اليمنُ العظيمُ يُذِلُّ رأسَ الاستكبار العالمي
الشيخ الدكتور موسى الخلف*
الحمدُ لله والصلاةُ والسلامُ على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم.
أما بعد أحبتي الكرام سألني الكثيرُ من الناس عن حُبِّي لليمن وكثرة منشوراتي عن اليمن الحبيب وظهوري في قنواته الكريمة، والآن أُريدُ أن أُبيِّنَ سببَ وقوفي مع اليمن الغالي.
إنهُ وقوفُ كُـلّ شريفٍ أمام من ينصر المظلومين في غزة الحبيبة؛ فعِندما تخاذل البعض عن نصرتهم، لم يتركهم اليمن الغالي وعلى رأسهم قائد الثورة اليمنية السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، الغالي على قلوبنا جميعاً؛ فكان يُجسِّدُ بوقوفِهِ حديثَ رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم”، عندما قال: (المؤمنُ للمؤمن كالبُنيان يَشُـــدُّ بعضُه بعضًا).
وَأَيْـضاً قوله “صلى الله عليه وآله وسلم”: (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهِم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم كمَثَلِ الجَسَدِ الواحِدِ إذَا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهْرِ والحُمَّى).
فلم يكن اليمنُ الغالي ينسى إخوته في فلسطين، ولم ينسَ مبادئَ دينه الإسلامي وَوصية رسول الله بالمؤمنين، حتى لو دفع روحَه مقابل ذلك لم يكن يبالي؛ فعلى كُـلِّ عربيٍ ومُسلمٍ أن يكونَ مثلَ هذا الشعب الكريم المِقدام الشجاع المقاوم، واليوم ندعو اللهَ أن يفرِّجَ عنه ما أهمَّه وأغمَّه مِن حِقد الأعداء، أعداء الدين، والإنسانية، الاحتلالِ البريطاني والأمريكي ومن يساندهم من الخَوَنَةِ والمتخاذلين العرب المطبِّعين، الذين سمحوا للاحتلال بضرب صنعاء اليمن ومدنٍ أُخرى بالصواريخ والطائرات الحربية، وبعضُها انطلقت من قواعدَ موجودةٍ في بلدانهم العربية لِتزويد طائرات المعتدين بالوقود، وأتأسَّفُ على الدول التي تُسمَّى عربيةً والتي خذلت غزةَ العزة واليمن الحبيب.
إننا نتذكَّرُ الضرباتِ القويةَ في حرب عاصفة الحزم، التي كانت تتجاوز ٢٠٠ غارة في اليوم والليلة، ولم تؤثر على صمود الشعب اليمني، وإنّ الردَّ اليمني سيكون قاسياً، على كُـلّ مَن خذله أَو اعتدى عليه، فَــإنَّ رسول الله “صلى اللهُ عليه وآله وسلم” دعا لهذا البلد فقال: (اللَّهُمَّ بارِكْ لنا في شامِنا ويمنِنا).
اليمنُ هذا البلد الأبي ليس من الذين يحتفظون بحق الرد، وإن قائدَ هذا البلد إذَا قال فعل، وإنّ أهلَ اليمن عندما يقاتلون ويطلبون الشهادةَ أَو النَّصْرَ أتذكر قوله تعالى: (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [ النساء: 104]
ومعنى هذه الآية كما جاء في تفسيرها:
ولا تضعفوا في طلبِ عدوكم وقتالِه، إن تكونوا تتألمون من القتال وآثاره، فأعداؤكم كذلك يتألمون منه أشدَّ الألم، ومع ذلك لا يكفُّون عن قتالكم؛ فأنتم أولى بذلك منهم؛ لما ترجونه من الثواب والنصر والتأييد، وهم لا يرجون ذلك. وكان الله عليمًا بكل أحوالكم، حكيمًا في أمره وتدبيره.
ومهما وقف الاحتلالُ في وجه اليمن لن يردعَه عن تغيير وقفتِه معَ شعب فلسطين في غزة، بل يزيدهُ إصراراً على دحر هذا العدوّ الغاشم والغاصب والظالم ومَن معه مِنَ الخونة والمتخاذلين.
ونقف اليومَ وقفةَ إجلالٍ واحترامٍ وإكبارٍ لهذا الشعب اليمني الصامد الأبي، ونقولُ له: نحن معك لن نخذلك، ونسأل الله العلي الكريم أن ينصُرَك ويُعلِيَ كلمةَ الحق، ويَشُدَّ على أيديكم ويدحرَ عدوَّكم، إنّه كريمٌ مُجيبٌ، والحمدُ لله رب العالمين.
* باحِثٌ في الدراسات الإسلامية ومهتمٌّ بالشأن اليمني والقضية الفلسطينية والقضايا العربية والإسلامية