غزة.. بين الميدان والسياسة
دينا الرميمة
على النهج النازي يمضي الكيان الصهيوني ومن أمامه وخلفه أمريكا والغرب والتواطؤ العربي في حربه على غزة قتلًا وحصارًا وتجويعًا وتدميرًا؛ حتى لا تكاد تمر ساعة دون أن يكون فيها مجازرُ وضحايا، وبين لحظة وأُخرى يسقط شهيدٌ بل شهداء ويُدمَّـرُ منزلٌ ومسجدٌ ومنشأة ومأوى نازحين؛ ظنا منهم أنهم بالعنف سيُركِّعون غزة ويجعلها ترفع لهم راية الاستسلام التي ستعيد لهم هيبتهم من تحت أقدام قادة الطوفان!!
غير أن وحشيتهم تلك لم تزد غزة إلا ثباتًا وتشبُّثًا بهُويتها الفلسطينية تحت إلحاح الطموح بالنصر والتحرّر لمقاوميها الأبطال وأبنائها الذين تمكّنت قلوبهم من الاستحواذ على كُـلّ صبر العالمين فتحملوا كُـلّ المصائب التي يسقطها الصهاينة على رؤوسهم وقلوبهم.
كان هذا الثبات والتشبث بالأرض والحياة سبباً في تجرع الجيش الصهيوني أنكى الهزائم والخسائر المادية والبشرية والتشظي الكبير لكيانهم وشقاق وخلاف في أركان حكوماتهم.
ما جعل الصهاينة يؤمنون حَــدَّ اليقين أن وجودهم الذي صنعته لهم بريطانيا وحصَّنته حروبهم ضد العرب منذ ٦٧ بسياج منيع قد أوشك على الزوال وأن الحرب في غزة التي دخلت شهرها الحادي عشر قد أودت بهم إلى شفا جرف هار من العودة إلى سابق عهدهم من التيه والشتات في أصقاع الأرض كما كتب الله لهم.
وربما هم يدركون أن ذلك لم يكن لولا سياسات نتن ياهو المليئة بالأخطاء والتجاوزات والتي لا يهدف منها سوى الحفاظ على منصبه وحماية نفسه من قضبان سجن تنتظره ولأجل ذلك هم يكابدون هذه الحرب ويومًا بعد آخر يخسرون عددًا من الرهائن الصهاينة في غزة بصواريخ ورصاصات جيشهم الذي يقول إن الحرب هي لأجل استعادتهم!!
فشلٌ جعل نتن ياهو يزداد جنونًا ويتجرَّأُ على سفك دم القائد إسماعيل هنية ودم القائد فؤاد شكر، فكان عاقبة هذا الفعل رعب استوطن قلبه وقلوب المستوطنين من مغبة الرد الموعود من إيران ولبنان وأسكنهم جميعًا ملاجئ يقتلُهم فيها خوفهم من رد تأخر، كما يقتل اقتصادهم الذي هو بالأَسَاس يتهاوى يوماً بعد آخر إثر العمليات اليمنية المستهدفة له في عوارض البحار الثلاثة،
ومع أن أمريكا جلبت إليهم برجلها وخيلها وكل وسائل دفاعها لتحصنهم من الشر المحدق بهم من إيران والمحور المقاوم إلا أن ذلك لم يُثْنِ الكثير منهم من الهرب بنفسه من “إسرائيل” حاملًا لعناته على حكومة أودت بهم إلى مآلات غير معروفة العواقب.