ماذا بعدَ اغتيال هنية وكشف سوءَتكم يا عرب؟!
د. نجيب علي مَنَّاع
أحداثٌ دامية، كلماتٌ مرعبة، وحقيقةٌ مؤلمةٌ تتجلَّى في اغتيال إسماعيل هنية، رمز من رموز المقاومة الفلسطينية، ليس مُجَـرّدَ حدثٍ عابرٍ، بل هو بمثابةِ صرخة مدوية تُذكِّرُنا بِعِظمِ الفاجعة التي نعيشُها.
يا عربُ، إنّ هذه اللحظةَ تُشكِّلُ نقطةَ تحوّل حاسمةً في تاريخنا. لا يمكنُنا أن نُغمِضَ أعينَنا عن الحقيقة؛ صور غارقة في الدماء، أطفال ينزفون، ودموع تُسيلها النساء.
كُـلُّ هذا يُؤكّـد لنا أنّ “إسرائيل” لا تفهمُ إلا لُغةَ القوة. إنّهم ينتهكون كُـلَّ القوانين والمبادئ الإنسانية، ويتعاملون مع الشعب الفلسطيني بوحشية تُذكِّرُنا بأبشعِ صورِ الاستعمار!
ولكن، يا عرب، ماذا بعد؟! هل سنستمرُّ في انتظار “الحلول السلمية” التي لم تُجْدِ نفعًا طيلةَ عقود؟ هل سنستمرُّ في التخاذل والنوم في عِزِّ هذه الأحداث المُروِّعة؟ ألا نُدرِكَ أنّ “الكيانَ الغاصبَ” لا تعترفُ بِقِيَمِنا ومبادئنا ولا حتى بسيادتِنا على دولنا؟
إنّ مسؤوليتَنا مُلقاةٌ على عواتقنا، لا يمكنُنا أن نُصبِحُ سُكّانًا مُستكينين في ظِلِّ الظلم. لن نُصبِحَ عبيدًا لِقِوى الاستعمار، ولن نُصبحَ شهودًا صامتين على فاجعةِ الشعب الفلسطيني.
إنّ اغتيالَ هنية هو بمثابة نُذُرٌ تحذِّرُنا مِن أنّ “الكيانَ” لن يتردّدَ في استهدافِ أيِّ رمزٍ من رموز المقاومة، ولن يرجعَ عن أي عملٍ شنيعٍ لتحقيقِ أهدافه.
يجبُ علينا أن نُعيدَ النظرَ في سياساتنا، وأنّ نُحوّلَ غضبَنا إلى قوةٍ مُتحدّةٍ تُهدّدُ “الكيانَ الغاصبَ” بقوةٍ مُسانِدةٍ للشعب الفلسطيني. لن يُمكنَنا الفوزُ بِحربِنا إلا بالإيمان الحقيقي وبالوَحدةِ والتضامن، وبالدعمِ الكامل للمقاومة الفلسطينية.
يجبُ علينا أن نُدرِكَ أنّ “إسرائيلَ” ليست إلا كيانٌ هَـــشٌّ، وأنّها لن تُحترِمَ إلا بِقِوى الردّ. إنّها “دولةٌ” تُمارِسُ الإرهابَ والإبادةَ المُنظَّمَة، وتُحاوِلُ أن تُخضِعَ العالَمَ بِأكمله لِأفكارهَا المُتطرفة.
وإلى جميعِ العرب والمسلمين، أقولُها بصوتٍ عالٍ: إنَّ هذه اللحظةَ تُشكِّلُ اختبارا حقيقيًّا لِعَزيمَتِنا. إنّنا مُطالَبون أن نُصبحَ قوىً فاعلةً في مسانَدةِ الشعب الفلسطيني، ونُحوِّلَ حزنَنا وغضبَنا إلى قوةٍ فاعلةٍ تُحرّرُ الشعبَ الفلسطيني من ربقة الاحتلال.
إنّها مسؤوليتُنا جميعاً أن نُصبحَ صوتًا للشعب الفلسطيني، وأن نُقدِّمَ الدعمَ الكاملَ للمقاومة الفلسطينية، وأنّ نُسلّطَ الضوءَ على جرائم “إسرائيل” أمام العالم. لن نُصبحَ شهودًا صامتين على الفاجعة، ولن نُسَامِحَ “الصهاينة” على جرائمهم المُستمرّة.
يا عرب، ماذا بعد اغتيال هنية؟ ماذا بعد كشف سوءتنا؟ هل سنستمر في التواطؤ والتخاذل؟ أم أنّنا سنتحَرّك بِقوةٍ مُتحدّةٍ للدفاع عن حقوقنا ومقدَّساتنا وكرامتنا؟ إنّ هذه اللحظة هي لحظةُ الحقيقة، وهي لحظةُ الاختيار بينَ القوة والكرامة، والإذلال والمهانة.