ردُّ محور المقاومة.. وبيانُ أمريكا لكَبْحِه
مطهر الأشموري
أصدرت أمريكا بياناً للتفاوُضِ حول العدوان على غزة، وكالعادة أشركت مصرَ وقطرَ في التوقيع على عليه ليصبحَ بياناً ثلاثياً أَو مُعَروباً كالعادة.
كُلُّ المبادرات الأمريكية الغامِضة والمطاطية عادةً ما تجدُ مَن يتفاءلُ بها، وهذه المرة كأنما المطروحُ هو وقفُ العدوان والحصار على غزة مقابل عدم الرد من قبل محور المقاومة على جرائم واعتداءات “إسرائيل” في اليمن ولبنان وإيران وتنفيذ اغتيالات سياسية، كما حدث مع القائد “هنية”.
شخصيًّا لم أعُد أصدِّقُ ولا أثقُ بأية مبادرة أمريكية وإن تم عوربتها بما تسمى وساطاتٍ ووسطاءَ.
مُجَـرّدُ الإعادة والعودة إلى عنوان مفاوضات وتفاوض فذلك يبقي واقعَ مماطَلة وتعطيل أمريكا و”إسرائيل” وإن كان ما يُطرَحُ سياسيًّا وإعلامياً غير ذلك.
إذن الموضوعُ هو دفعُ محور المقاومة لعدمِ الرد فليس من طريق لذلك غير الوقف الفوري للعدوان والحصار والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من غزة، أمَّا في حالة الوضع والموضوع للتفاوُض فــ أمريكا تريدُ فقط منعَ رد محور المقاومة أَو تأجيلَه لأطول فترة؛ بما يمكِّنُها من خلخلته أَو تفريغه من جوهره، فيما يواصل المجرم والإرهابي “نتنياهو” عدوانَه واعتداءاته واغتيالاته.
عندما نتحدَّثُ عن تفاوض فنحن نتحدثُ عن اتّفاقٍ يحتاجُ إلى مراحلَ للتنفيذ وبزمنٍ أطولَ وسيكونُ الانتظارُ لمجيء الرد يستهلكه إن لم يهلكه، وهذا هو ما تعملُه أمريكا وهو ما تريده إسرائيل “النتن”.
الأفضلُ لمحور المقاومة الاستفادةُ من مأثورٍ في التعاطي العربي “نحتفظ بحق الرد”؛ لأَنَّ عدمَ الرد بقرارٍ من محور المقاومة هو أفضلُ من منعنا أمريكيًّا من الردِّ بمثل هذه الألعاب والألاعيب.
لعل تعجبي واستغرابي يكمنُ في التساؤل حول مَا إذَا كان محور المقاومة أَو أي طرف ما يزالُ لديه ثقةٌ بأمريكا بأي سقف بناءً على وعد أمريكي شفهي ويراد الوصول لتحقيق هذا الوعد بالتفاوض.
أعرف أن قرارَ التفاوض من عدمه هو حقٌّ للفلسطينيين وهو قرارٌ فلسطيني، ولكن الرد على إجرام وإرهاب نتنياهو والكيان هو حقٌّ وقرارٌ لكامل محور المقاومة، وبالتالي فـــ ربطُ الرد بتفاوُضٍ ومفاوضات وزمن ومراحل تنفيذ هو خطيئة وليس مُجَـرّد خطأ.
أمريكا عليها وقفُ العدوان والحصار على غزة وانسحابُ الجيش الصهيوني بالكامل من غزةَ كشرط لعدم الرد، وبدون تحقّق ذلك فلا علاقة لمحور المقاومة وحقها في رد عاجل ـ وغير آجِل ـ بالقرار الفلسطيني في التفاوض أَو عدم التفاوض.
أعرفُ بداهة أن محورَ المقاومة لم يرحِّبْ بالبيان الأمريكي وأنه لم يقبل أَو يوافقْ على ربط ردِّ محور المقاومة بتفاوض ومفاوضات وزمن ومراحل تنفيذ… إلخ.
ومع ذلك فمحور المقاومة لا يكفيه كُـلُّ هذا في ظلِّ حملة إعلامية واسعة أَو هي الأوسعُ تربطُ الردَّ بوقفِ العدوان والحصار ومِن ثَمَّ تربط الرد بمفاوضات وباتّفاق قد يوصل إليه أَو لا يوصل ثم بزمن ومراحلَ لتنفيذ الاتّفاق.
الصمتُ وعدمُ نفي محور المقاومة لهذا الربط يتعاملُ معه المتلقي والمتابعُ بمقولة أَو حكمة أن “الصمتَ علامة الرضا”؛ ولأنَّنا اعتدنا من محور المقاومة وضوحَ الوضوح ومصداقيةً فوق أي تشكيك فنحن نريدُ من محور المقاومة تبديدَ الشكوك وإزالةَ أي لَبْسٍ أَو التباس.
إنني كمتابِعٍ أَو صحفي لا أنطلقُ في التعاطي لا من بيانٍ أمريكيٍّ ولا من وسائل إعلام غربية ولا حتى من وسائل إعلام عربية باتت في الصهينة “عبريةً” أكثر من العبريين.
المعروفُ عن محورِ المقاومة هو وضعُ النقاط على الحروفٍ فيما تستحقُّه وقفاتٌ أَو مواقفُ، وكل ما يحتاج إليه هو موقف محور المقاومة ليس من البيان الأمريكي “المُعَورب” ولكن بربط ردِّ المحور على جرائم الكيان بتفاوُضٍ قد يطولُ وبمراحلِ تنفيذٍ أطولَ، فهل من حَقِّ مثلي أن يطالبَ نفياً من محور المقاومة على الأقل؛ باعتبَار أن عدمَ النفي هو البوابة لالتباسات وشكوكٍ!