نصرةُ فلسطين واجبٌ إنساني وإسلامي
ق. حسين بن محمد المهدي
منذ أن وطأت أقدامُ الصهيونية أرضَ العرب والمسلمين وساسة العرب والمسلمين في سبات عميق، وكأنها أفاقت واستيقظت حينما حمل راية العروبة والإسلامية قائد المسيرة القرآنية السيد القائد الشهيد حسين بدرالدين الحوثي -رحمه الله-، وجدّد نشاطها ورفع مقامها قائد مخلص رباني باذلاً نفسه لخير الأُمَّــة الإسلامية والسعي لإنقاذ فلسطين من الخطر النازل بها، ألا وهو السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- الذي التف حوله رجال من أنصار الله من أبناء يمن الإيمان والحكمة، وكأن الله أراد للأُمَّـة الإسلامية أن تتدارك ما فاتها من تفريط في حق الشعب الفلسطيني بهذه القيادة المخلصة من بين زعماء الأُمَّــة.
فواقع البشرية اليوم يكشف أن الإسلام دينٌ يلامس أوتار القلوب فيغذيها برحيق الإيمان، ويمدها بعواطف الحب لله ولرسوله ولشريعته، ويغرس في النفوس احترام المثل الإنسانية والفضائل والأخلاق التي تستقيم بها الحياة، وأنه الذي يصنع البطولات التي تأنف الظلم، وتشيد بناء العدالة، ويتخطى العقبات التي تحول بين الإنسان وبين الصعود إلى سلم المجد، فيجدد للبشرية الحياة في ثوب قشيب.
أما اليهودية اليوم فقد كشف الواقع أنها عبارة عن مجموعة من طقوس لا روح فيها ولا حياة، فقد أثبتت أنها ديانة لا تحمل للعالم رسالة، ولا للأمم دعوة، ولا للإنسانية رحمة.
فهَـا هي اليوم تسفك الدماء وتنتهك الأعراض وتخرب الديار والمساجد على رؤوس المصلين على مرأى ومسمع من العالم.
وهذه صحف العهد القديم وتلمود بابل الذي يقدسه اليهود يزخر بنماذج غريبة تدل على خفة العقل، والتي تظهر الكثير من سخف القول، والاجتراء على الله، والعبث بالحقائق، والتلاعب بالدين والعقل، ويظهر مدى ما وصل إليه المجتمع اليهودي من الانحطاط العقلي، وفساد الذوق الديني، والقلق والاضطراب، والبحث في الكتب المقدسة عند اليهود خلت في الغالب الأعم عن ذكر الله كرب للعالمين ورب للكون؛ ولذلك فَــإنَّ البحث في سيرة نبي من أنبيائهم مثل (موسى) وَ(هارون) أَو (داوود) أَو (سليمان) عليهم السلام، فَــإنَّها خلت عن ذكر الله كرب للعالمين ورب للكون، وإنما تنظر إلى الله كرب لبني “إسرائيل” وإلَه بني “إسرائيل”، وكذلك ما جاء في تلمود بابل، وذلك ما يؤكّـد أنه ليس في قاموس اليهود في أية مرحلة رسالة رحمة ومساواة للجيل الإنساني كله من غير تمييز عنصري.
إن فساد حالة الصهيونية اليهودية الخلقية، والاجتماعية، والاقتصادية ماثل للعيان، شاهد ذلك: ما تقدم عليه اليهودية الصهيونية من ضلال وتدمير وإبادة للشعب الفلسطيني من قبل حكومة نتنياهو الجائرة ومن يساندها من أمريكا وأُورُوبا والتي ترتكب أبشع الجرائم وتقتل المسلمين ركعاً وسجداً، على مرأى ومسمع من العالم.
ومما يندى له الحبين تقاعس الكثير من أبناء الأُمَّــة الإسلامية عن نصرة شعب فلسطين، وكأنهم قد أصموا آذانهم عن قول الحق سبحانه وتعالى:(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالقرآن وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وقوله تعالى: (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
إن الإعراض عن منهج القرآن، والتخلي عن واجب الجهاد، والاسترسال مع الخرافات والأوهام والانغماس في الملذات ينبئ عن عدم الإحساس بما تقترفه اليهودية الصهيونية في فلسطين.
إنها بلادة حِسٍّ عند هؤلاء تعبر عن ذهولهم عن أنفسهم، وغفلتهم عن خالقهم ورازقهم ومكرمهم.
إنها عبادةُ المادة التي تؤدي إلى الغفلة عن انتهاك الحرمات، والتهرب من أداء الواجبات، والإصرار على عدم المساس بما عليه اليهود من ظلم اتباعاً للهوى والظنون الذي نعى القرآن على متبعيها في قوله تعالى: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأنفس) وقوله تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّـهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه).
فكيف يتوانى المسلمون في نصرة الشعب الفلسطيني المسلم، وقديما قيل: رُبَ جَهلٍ أنفع من حلم، وحرب أعود من سِلم؛ فمكروه تحلو ثمرته خير من محبوب تمر مغبته، وكيف لا يكون ذلك والقرآن يقول: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسرائيل عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) وقوله: (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ).
فمن استشار الناصح فيما ينويه واسترشد بالشرع فيما يأتيه خرج من ظلمة الحيرة، وسلم من الهم والحسرة، وخير من طلب الاسترشاد به والهداية منه كتاب الله الذي جاء فيه (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ).
إن المسيرة القرآنية ومحور المقاومة يجسد مبادئ القرآن الكريم ويحييها في الواقع العملي ويضرب مثلاً أعلى في نصرة دين الله وكتابه وشريعته
أما المتخاذلون من العرب فهم في تخبطهم وحيرتهم وتخاذلهم يمثلون أدنى مراتب الانحطاط!
أفلا ينصرون إخوة لهم في العروبة والإسلام في فلسطين ودماؤهم تجري أنهاراً، قتلهم اليهود ركعاً سجداً، والكثير من العرب والمسلمين في مراكز اللهو والترفيه عاكفين وعلى حصار اليمن جاثمين.
إن من شأن من يسوس شيئاً من أمور هذه الأُمَّــة أن يسوس نفسه قبل أتباعه وجنده، ويقهر هواه قبل أن يقهر سواه؛ فمن استغش الناصح استحسن القبيح.
فالبدار البدار إلى تصحيح الأوضاع، ومناصرة الشعب الفلسطيني وسرعة نهضة شعوب الأُمَّــة الإسلامية إلى ذلك قبل أن يشهد العالم مسخاً أَو خسفاً للمتخاذلين في هذه الأُمَّــة، (إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) والعذاب يكون على الكافرين والفاسقين (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ).
فهل يعي العرب المطبلون لـ “إسرائيل” والذين يحاولون التطبيع معها قبيح فعلهم، وكبير جرمهم، وتعاونهم على الإثم والعدوان، واعتدائهم على يمن الإيمان، وعدم انصياعهم للحق، ومسارعتهم إلى التوبة وإرجاع المظالم الذي اقترفوها في حق الشعب الفلسطيني وفي حق الشعب اليمني، ستعطي مبرّراً قوياً لتوجيه ضربات إليهم تقصم ظهورهم وتجعلهم عبرة لغيرهم.
فالله معز دينه، وناصر لدينه وكتابه (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.