من رَضِيَها بجاره.. أمسَتْ في داره!
سند الصيادي
بات جليًّا حجمُ الخطيئة والكارثة التي يُحدِثُها التواطُؤُ والصمتُ والخِذلانُ العربي على واقع المشهد الفلسطيني؛ إذ يستغلُّ الكيانُ الصهيوني المتسلحُ بالولايات المتحدة هذه الحالةَ المخزية والمهينةَ ليمعنَ في التصعيد وَارتكابِ المزيد من جرائم الإبادة والقتل الجماعي للنساء والأطفال في غزة، وهو يعلمُ تماماً أن تلك الجرائمَ لا يمكنُ أن تنعكسَ بشكل ضاغط عليه وَعلى حالة العلاقة الدبلوماسية مع البلدان المطبِّعة على وجه التحديد.
كما أن هذه المواقف المتباينة -ما بين الحقد على المقاومة الفلسطينية والحق الفلسطيني وَما بين التغاضي عن كُـلّ ما يحدث- تزيد من طمأنته من أية مخاوفَ حول تحَرّكات عسكرية أَو سياسية أَو شعبيّة في محيطه الجغرافي.
إن من كوارث هذا التواطؤ والخِذلان والخيانة العربية للشعب الفلسطيني، في أنها تنعكس سلبًا على المواقف الأممية والدولية، وعلى وجه الخصوص المساندة للحق الفلسطيني والتي من الممكن أن تتقدم في مواقفها التصعيدية الضاغطة تجاه الكيان الصهيوني في حال رأت أن هناك التفافًا عربيًّا شعبيًّا ورسميًّا عريضًا مع القضية الفلسطينية يحفِّــزُها للانخراط في المشهد بشكل أكبرَ، وبما يفلح في وقف العدوان وَالمجازر والجرائم الوحشية وينجح في إدخَال المساعدات.
وبقدر ما للخيانة العربية هذا الأثرُ الكبير على واقع الصراع، فَــإنَّ دُخَانَها لن يتوقفَ عند حدود غزة وفلسطين، وعلى قاعدة المَثَلِ الشعبي اليمني المتداول: “من رَضِيها بجاره.. أمسَتْ في داره” سيشملُ الجغرافيا العربية والإسلامية عامة، وخُصُوصاً أنظمةَ تلك الدول التي تماهت مع الكيان وَفضَّلت أن تحافظَ على مصالحها عن الانتصار للقضية، لن يوفرها الكيان الصهيوني أَو يسقطها من قائمة الانتقام أَو من دائرة المخطّطات التوسعية الخبيثة.
وإذا ما اكتوت بالنار التي ساهمت في إشعالها بغزة أَو صمتت عنها، فَــإنَّها لن تكون جاهزة على كافة مستويات التحضير للمواجهة لإخمادها في الداخل، وَلن تلقى الإسنادَ الشعبي لها بناءً على خيانتها وفسادها.
وبطبيعة الحال هذه سنن الله، فالذين ارتضوا هذه الأنهار من الدماء لن يكونوا بمنأىً أَو بمعزِلٍ عن الانتقام الإلهي، وقد أثبتت الأحداثُ ومراحلُ الصراع مع العدوّ الصهيوني هذه الحقائق.
نفخرُ نحنُ في يمن المقاومة والإسناد إلى جانب دول وفصائل المحور أننا قمنا بواجبنا الديني والعروبي والأخوي والإنساني مع الأشقاء في فلسطينَ، ولا زلنا نُرَاكِمُ ونعزز هذا الإسناد على مختلف المجالات -قيادة وشعبًا وجيشًا- وجاهزون لمجابهته على مختلفِ مسارات الصراع.