لأول مرة منذ 7 أشهر.. صواريخُ المقاومة تصلُ إلى أكثر من 50 كم
المسيرة | خاص
تواصلُ فصائلُ الجهاد والمقاومة الفلسطينية في غزة التصدِّيَ للتوغلات والهجمات الصهيونية، وترد على جرائمها بالرشقات الصاروخية إلى قلب الكيان، رغم مرور 303 أَيَّـام على معركة (طوفان الأقصى) البطولية.
وعلى مدى عشرة أشهر؛ يواصلُ جيشُ كيان الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين في قطاع غزة؛ ما أَدَّى إلى سقوط المزيد من الشهداء والمصابين، في حين يعترف رئيس أركان جيش كيان الاحتلال “هيلفي” بصعوبة تفكيك المقاومة في غزة.
فشلُ القبة الحديدية في التصدِّي لصواريخ المقاومة:
وذكرت إذاعة جيش الاحتلال، أنّ بلدية “أسدود” أمرت بفتح الملاجئ في جميع أنحاء المدينة، وأظهرت المشاهد المتداولة لحظة هروب مستوطنين وعسكريين إسرائيليين إلى الملاجئ مع انطلاق رشقة صاروخية من قطاع غزّة.
وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن اندلاع حريق كبير في قاعدة “بالماخيم” الجوية العسكرية، والتي تبعد عن قطاع غزة قرابة 45 كلم شمالاً، من جرّاء الرشقة الصاروخية المُنطلقة من القطاع.
وذكرت القناةُ “الـ 13” الإسرائيلية، أنّ “5 صواريخ على الأقل سقطت بشكلٍ مباشر على مستوطنة “جان يافنه” وخلّفت أضراراً قرب أسدود بعد فشل القبة الحديدية في التصدي لها، بالإضافة إلى سقوط صاروخ في منطقة عسقلان”.
وقالت قناة “كان” الإسرائيلية: إنّه “لأول مرة منذ 7 أشهر أطلقت اليوم من جنوبي قطاع غزة رشقة صواريخ نحو منطقة “غان يفنه” ومحيطها، شرقي أسدود”.
وبحسب مراقبين، فَــإنَّ صواريخ المقاومة التي أطلقت في اتّجاه مستوطنات غلاف غزّة وصلت إلى مدى يزيد على 45 كيلومتراً؛ ما يعكس قدرة المقاومة على الصمود، فهذا الاستمرار يشير إلى أن المقاومة لا تزال تحتفظ بقدراتها العسكرية واللوجستية، رغم الضغوط الكبيرة والهجمات المكثّـفة.
كما أن هذه الرشقات لها تأثير نفسي كبير على الجانب الإسرائيلي، حَيثُ تثير القلق والخوف بين السكان وتضغط على الحكومة الإسرائيلية لاتِّخاذ إجراءات إضافية، واستمرار إطلاق الصواريخ؛ ما يعني أن المقاومة ترسل رسالة واضحة بأنها لن تتراجع أَو تستسلم، وأنها مستعدة لمواصلة القتال مهما طال الزمن.
ويرى محللون أن هذه الرشقات تعكس تصميم المقاومة على مواصلة القتال وتحدي الظروف الصعبة رغم الحصار والتدمير المُستمرّ للبنية التحتية؛ إذ تمكّنت المقاومة من الحفاظ على خطوط إمدَادها وتأمين وسائل إطلاق الصواريخ، كما أنها تستخدم تكتيكات متطورة لإطلاق الصواريخ، بما في ذلك استخدام منصات متحَرّكة وأنفاق لإخفاء مواقع الإطلاق؛ مما يصعب على جيش الاحتلال تحديد وتدمير هذه المواقع.
بدورها؛ اعتبرت وسائل إعلام عبرية في تغطيتها بأنه “حدث خطير وغير المسبوق” وأن استمرار وصول الصواريخ يضع ضغطًا كَبيراً على الجبهة الداخلية في “إسرائيل”، حَيثُ يتعين على السكان البقاء في الملاجئ لفترات طويلة؛ مما يؤثر على الحياة اليومية والاقتصاد.
وذكرت أن السكان في المناطق المستهدفة باتوا يعيشون تحت ضغط نفسي كبير؛ بسَببِ صافرات الإنذار المُستمرّة والاضطرار إلى البقاء في الملاجئ لفترات طويلة؛ ما يزيد من مستويات القلق والتوتر، إضافة إلى أن الهجمات الصاروخية تؤدي إلى تعطيل الأعمال والمدارس والخدمات العامة؛ مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي، وباتت الشركات تتكبد خسائر؛ بسَببِ الإغلاق المؤقت، والعمالة تتأثر نتيجة عدم القدرة على الذهاب إلى العمل.
ومع تزايد التحديات الأمنية داخل الكيان، مثل فشل منظومة القبة الحديدية، في رصد وتدمير صواريخ المقاومة، يتزايد التأثير السياسي، بتزايد الضغط الداخلي على الحكومة الإسرائيلية؛ فالمستوطنون يريدون الأمان ويطالبون باتِّخاذ إجراءات أكثر حزمًا لوقف الهجمات؛ ما سيؤثر على طبيعة القرارات السياسية ويزيد من تعقيد الوضع.
فلسطينياً؛ يمكن أن تؤدي هذه الهجمات إلى تعزيز التضامن المجتمعي بين الفلسطينيين، حَيثُ يتعاونون لدعم بعضهم البعض في مواجهة التحديات، كما أنها تعزز الدعم الشعبي للمقاومة داخل غزة، ويرى الكثيرون في هذه الهجمات وسيلة للدفاع عن النفس والرد على العدوان الإسرائيلي المُستمرّ.
عُمُـومًا؛ استمرار إطلاق الصواريخ من المقاومة يفرض تحديات أمنية كبيرة على قوات الكيان، حَيثُ يتعين عليها تعزيز دفاعاتها الجوية وتكثيف جهودها الاستخباراتية لرصد وتدمير منصات الإطلاق، وهذا يتطلب موارد مالية وبشرية كبيرة إضافية.
المشهدُ العام للعدوان على غزةَ لليوم 303 من حرب الإبادة:
في اليوم الـ303 من حرب الإبادة الجماعية على غزة، تستمر العمليات العسكرية الصهيونية بشكلٍ مكثّـف، حَيثُ استهدف جيش الاحتلال مناطق مختلفة في قطاع غزة، بما في ذلك “حي الزيتون” جنوبي مدينة غزة؛ ما أَدَّى إلى ارتقاء شهداء وجرحى.
وقصف عدة منازل في مناطق مختلفة، منها منزل لعائلة “العامودي” شمالي غرب مخيم “جباليا”، ومنزل لعائلة “الحسنات” غربي “دير البلح”؛ مما أسفر عن سقوط شهداء بينهم أطفال.
كما تعرض مستشفى “شهداء الأقصى” في “دير البلح” لقصف إسرائيلي؛ مما أَدَّى إلى سقوط شهداء وجرحى بين النازحين داخل المستشفى.
واستهدفت الغارات الإسرائيلية البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه؛ مما أَدَّى إلى انقطاع الخدمات الأَسَاسية عن العديد من المناطق في القطاع؛ ما زاد الأوضاع الإنسانية سوءًا مع استمرار القصف، حَيثُ يعاني السكان من نقص في المواد الغذائية والأدوية، بالإضافة إلى تزايد أعداد النازحين الذين يبحثون عن مأوى آمن.
في المقابل؛ هناك محاولات دولية لوقف إطلاق النار، حَيثُ تجري مفاوضات بين الأطراف المعنية بوساطة دولية، ولكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتّفاق نهائي.
وشهدت عدة مدن في العالم تظاهرات واحتجاجات تضامنية مع غزة، تطالب بوقف العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن القطاع.
تفاصيل الموقف الميداني والعملياتي:
خلال الـ24 الساعة الماضية، استمرت الاشتباكات بين أبطال الجهاد والمقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال في مناطق مختلفة من القطاع، مع تسجيل إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين.
شهدت غزة الأحد، تحَرّكات برية مكثّـفة من قبل جيش الاحتلال، حَيثُ حاولت القوات الإسرائيلية التقدم في عدة مناطق داخل القطاع، ووقعت اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية والمقاومة في مناطق مثل “رفح” و”بيت حانون”، واستخدمت المقاومة قذائف مضادة للدروع لاستهداف الآليات الإسرائيلية.
وحاولت القوات الصهيونية التوغل في أحياء سكنية مثل “الشجاعية” و”تل الهوى”، لكنها واجهت مقاومة شديدة من الفصائل الفلسطينية، مع تواصل القصف المدفعي والجوي على مناطق مختلفة من القطاع؛ مما أَدَّى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين وتدمير البنية التحتية.
وتكبد جيش الكيان خسائر في صفوفه؛ نتيجة الاشتباكات المُستمرّة وفقًا للتقارير، تم تسجيل إصابات بين الجنود الإسرائيليين نتيجة الاشتباكات العنيفة في مناطق “رفح وبيت حانون”، حَيثُ استخدمت المقاومة قذائف مضادة للدروع.
كما تمكّنت المقاومة الفلسطينية من تدمير عدد من الآليات العسكرية الإسرائيلية باستخدام العبوات الناسفة والقذائف المضادة للدروع، وهناك تقارير مؤكّـدة عن سقوط قتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، ولكن لم يتم الإعلان عن أرقام دقيقة حتى الآن.
في السياق؛ كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية في تقرير نشر الأحد، أن ما لا يقل عن 10 آلاف جندي إسرائيلي قد قُتلوا أَو جرحوا خلال أشهر القتال الطويلة في قطاع غزة، وفقاً لبيانات قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
ورغم عدم تحديد الصحيفة الإسرائيلية للعدد الدقيق للقتلى والجرحى، فقد أشَارَت إلى أن نحو 1000 جندي جديد ينضمون شهرياً إلى مركز التأهيل التابع للوزارة.
وبالنتيجة؛ وخلافاً عما سيواجه الكيان من جبهات الإسناد؛ فالمواجهات الحالية في غزة تعكس تصعيدًا خطيرًا في الصراع الصهيوني الفلسطيني، وما استخدامُ المقاومة للرشقات الصاروخية وتكتيكات حرب العصابات، وسلاح الأنفاق والقذائف المضادة للدروع، لمواجهة التفوق العسكري الإسرائيلي، إلا جزء يسير لمنع قوات الاحتلال تحقيق أي تقدم أَو نصر؛ لأَنَّ هدفها إلحاق الهزيمة بالكيان.