فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ
بشرى المؤيد
إن الغرور والكبر وَالعنجهية لا تقود الإنسان إلا إلى الهاوية والغرق، هم ظنوا أنهم حين تخلصوا من القادة الفلسطينيين واحداً بعد الآخر وآخرهم القائد -إسماعيل هنية- سيحدثون ارتباكاً، قلقلة، شتات فيما بينهم، إحباط معنوياتهم ومعنويات قواعدهم؛ لكن سارت الأمور بما لا تشتهي سفنهم وأنفسهم؛ فقد كان وقع إعلان -يحيى السنوار- قائداً جديدًا لحركة حماس صفعة حقيقية في وجوههم، وصاعقة أربكت كيانهم ووجودهم، وخيبة أمل حلت بهم؛ لأَنَّ القائد الجديد يحمل من العنفوان والشجاعة والتصميم والإرادَة ما تجعلهم يخافون مما سيقدم عليه ويحل بهم.
لقد تفاجأ الصهاينة بهذا الإعلان الحكيم كأنه زلزال جعلهم صرعى، متخبطون، مندهشون؛ فما كان يخيفهم أصبح حقيقة ماثلة أمام أعينهم، يصارعهم بتصريحاته القوية، يكفيهم هذا التصريح الذي قال فيه: “سنجعل نتنياهو يندم ويلعن اليوم الذي ولد فيه” فهم قلقون ومتوجسون ماذا سيعمل بهم؟ ماذا يخبئ لهم من مفاجآت جعلتها تنزع نومهم، وأمانهم، واستقرارهم؛ لقد أصبحوا في رعب حقيقي يلازمهم، معنويات هابطة إلى أدنى مستوى، نفسيات مدمّـرة جِـدًّا، أرق مستديم يجعلهم يتعاطون المهدئات والمنومات بشكل جنوني، يتبولون على أنفسهم، يعيشون كالجرذان في البدرومات والأنفاق، مصالحهم كلها معطلة وَأعمالهم موقفة، محاصرون اقتصاديًّا، يعيشون في عزلة تامة، ضجرون، متذمرون على حكومتهم؛ هكذا نشاهد ونسمع ما يقولون في إعلامهم وكما يصرحون هم بأنفسهم أن حياتهم أصبحت شبه راكدة.
أصبحوا يعيشون في جحيم وقلق دائم ينظرون إلى ساعاتهم كُـلّ خمس دقائق متى سيضرب محور المقاومة؟ أين ستكون الضربة؟ وماذا سيحل بهم؟ وصدق قوله تعالى: {إِن تَكُونُوا تَألَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ، وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُون}.
لماذا انتظار المؤمن يختلف عن انتظار الكافر؟
انتظارهم فيه مرارة، فيه عذاب نفسي مؤلم، فيه ترقب مخيف؛ لأَنَّهم أوغلوا في سفك دماء الأبرياء من الناس، أوغلوا في الإجرام، أوغلوا في تماديهم على أوامر الله وهذه كلها جرفتهم إلى العصيان ومخالفة أوامر الله ونواهيه فأصبحوا هم والشيطان في طريق واحد.
بينما انتظار المؤمنين هو انتظار لفرج الله ونصرهم العظيم الموعودون به في القرآن العظيم، امتثلوا لأوامر الله ونواهيه، استشعروا برقابة الله لهم في كُـلّ أعمالهم، جسَّدوا معنى العبودية للخالق، انطلقوا متحَرّكين بهدى الله لميدان العمل؛ فهم ينتظرون جزاءهم بالخير من الله ومن خزائنه الواسعة التي تفتح لهم أبواب خير الدنيا والآخرة فجزاؤه لهم كريم عظيم مهيب.
لقد كانت نشوة فرحتهم مؤقتة وانقلب غرور عدوانهم إلى نقمة، إلى كابوس يلازمهم، إلى سد مظلم وطريق مسدود ليس له منفذ؛ ونتيجة هذه الغطرسة خربوا بيوتهم بأنفسهم كما قال أحد متحديثهم في التلفزيون “نحن نخرب بيوتنا بأنفسنا كما ذكر القرآن الكريم” وهكذا ينقلب عليهم سحرهم، وتنقلب عليهم مكائدهم، وينقلب عليهم مكرهم، وَتنقلب أَيْـضاً خططهم بأسوأ مما عملوا؛ لأَنَّ ملك الملوك رب السموات والأرض فوقهم ويعلم بما توسوس به نفوسهم “اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ”.
فهذه الدماء التي سفكوها من دون سبب هي التي ستكون سبب هزيمتهم.
{فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ} صدق الله العلي العظيم.