لن يَمُـــرُّوا
حميد دلهام
لا شك أن مصابَ الأُمَّــة جللٌ في فقد قادة عظماء، وَرؤوس كبيرة وَوازنة في ميدان المعركة المشتعلة مع العدوّ الصهيوني المتغطرس ومن يقف في خندقه.. قادة عظماء إجلاء أفذاذ بحجم الشهيد القائد إسماعيل هنية، والشهيد القائد الميداني الشجاع الحاج فؤاد شكر.. هذا بلا شك ولا ريب أمر محزن وحدث مؤلم جِـدًّا.. فخسارة الأُمَّــة في رحيل هؤلاء القادة وفي هذه الظروف الاستثنائية، والمرحلة الدقيقة، وَالمفصلية التي تمر بها الأُمَّــة في معركتها المتواصلة ضد الأعداء.. بالتأكيد ستكون خسارة فادحة، وَترقى إلى مستوى المصيبة والقرح التي عبر عنها القرآن الكريم في قوله عز من قائل: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيّام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَـمَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِـمِينَ) هذا أمر مسلم به، وأمر لا جدال فيه، ولكن أُمَّـة دينها الإسلام، ونبيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكتابها القرآن، وقادتها سفن نجاة وأعلام هدى، أُمَّـة بهذا التوصيف بالتأكيد لم ولن تسقط أَو تخسر المعركة.. ولن تعرف الهزيمة إليها سبيلاً، والتاريخ مليء بالشواهد والأدلة الكثيرة على ذلك..
فهذا رسول الله -صلى عليه وآله وسلم- والمسلمون معه، أصابهم ما أصابهم في معركة أحد، حَيثُ استشهد الكثير من خيار الصحابة -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-، في مقدمتهم عم النبي الكريم حمزة بن عبدالمطلب، أسد الله وَأسد رسوله، وغيره من خيار الصحابة بلغوا حدود السبعين، كما جرح رسول الله وشج وجهه الكريم، وَبلغت المصيبة والكرب بالمسلمين حداً لا يطاق، وأُصيبوا بغم عظيم.
ومع ذلك لم يهزم الإسلام، ولم تركع الأُمَّــة أَو تستكين.. فقد كانت الإجَابَة حاضرة وبقوة وحزم على قائد الشر وناطقه الرسمي وممثله الأول في تلك المعركة، عندما اعتلى إحدى الصخرات المرتفعة، ونادى بأعلى الصوت.. (اُعْـلُ هبل) فقد أجابه صوت الإسلام وبأمر رسول الله (بل الله أعلى وأجل).. ثم تمادى وحدّد موعدًا للقاء على أرض بدر من العام القادم، فأجابه ناطق رسول الله.. أن نعم فليكن موعدنا.
وفي اليوم التالي رغم القرح والألم والتعب، حدثت غزوة حمراء الأسد، ونهضت الأُمَّــة من جديد لتعلن البقاء، بل والنصر والظفر على أعدائها بما حقّقه المسلمون من نصر مؤزر ضد اليهود بعد غزوة أحد.. وكذلك وفاء نبينا الكريم بوعده وحضر أرض بدر لملاقاة أعداء الدين والملة حينها، ولكنهم جبنوا وتخلفوا عن موعدهم..
هذا يؤكّـد وغيره من شواهد التاريخ أننا أُمَّـة لا نستكين ولا ننهزم، وإن أصابنا قرح، أَو حقّق العدوّ بعض أهدافه، وقتل بعض قادتنا، فالشهادة في سبيل الله أسمى الأمنيات وَأعلى الغايات، ولا فرق في ذلك بين قائد وَفرد عادي، كما أن سقوط مثل هؤلاء الرموز في أرض المعركة، سيزيدها وقوداً واشتعالاً، وسيرفع السقف لدى محور المقاومة، وهو ما سمعناه ولمسناه من كُـلّ تصريحات وخطابات وتأكيدات قادة المحور بأن الحرب قد دخلت مرحلة جديدة، وأن العدوّ الغاشم فتح على نفسه من أبواب الشر والانتقام ورد الفعل الغاضب، ما لا يتوقعه أَو يدور بخلده.
أمر آخر.. لم ولن يستطيع العدوّ إخفاءه مهما حاول التجلد، وهو أن ذلك العدوّ الأرعن المتغطرس بات مديناً لكل عواصم اتِّخاذ القرار في محور المقاومة، وأن رد الصاع صاعين هو الخيار القائم والمطروح، بل وَالمعلن وبنبرة قوية في كُـلّ ما صدر من قادة المحور وكلّ من عاصمته الجريحة..
بالتأكيد الرد قادم.. وقادم لا محالة.. فماذا لو تم الردُّ بشكل منسق وموحَّد في آن واحد.. ألا تكون الضربة قاضية ساحقة ماحقة، وماذا لو تم رفع السقف إلى أقصى حَــدٍّ ممكن.. وتم تجاوز أية خطوط حمر تمنع استهداف أي مكان في كيان العدوّ الغاصب الظالم، واستهداف أي رأس ولو كان رأس نتنياهو وكلّ قادته ووزرائه.. فقد يحقّق الله المراد.. ولنتذكر قول ربنا العزير العظيم: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) صدق الله العظيم.