اليوم الـ312 من الطوفان: مسارُ الأحداث بعد قصف “تل أبيب” بصواريخ “M90”

المسيرة | خاص

بوتيرةٍ أعلى وباستخدامِ استراتيجيات عسكرية متعددة؛ تواصلُ المقاوَمةُ الفلسطينية في غزةَ لليوم الـ312 لمعركة (طوفان الأقصى) البطولية، عملياتِها التكتيكيةَ المتناوِبةَ على الأرض؛ بهَدفِ إلزام جيش وحكومة كيان الاحتلال “تحت النار” بالقبول بشروط المقاومة.

في التفاصيل؛ وبناءً على تحليلِ أداء وتكتيكات فصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية ورد فعل العدوّ عليه، فَــإنَّ الوضعَ الميداني مفتوحٌ على أشد الاحتمالات ضراوةً طالما لم تلتجم أمريكا وحليفُها الصهيوني.

وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام-الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، الثلاثاء، أن مجاهديها قصفوا مدينة “تل أبيب” وضواحيها بصاروخين من طراز “M90”.

وأكّـدت القناةُ 13 الإسرائيلية أصواتَ انفجارات في “تل أبيب” ولفتت التقديراتُ إلى أن الأصواتَ تشيرُ إلى احتمالية إطلاق صاروخَينِ من غزة، فيما اعترف جيشُ الاحتلال بإطلاق صاروخين من قطاع غزة دون إطلاق صافرات الإنذار، وأكّـد أن أحدهما سقط مقابل منطقة “غوش دان”.

وبحسب مراقبين، فقصف تل أبيب بصاروخين من طراز “إم 90” في هذا التوقيت يعكسُ تصعيدًا كَبيراً في المعركة، وقالت كتائب القسام: إن هذا القصفَ جاء ردًّا على “المجازر الصهيونية بحق المدنيين في غزةَ”.

 

استهدافُ “تل أبيب” يحملُ عدةَ دلالات:

وفقاً للمعطيات؛ تسعى الفصائلُ الفلسطينية لإظهار قدرتها على الرد على الهجمات الإسرائيلية، وتأكيدها من خلال الضغط السياسي على الكيان والمجتمع الدولي للالتفات إلى الوضع الإنساني المتدهور في غزة، مع تأكيد قدرتها على الدفاع عن الشعب الفلسطيني.

ويؤكّـد خبراءُ عسكريون أن هذا النوعَ من الصواريخ يمتلك مدى وقدرةً تدميرية كبيرة؛ مما يعني أن المقاوَمةَ إرادَة إيصال رسالة قوية للكيان؛ لأَنَّ مثلَ هذه الهجمات تزيدُ من إدراكِ الشارع الصهيوني للخطر وخَاصَّة في “تل أبيب”، كما أنها تحفِّزُ جهودَ الوسطاء الدوليين في التوصُّل إلى تهدئة أَو وقف إطلاق النار، وَفْــقًا لشروط المقاومة.

ويشير الخبراءُ إلى أن الهجماتِ الصاروخيةَ المفاجئة التي تنفذها المقاومة تزيد من الضغط النفسي والجسدي على الجنود الصهاينة، الذين يواجهون تهديداتٍ مُستمرّة؛ إذ يتم نشرُ المزيد من الجنود في المناطق الحدودية والمستوطنات لحمايتها.

كما أن تعرُّضَ المدن والمغتصبات الصهيونية بشكلٍ متكرّر للقصف الصاروخي، يحرج القادة العسكريين وينفي ادعاءهم بتدمير قدرات المقاومة، ناهيك عن الأضرار في الممتلكات وإصابات بين المستوطنين الذين يعيشون في حالةٍ من القلق والخوف والترقب المُستمرّ، عند تفعيل صفارات الإنذار بشكلٍ متكرّر؛ مما يجبرُهم على اللجوء إلى الملاجئ فترات طويلة.

 

احتقانُ الداخل المحتلّ والحرب النفسية:

ومع احتقانِ الوضع الداخلي في فلسطين المحتلّة؛ إذ تشهَدُ المدنُ المحتلّة والمختلطة داخل الكيان موجةً جديدةً وعاليةً من الاحتجاجات والمواجهات مع شرطة الكيان، منها ما هو متعلِّقٌ بالحرب على غزة كالضغوط التي تمارسُها عوائلُ الأسرى على حكومة الكيان، ومنها ما هو متعلِّقٌ بحياة المستوطنين الصهاينة.

كما أن هناك ترجيحًا عاليًا بارتفاع العمليات العسكرية لمجاهدي المقاومة في الضفة المحتلّة ضد كيان الاحتلال، وازدياد الهجمات الفردية؛ وهو ما قد يدفع بالكيان إلى التورط بعمليات عسكرية فيها أَو إطلاق يد المستوطنين المسلحين مرة أُخرى؛ مما سيرفع مستوى الخطر والانفجار بنسبة عالية، قد تهدّد وجودَه.

وفي إطار الحرب النفسية التي تشنها المقاومةُ، على اعتبار أن الحكومة الصهيونية تتحمل المسؤولية الكاملة عن المجازر التي يرتكبها جيشها في غزة، وما يترتب عليها من ردات الفعل التي تؤثر على أرواح الأسرى الصهاينة لدى المقاومة.

أعلن الناطقُ العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، أن اثنينِ من المكلفين حراسة أسرى العدوّ أقدما على إطلاق النار على 3 أسرى؛ ما أَدَّى إلى مقتل أحدهم وإصابة أسيرتين بجروح خطيرة.

وأوضح أبو عبيدة في تصريح صحفي قائلًا: إنه “في حادثتينِ منفصلتينِ قام مجندان من المكلفين بحراسة أسرى العدوّ بإطلاق النار على أسير صهيوني وقتله على الفور بالإضافة إلى إصابة أسيرتَينِ بجراح خطيرة وتجري محاولات لإنقاذ حياتيهما”.

 

العوامِلُ التي قد تؤثِّــرُ على التطورات:

في الإطار؛ وخلال الـ24 الساعة الماضية، لا يزالُ الوضعُ في غزة متوتِّرًا ومعقَّدًا، وشهدت الأحياءُ الجنوبيةُ الشرقيةُ لمدينة غزة قصفًا مدفعيًّا كثيفًا من جيش الاحتلال، بالتزامُنِ مع محاولات توغل، بينما أعلنت المقاومة استهداف جنود وآليات إسرائيلية؛ ما أَدَّى إلى إصابات مباشرة.

كما تركزت هذه المواجهات على المناطق الحدودية الوسطى وخَاصَّة في قاطع عمليات “نتساريم”، وعلى محور خان يونس ورفح، الذي يشهد تسخيناً كَبيراً، مع احتمالية حدوث مواجهات ضارية خلال الساعات القادمة.

وبحسب مراقبين، يبدو أن الوضعَ مرشَّحٌ لمزيد من التصعيد في ظل غياب أية مؤشرات على تهدئة قريبة، كما أن المفاوضاتِ تواجهُ تحدياتٍ كبيرة، وهناك عدة نقاط خلافية تعرقل التوصل إلى اتّفاق شامل.

ونقلت “رويترز” عن مسؤول في حماس أنها تطالب الوسطاءَ الدوليين بتطبيق خطة لوقف إطلاق النار أعلنها الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في مايو الماضي، بدلًا عن الذهاب إلى جولات جديدة من المفاوضات.

عُمُـومًا؛ وبعد كُـلّ رشقة صاروخية على العمق الصهيوني نرى ضغوطًا دولية متزايدةً على كيان الاحتلال والفصائل الفلسطينية لوقف التصعيد والبحث عن حلول دائمة، هذه الضغوطُ قد تدفعُ الأطرافَ إلى تقديم تنازلات والبحث عن تسوية سلمية، ويمكن أن تلعبَ ردودُ الفعل الدولية على العدوان الإسرائيلي على غزة دورًا هامًّا في تحديد مسار الأحداث.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com