المشهد العام لـ (طوفان الأقصى) في أسبوع: محورُ المقاومة يتأهَّبُ للرد والتحالف الصهيوأمريكي يستنفر.
المسيرة | خاص
شهد الأسبوعُ الفائتُ تصعيدًا كَبيراً، لكيانِ العدوّ الصهيوني في جبهة غزة وجبهات الإسناد في لبنان، اليمن، والعراق فضلاً عن إيران.
وأظهر هذا التصعيد وحدة جبهات المقاومة وتصميمها على مواجهة العدوّ الصهيوني وداعميه، كما تُشير التطورات الميدانية إلى أنّ المواجهة مع العدوّ قد تنتقل إلى مرحلةٍ جديدة من التصعيد، فيما يبقى الموقف الدولي مُتخاذلاً إزاء جرائم العدوّ، حَيثُ أعادت أمريكا تأكيد دعمها المطلق للكيان الصهيوني دون تغيير.
وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة، بناء على طلب إيران وتأييد الجزائر وروسيا والصين، لمناقشة التطورات وتداعيات عملية الاغتيال الصهيونية الجبانة، إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا منعت مشروع بيان لمجلس الأمن اقترحته روسيا حول اغتيال “هنية”.
مشهد الطوفان في الأسبوع الـ46:
شهدت الجبهات الأَسَاسية لمحور المقاومة خلال الأسبوع المنصرم، الكثير من الوقائع الميدانية منها ما هو في غزة، حَيثُ واصل العدوّ الصهيوني عدوانه على غزة في أسبوعه السادس والأربعين، مرتكبًا مجازرَ مروّعة بحقّ المدنيين، وواصل الحصار ومنع دخول المساعدات، مما أَدَّى إلى تفشي فيروس شلل الأطفال ونقص حاد في المواد الغذائية.
كما استمرت فصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية بالصمود والتصدي، مُلحقةً بالعدوّ خسائر فادحة وتمكّنت في عددٍ من العمليات من تدمير دبابات ومركبات عسكرية، كما تقصف على مدار الساعة مواقع قيادية وتجمعات للعدو في مواقع متفرقة بالصواريخ وقذائف الهاون.
الضفة الغربية المحتلّة:
شهدت الضفة المحتلّة تصاعدًا في عمليات إطلاق النار ضدّ العدوّ، من أبرزها، عملية “عزون”، حَيثُ أصابت مجموعة من المُقاومين جنود إسرائيليين في عملية إطلاق نار قرب بلدة “عزون” شرقي “قلقيلية”.
ونفذت كتائب القسام عمليتي إطلاق نار في مدينة الخليل، الأولى أصابت مستوطنًا متطرفًا قرب مستوطنة “كريات أربعة” والثانية استهدفت قوة صهيونية قرب المسجد الإبراهيمي.
في لبنان:
شنّ العدوّ الصهيوني عدوانًا جويًّا على “حارة حريك” في الضاحية الجنوبية لبيروت، مستهدفًا مبنى سكنيًّا، مما تسبب بارتقاء 7 شهداء و85 جريحًا، واستشهاد القائد الجهادي الكبير في حزب الله السيد “فؤاد علي شكر” المعروف بـ “الحاج محسن” كما قصف سلاح جو ومسيرات ومدفعية العدوّ القرى الجنوبية اللبنانية بشدّة.
وردّ حزب الله على العدوان على القرى الجنوبية المستهدفة بقصف مواقع ومستوطنات العدوّ في شمال فلسطين بصواريخ كاتيوشا ومدفعية، وبطائرات مسيّرة انقضاضية، مُدمّـرا مواقع وتحصينات ودبابات وتجهيزات تجسسية مستحدثة.
وأعلن أمين عام حزب الله سماحة السيد “حسن نصر الله” أن الحزب “سيرد حتماً وبقوة وسيدرسُ الرد المناسب على اغتيال “السيد محسن”، مؤكّـداً أنّ “مقام الردّ هو الميدان”.
في العراق:
شنّت طائرات أمريكية عدوانًا على مواقعَ تابعة للحشد الشعبي في “جرف النصر”، وأعلنت مصادر عسكرية أمريكية أن تلك الغارات هي محاولة لإسكات المقاومة العراقية المسؤولة عن الاستهدافات المتكرّرة لقواعدها في العراق وسوريا.
واستهدفت المقاومة قواعد أمريكية في العراق وسوريا بصواريخ وطائرات مسيّرة في رسالة تحذيرية للأمريكي كما أعلن قادة المقاومة العراقية استعدادهم للدخول في مواجهة مباشرة مع العدوّ الصهيوني إلى جانب حزب الله إذَا ما توسعت الحرب.
في الجمهورية الإسلامية:
وفي تجاوز خطير للخطوط الحمراء، واستهتاراً منه بسيادة الدول، نفّذ العدوّ الصهيوني عملية اغتيال في العاصمة طهران مستهدفًا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنيّة”.
وأعلنت القيادة الإيرانية أنّ الثأر لدماء “هنيّة” من واجب إيران، مُؤكّـدةً أنّ “جريمة اغتيال ضيفها في قلب عاصمتها ستُواجه برد قاسٍ”.
ورأى محللون أن هذه العمليات تُظهر وحدة جبهات المقاومة وتصميمها على مواجهة العدوّ الصهيوني وداعميه بكلّ قوّة وبأس، وسيُحدّد رد محور المقاومة مسار المُواجهة في المرحلة المُقبلة، مع ترقُّبٍ لِما ستؤولُ إليه الأمور على صعيد الوضع الدوليّ والموقف العربيّ.
قراءة في عمليات الاغتيال الأخيرة:
تمثّل عملياتُ اغتيال القائد “إسماعيل هنيّة” في طهران، والقائد “فؤاد شكر السيد محسن” في الضاحية الجنوبية لبيروت، واستهداف الحشد الشعبي في “جرف النصر” بالعراق تصعيدًا خطيرًا غير مسبوق، ونُقطة تحوّل خطيرة في مسار المُواجهة بين محور المقاومة والعدوّ الصهيونيّ وداعميه، والتي يسعى العدوّ جر أمريكا وبعض الدول الغربية لدخول المعركة.
وفيما ستُحدّد ردود أفعال محور المقاومة في الفترة المُقبلة مسار هذا التصعيد وعواقبه على المنطقة بأكملها، والعالم بأسره.
توجّـه هذه العمليات رسالة تهديد واضحة لجميع أطراف محور المقاومة، وتُظهِرُ استعداد العدوّ الصهيونيّ وداعميه للذهاب بعيدًا في استهداف القيادات والكوادر العسكرية والسياسية في كُـلّ ساحة.
ويهدف العدوّ من خلال هذه العمليات إلى إضعاف المقاومة في فلسطين وإلى تحييد دور جبهات الإسناد في لبنان، العراق، واليمن كما يسعى إلى نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار في المنطقة لصرف الأنظار عن جرائمه في غزة والضفة.
وبحسب مراقبين، قد يُؤدي اغتيال “هنيّة والسيد محسن” واستهداف الحشد الشعبي إلى توسيع رقعة المواجهة بشكلٍ خطير، وقد تدفع هذه العمليات إلى دخول مباشر لإيران والعراق في المواجهة المسلحة مع العدوّ الصهيوني.
ورغم خطورة هذه العمليات، إلا أنها لن تُحقّق أهداف العدوّ في فك مسارات جبهات الإسناد عن غزة، فضلاً عن إضعاف تماسك محور المقاومة، بل ستزيد من عزمها وتصميمها على المواجهة ورفع مستوى المواجهة على المستوى الاستراتيجي والثأر على المستوى التكتيكي.
التقدير العام:
وفق المعطيات الميدانية، من المُتوقّع أن يُواجه محور المقاومة هذه العمليات برد قاس ومؤلم، وقد تكون هناك عمليات نوعية في الداخل الإسرائيليّ وضدّ المصالح الأمريكية في المنطقة.
وتؤكّـد مراكزُ بحثية عالمية، أنّ المواجهة مع الكيان الصهيوني ستشهد تصعيدًا غير مسبوق في الفترة القادمة، لا سِـيَّـما مع وعد حزب الله بالردّ على اغتيال “السيد محسن” وتصميم اليمن وإيران على الثأر لاغتيال القائد “هنيّة”.
ومن المُحتمل أن يتزامن ذلك في الفترة المقبلة، مع دخول أطراف جديدة في ساحة القتال وتوسيع نطاق العمليات العسكرية.
وقد تؤدّي هذه العمليات إلى تحوّل في معادلة الصراع، مع إضعافٍ لدور أمريكا في المنطقة وتراجع لنفوذها وهيبتها.
التعليقاتُ الإسرائيلية والأمريكية على اغتيال “هنية وشكر”:
اختلفت التعليقات الإسرائيلية والأمريكية حول اغتيال القائدين “هنيّة وشكر”، بين التشفي والتبرير والتحذير من تداعيات العملية، واعتُبر اغتيال “هنيّة والسيد محسن” إنجازًا أمنيًّا كَبيراً وضربة قاصمة لحماس وحزب الله كما حاولت بعض الأوساط الإسرائيلية استغلال الحدث لتحريض الطائفة الدرزية في الجولان ضدّ حزب الله وإشعال الفتنة الطائفية.
سعت أوساط إسرائيلية إلى تبرير عملية الاغتيال بـ “الدفاع عن النفس، زاعمة أنّ “هنيّة والسيد محسن” كانا يخططان لهجمات إرهابية ضدّ “إسرائيل” كما أكّـدت على حقّ “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها بكلّ الوسائل المتاحة.
حذّرت أوساط إسرائيلية أُخرى من تداعيات عملية الاغتيال وإمْكَانية ردٍّ قاسٍ من قبل حزب الله وإيران كما عبّرت عن قلقها من توسّع نطاق المُواجهة ودخول المنطقة في حرب واسعة.
التعليقاتُ الأمريكية:
التزمت الإدارة الأمريكية الصمت بشكل مُلفت حول اغتيال “هنيّة والسيد محسن”، مكتفية بالتأكيد على علمها بالتقارير وأنّها ليس لديها المزيد لتقوله في هذا الصدد” ما يوحي بموافقة ضمنية على العملية وتغطية أمريكية للعدوان الإسرائيليّ.
في المقابل، أكّـدت الولايات المتحدة على دعمها الثابت لـ “إسرائيل” وحقّها في الدفاع عن نفسها” كما أشَارَت إلى أنّها ستُدافع عن “إسرائيل” إذَا ما تعرّضت لهجوم من قبل حزب الله أَو إيران يُؤكّـد ذلك على دور الأمريكي كشريك رئيسي للكيان الصهيونيّ في جرائمه وعدوانه.
وفي الوقت نفسه، حاولت أمريكا احتواء ردّ محور المقاومة، داعية إلى ضبط النفس وتجنّب التصعيد” كما أرسلت رسائل تحذيرية إلى إيران وحزب الله من مغبة الردّ على العدوان.
في الإطار؛ يؤكّـد مراقبون؛ من أن الموقف الإسرائيلي يعبر عن عقلية عدوانية واستهتار بالقانون الدوليّ، فيما يؤكّـد الموقف الأمريكي الشراكة المطلقة مع الكيان الصهيونيّ والتغطية على جرائمه.
كما يوحي صمت الإدارة الأمريكية وتأكيدها على دعم “إسرائيل” بأنّ الولايات المتحدة كانت على علم مُسبق بعملية الاغتيال وقد وافقت عليها.
ويُشير التناقض في التعليقات الإسرائيلية بين التشفي والتحذير إلى قلق إسرائيلي عميق من تداعيات العدوان وإمْكَانية ردٍّ قاسٍ من قبل محور المقاومة.
تقديرُ واستشرافُ محور المقاومة في الأسبوع القادم:
في الوقت الذي تراه مناسباً؛ من المُنتظر أن يُنفّذ محور المقاومة ردًّا قويًا ومؤلمًا على عمليات الاغتيال الأخيرة؛ بهَدفِ ردع العدوّ وإثبات قوّة المحور ووحدته، ومن المحتمل أن تكون الضربات متزامنة أَو متفرّقة وأن تستهدف مواقع ومنشآت حيوية داخل الكيان الصهيونيّ وقواعد أمريكية في المنطقة.
ووفقاً لمراكز بحثية، ستشهد ساحات المواجهة توحيدًا غير مسبوق بين غزة والضفة ولبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران، في مواجهة مشتركة لحلف العدوان، وستركز عمليات المقاومة على أهداف استراتيجية لإلحاق أكبر قدر من الضرر بالعدوّ وتغيير معادلة الصراع.
كما أن المقاومة الفلسطينية ستواصل صمودها وتصديها للعدوان، مستهدفة مواقع وتجمعات العدوّ بكافة الوسائل المتاحة، ومن المتوقّع أن تُوسّع المقاومة نطاق عملياتها لتشمل مستوطنات جديدة في غلاف غزة ومواقع عسكرية في الداخل الإسرائيلي.
وبدورها؛ ستشهد الضفة الغربية المحتلّة تصعيدًا في المواجهات الشعبيّة وعمليات المقاومة المُسلحة ضدّ العدوّ والمستوطنين، ومن المحتمل أن تُنفّذ المقاومة عمليات نوعية ضدّ أهداف عسكرية استيطانية فيها.
أما في لبنان؛ وفيها سيكون التركيز على ترقب ردّ حزب الله على اغتيال “السيد محسن” ومن المتوقّع أن يكون الردّ قويًّا ومفاجئًا وأن يُحدث صدمة للعدوّ.
وفي سوريا؛ من الممكن أن تشهد سوريا تصعيدًا عسكريًّا محتملًا في حال توسّع نطاق العدوان الإسرائيليّ، وستُؤكّـد على دعمها لمحور المقاومة واستعدادها لمواجهة أي عدوان.
وفي العراق؛ ستواصل المقاومة العراقية استهداف المصالح الأمريكية في العراق وسوريا إلى حين انسحاب القوات الأمريكية من البلاد، وستُعزّز التنسيق مع بقية أعضاء محور المقاومة لتوجيه ضربات مُشتركة لحلف العدوان.
وفي اليمن؛ ستُواصل القوات المسلحة اليمنية عملياتها المُساندة للمقاومة الفلسطينية وردّها على العدوان الإسرائيلي الأمريكي البريطاني، ومن المُحتمل أن تُنفّذ اليمن عمليات جديدة ضدّ الكيان الصهيونيّ في إطار الردّ على العدوان وإسناد غزة، والثأر للقائد “هنية”.
وفي إيران؛ من المتوقع أن إيران ستُنفّذ ردًّا قويًّا على اغتيال “إسماعيل هنيّة”، ومن المرجّح أن تستهدف مواقع ومنشآت صهيونية وأمريكية في المنطقة، وستُؤكّـد على دعمها الكامل لمحور المقاومة واستعدادها لمواجهة أي عدوان.
حلف العدوان (أمريكا، بريطانيا، فرنسا، الكيان الصهيوني، وعرب التطبيع):
من المُتوقّع أن تشهد المنطقة تصعيدًا وتوتّرًا كَبيراً في الفترة المُقبلة، مع استمرار العدوان على غزة وتصاعد العمليات العسكرية بين محور المقاومة وحلف العدوان، وستزداد حدّة التوتر في العلاقات الدولية، مع اتّهامات متبادلة بين الدول وإمْكَانية فرض عقوبات جديدة.
وبحسب مراقبين، فَــإنَّ دعوة “باريس” رعاياها في إيران إلى المغادرة في أقرب وقت، يعكس أنهُ من المُرجّح أن تفشل المساعي الدبلوماسية في احتواء التصعيد وإحلال السلام في المنطقة، وتمسّك العدوّ بعدوانه واستعداد محور المقاومة للردّ.
وعليه؛ يبدو أنّ الأسبوع القادم سيكون حاسمًا في مسار المواجهة بين محور المقاومة وحلف العدوان “الصهيوأمريكي”، وستُحدّد ردود أفعال الطرفين في الأيّام المقبلة مصير المنطقة بأكملها وعواقب هذا التصعيد على المنطقة وعلى الصعيد الدولي برمته.