يحيى السنوار.. ومنهم مَن ينتظر
زياد الحداء
المقاومة تعين يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي في قطاع غزة خلفًا للشهيد إسماعيل هنية، هذا القرار أثار قلقاً كَبيراً في الأوساط الصهيونية.
يحيى إبراهيم حسن السنوار قائد بارز في حركة المقاومة، شخصية مؤثرة في الصراع مع العدوّ الإسرائيلي؛ يعتبر السنوار من أكثر المجاهدين المطلوبين لدى الكيان، كان سجيناً لدى الكيان الصهيوني وتحرّر في صفقة جلعاد شاليط عام 2011م، معروف بصلابته وقوته في الحق وشدة بأسه وحنكته السياسية.
يعتبر تعيين السنوار تحديًا للعدو ومصدر قلق كبير، حَيثُ يعتبره الكثيرون رمزًا للمقاومة والصمود، ويعتبر بالنسبة لحكومة الكيان الصهيوني الغاصب صفعة مدوية فهي كانت تقدم اغتيالها للشهيد إسماعيل هنية في طهران صورة نصر ومخرج رمزي لها من هذه الحرب ولكنها فوجئت بنتائج لم تحسب حسابها ولم تخطر ببالها وكان حجم الغضب في الشارع الصهيوني كبيرة جِـدًّا فكتب كتابهم عن ما يسمونه بـ (عملية العار)، فهم يرون أن اختيار السنوار خلفاً لـ الشهيد إسماعيل هنية يُعَدّ مشكلة كبيرة عليهم، وأن هذه العملية لم تكن موفقة وتعكس انحطاط استراتيجي لدولة الكيان التي تبحث دائماً عما يرفع الهيبة واستعراض العضلات دون حساب العواقب؛ ويمكن ملاحظة قول الإعلام الإسرائيلي: (إن حماس اختارت أخطر رجل لقيادتها)، أي أخطر رجل على “إسرائيل” لنرى من خلال هذا حجم الخوف الذي لديهم من اختياره قائد الحركة.
“إسرائيل” تعتبر السنوار عقلًا مدبرًا لعملية (طوفان الأقصى) التي وقعت في 7 أُكتوبر، والتي أسفرت عن مقتل نحو 1500 مغتصب وأذلت الجيش الذي لا يُقهر وأهانته وفضحت زيف قوته المصطنعة، وتعتبره شخصية خطيرة جِـدًّا عليها خَاصَّة أنه معروف بميوله إلى سياسة الثبات والصمود على الحق والقدرة على ترويض العدوّ وامتصاص الصدمات واحتوائها والتماسك وتحين الفرص لتسديد ضربات قاصمة جِـدًّا كما حصل في 7 أُكتوبر، وهذا ما تخشاه “إسرائيل”، ويتسم برفضه القاطع لتقديم أية تنازلات للعدو، فهو يُعَدّ مفاوضًا صعبًا.
اختياره يدل على اتّجاه المقاومة في تعزيز قوتها السياسية والعسكرية وأنها اتخذت قرار الجهاد والكفاح لتحرير كافة أراضي فلسطين، ويمثل تحدياً كَبيراً لكيان العدوّ؛ فأسير الأمس الذي عاد بطوفان يغرق “إسرائيل” ويهدم سجونها بل ويأسر ويسجن السجان، هو القائد الآن والرجل الميت بالنسبة للعدو (كما يقول) تجد “إسرائيل” نفسها مجبرة على التفاوض معه كقائد بوجه قادتها الفاشلين الذين أرادوا صنع صورة نصر في هذه الجولة من الحرب بقتل قائد حركة المقاومة ليغطوا به عن فشلهم، وانحطاط استراتيجي يعانونه فجاء لهم بفشل أكبر منه، وهزيمة واضحة في الميدان فجلبوا على أنفسهم غضب المحور، كما أرادوا امتصاص غضب الشارع لديهم فثار ضدهم حنقاً على غباء تصرفاتهم فقد جلب لهم الويل في صورة المجاهد يحيى السنوار.
أرادوا ضرب المقاومة نفسياً فعادت الضربة إليهم؛ لأَنَّ العدوّ لا يفهم روحية الجهاد لدى هذه الأُمَّــة، هو كان يظن بقتله للقيادة أنه سينهي أمر المقاومة أَو يصنع أزمة بداخلها، وذلك؛ لأَنَّه لا يعرف أن هذه الأُمَّــة مشروع جهاد واستشهاد وأن القائد لا يسقط في ميدان الجهاد إلَّا وقد بنى من بعده أُمَّـة بأكملها، وأن كُـلّ الأفراد قادة في ميدان الجهاد فهم يتحَرّكون من منطلق واحد وعلى مبدأ واحد وفق هدى القرآن الكريم: (مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
ففي الإسلام ينتصر المجاهد بشهادته لنفسه وينتصر لأمته بما قدم لها في حياته، لكن المسيرة لا تتوقف باستشهاد شخص بعينه، بل تزداد وتيرة الجهاد وتشتعل النفوس بحب الجهاد ومواصلة السير في درب الشهداء عبر الأجيال حتى تحقيق النصر.