمثال هذه الحوادث إلا قوة وعزة وتكاتفاً وشجاعة وإقداماً وتلاحماً ووحدة.
إن الرجال العظماء يموتون مغدور بهم ولا يزيد أمتهم ذلك إلا قوة وصلابة وشجاعة وإصراراً على الجهاد والتمسك بالمبادئ.
وهذا الإمام علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- قتل شهيداً مغدوراً به، ولم يزد ذلك أتباعه وأحفاده وأمته إلا قوة وعزيمة؛ مِن أجلِ إمضاء ما كان عليه الشهيد وشيعته وأتباعه، ها هم يملؤون الدنيا.
لقد عانقت روح الإمام علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- وأرواح المهاجرين والأنصار السماء فصاروا خالدين متأسين بهدي خاتم النبيين.
وها هي روح إسماعيل هنية تعانق هذه الأرواح الطاهرة وتبعث في الناس العزيمة والباس والتحضر للجهاد؛ مِن أجلِ تحرير فلسطين ورفع راية الإسلام وإعلاء كلمة الرحمن.
لقد كان شهيد الإسلام شهيد الأقصى أنموذجاً حياً وعلماً يقتدى به، لقد كان عالماً وزاهداً وعابداً ومقاتلاً وداعياً إلى الله وصريحاً وحكيماً وسياسيًّا وإدارياً فطناً، أدار حماس بروح المسلم الصادق الذي لا يواد من حاد الله ورسوله (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَو أبناءهُمْ أَو إِخْوانَهُمْ أَو عَشِيرَتَهُمْ أُولئك كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئك حِزْبُ اللَّـهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).
تعازينا الحارة لحركة حماس وللشعب الفلسطيني الأبي ولقائد المسيرة القرآنية السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- ومحور المقاومة والمجاهدين في هذا المصاب الذي سيجمع المسلمين ويحفز على الجهاد، نسأل الله لأهل الفقيد الصبر والسلوان وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).