ملخص المشهد الميداني لليوم الـ323 من الطوفان: عدوانٌ مُستمرٌّ وتوسُّعٌ إقليمي للحرب احتمالٌ قائم.. العدوُّ يهرُبُ إلى الأمام
المسيرة | خاص
تواصلُ فصائلُ الجهاد والمقاومة الفلسطينية التصدِّيَ لقوات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، وذلك لليوم الـ323 من ملحمة (طوفان الأقصى) البطولية، وخُصُوصاً في “دير البلح”، وسط القطاع.
في التفاصيل؛ وخلال الـ24 الساعة الماضية، شهدت معظمُ محاور القتال والاشتباك في غزة تصعيدًا كَبيراً؛ إذ تواصل الفرقة 252 في جيش الاحتلال منذ الجمعة، حملةً مركَّزةً في مدينة غزة وقربَ الممر وسط القطاع، ونفذت طائرات العدوّ أكثرَ من 98 غارة في رفح ادَّعى أنها “استهدفت مسلحين كانوا على مقرُبة من قواتنا ومستودع أسلحة في المنطقة”.
ومع تعقُّدِ المشهد القائم، نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية عن مسؤولين القول: إن “نتنياهو يقودُ إسرائيل إلى مفترق طريق خطير بين صفقة الرهائن أَو التصعيد، بعد أن أوصلها إلى أسوأ وضع استراتيجي لها على الإطلاق مع احتمال اندلاع حرب كبرى”، مؤكّـدين أن “إسرائيل ليس لها إطار زمني تعمل وفقه باستثناء احتمال دخول “ترامب” للبيت الأبيض”.
ملهاةُ التفاوض ومسلسلُ العبث الأمريكي:
في الإطار؛ قالت حركةُ حماس في بيانٍ لها السبت: إن “وفدَنا برئاسة خليل الحية سيصلُ القاهرةَ بدعوة من الوسطاء في مصرَ وقطر للاطلاع على نتائج المفاوضات الأخيرة”، وأكّـدت “جاهزيتنا لتنفيذ ما اتفق عليه ونطالب بالضغط على الاحتلال وإلزامه، ووقف تعطيل التوصل لاتّفاق”.
بدوره؛ ذكر متحدث “البيت الأبيض” في بيان أن “الرئيس الأمريكي ناقش في اتصال مع أمير قطر الحاجة الملحة إلى التوصل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في غزة”، مُضيفاً أنهما “ناقشا ضرورة التوصل لاتّفاق يتضمن تقديم الإغاثة المنقذة لحياة المدنيين في غزة”، وبحثا “مفاوضات القاهرة والجهود المبذولة لإزالة أية عقبات متبقية”.
وفي الوقت الذي تواصل فيه أمريكا ما يصفه مراقبون ومحللون بلعبة “ملهاة التفاوض والضحك على الذقون”، يواصل الاحتلال الصهيوني عدوانه على كافة الجبهات مستفيدًا من عامل الوقت الذي لم يكن ليتوفر له لولا العبث الأمريكي في مسلسل من حِيَلِ الطمأنة وقرب التوصل إلى اتّفاقات لوقف إطلاق النار في غزة، وأُخرى لمنع التصعيد وجر المنطقة لحرب إقليمية في المستفيد الأكبر من هذه اللُّعبة الأمريكية الكبرى هو نتنياهو وحكومة التطرف التي يقودها.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون أنّه يجب على الدول العربية المنخرطة في مسلسل التفاوض الأمريكي الذي لا ينتهي الانسحاب فورًا، وعدم منح نتنياهو المزيد من الوقت لتحقيق أهدافه في غطاء من الكذب الأمريكي المتواصل، وعدم الركون إلى فَخِّ الطمأنات الأمريكية التي كان من خلالها الاحتلال يجني المزيدَ من النقاط والمكاسب ويضربُ المزيدَ من الأهداف.
وبالتالي فإصرارُ الفصائل الفلسطينية السابق بعدم المشاركة في أية مفاوضات عبثية تتغيّر فيها الشروط، وَفْـقًا لأهواء وإرادَة “نتنياهو” بمباركة أمريكية، أكثرُ جدوى من مسلسل العبث الأمريكي المتواصل منذ أكثرَ من عشرة أشهر بلا طائل يحقّق مصالحَ الشعب الفلسطيني بوقف العدوان.
احتمالاتُ التوسع الإقليمي للحرب قائمة:
في السياق، تحدّثت وسائلُ إعلام إسرائيلية، في تقاريرَ، عن خلافات وانقسامات متزايدة بين المؤسّستين العسكرية والسياسية بشأن التوصل إلى اتّفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة.
وأشَارَت صحيفة “ماكور ريشون” إلى أنّ “مصير الحرب برمتها على المحك، وليس فقط مصير الأسرى”؛ فالمؤسّسة الأمنية والعسكرية “تريد وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار”، فيما معارضو الصفقة بأي ثمن، “تسلحوا هذا الأسبوع بتأكيدات إضافية لموقفهم”؛ إذ “لا يزالون على قناعة بأنّ وقف الحرب الآن سيكون كارثة”، و”يزدادون تعنّتاً كلما مر الوقت”.
في السياق، قال الصحافي في “ماكور ريشون”، “آري شافيت”: “نحن نقف على حافة الهاوية، وفي أية لحظة يمكن أن تتحول حرب إقليمية منخفضة الحدة إلى حرب إقليمية عالية الحدة لسنا مستعدين لها”.
وبحسب مراقبين، لا تزال “واشنطن” تروِّجُ لفرضية تقليص فجوات في المباحثات الأخيرة في القاهرة، بينما ثمة فروق كثيرة بالتفاهمات؛ إذ تواجه المفاوضاتُ تحدياتٍ كبيرةً، منها عدم الثقة بين الأطراف وتصاعد المجازر على الأرض، كما أن هناك ضغوطًا داخلية على القيادات السياسية داخل الكيان؛ ما يجعل التوصل إلى اتّفاق أكثرَ صعوبة.
ونقلت صحيفة “معاريف” العبرية عن اللواء احتياط “يتسحاق بريك” القول: إن “نتنياهو أخبرني أنه لا يوجد حَـلٌّ للأنفاق. وأتساءل عما يمكن فعله في فيلادلفيا”، وَأَضَـافَ، أنه “يخشى انهيار حكومته وهو يتصرف من منطلق شخصي لا وطني”، مؤكّـداً، أنه “يجب على إسرائيل اليوم أن تبادر إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن”.
وتأكيداً لمؤشرات التصعيد الإقليمي نقل موقع “أكسيوس” الأمريكي عن مصادر القول: إن “رئيس أركان الجيش الأمريكي يزور إسرائيل صباح الأحد، للتنسيق بشأن هجوم محتمل لإيران وحزب الله”، من جهتها نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن نائب رئيس الأركان الأمريكي السابق القول: “نحن منخرطون بحربين ونكافح لتوفير ذخائرَ ومعدات لحلفائنا”، يقصد “أوكرانيا وإسرائيل”.
في السياق ذاته؛ أكّـد وزير الخارجية الإيراني “عباس عراقجي”، أن “اعتداء الكيان الصهيوني على أمننا وسيادتنا لن يبقى دون رد”، وقال: “ردنا سيكون دقيقاً ومدروسًا ونأخذ جميعَ المسائل بعين الاعتبار”، موضحًا أن “انتقامَنا سيؤخَذُ في الوقت المناسب والطريقة المناسبة ولا تردُّدَ في هذا الأمر، ولن نقَعَ في الفخ الذي قد يكون نُصِبَ لنا”.
وبحسب المراقبين؛ في المشهد الحالي، ليست هناك نية أَو قناعة لدى الاحتلال والإدارة الأمريكية بوقف إطلاق النار في غزة، ولا ضغوط حقيقية عليهما لفعل ذلك، ولا بوادِرَ أَو مؤشراتٍ لشيءٍ مشابِهٍ؛ ما يعني أن العدوان مُستمرّ واحتمالات التوسع الإقليمي قائمة، وفي هذه الحالات، من يسارع بالضربة الأولى كانت له الأفضلية.
الموقفُ العملياتي للمقاومة لليوم الـ323 من المعركة:
في الأثناء؛ فجّرت كتائبُ الشهيد عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، حقل ألغام أُعدّ مسبقًا في عدد من آليات الاحتلال ومعداته الهندسية في منطقة المواقع العسكرية، شرقي “دير البلح”، وأعلن إعلام العدوّ، عن مصرع أحد جنوده خلال الكمين.
وبحسب مصادرَ محلية فقد شوهد هبوطُ الطيران المروحي الإسرائيلي؛ مِن أجلِ عمليات الإجلاء، كما استهدفت في المنطقة نفسها، ناقلة جند إسرائيليةً، بقذيفة “الياسين 105”.
بدورها، أطلقت كتائب شهداء الأقصى قذيفةً مضادةً للدروع على ناقلة جند إسرائيلية من نوع “نمر”، في حي “تل السلطان”، غربي رفح، جنوبي القطاع، محقّقةً إصابة مباشرة.
واستهدفت كتائب شهداء الأقصى تجمعات الاحتلال وآلياته في محور “نتساريم”، جنوبي غربي مدينة غزة، بصاروخين من نوع “107”، وقذائف “الهاون” من العيار الثقيل.
وفي عملية مشتركة، استهدفت “شهداء الأقصى” وألوية الناصر صلاح الدين، الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبيّة، تجمعات للقوات الإسرائيلية في شرقي دير البلح، بقذائف “الهاون” النظامي، عيار 60 ملم.
وفي عملية مشتركة أُخرى، استهدفت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، وكتائب الأنصار، مقر قيادة وسيطرة وخطوط إمدَاد تابعة للاحتلال في “نتساريم”، بقذائف “الهاون” من العيار الثقيل، للمرة الثانية خلال 48 ساعة.
وبينما تواصل المقاومةُ تكبيدَ قوات الاحتلال الخسائرَ الفادحة، أقرّ “الجيش الإسرائيلي”، الجمعة، بمقتل جندي برتبة عريف أول في الاحتياط، من كتيبة الاستطلاع 6310 التابعة للواء 16، في وسط قطاع غزة.
وأعلن عن إصابة 7 جنود آخرين كانوا مع القتيل، 4 منهم يعانون جروحاً خطيرة، وجاء هذا بالتزامن مع إعلان إذاعة جيش الاحتلال ارتفاع عدد الجنود القتلى إلى 695 منذ بداية الحرب، إلى جانب إصابة 4357، بينهم 645 إصاباتهم بليغة، و185 لا يزالون قيد العلاج.
إلى ذلك، أكّـدت القناة 14 العبرية، اختفاء إسرائيليَّين اثنَين دخلا “قلقيلية” شمالي الضفة الغربية المحتلّة لإصلاح سيارتهما، وقالت: إن “قواتِنا التي دخلت قلقيلية للبحث عن الإسرائيليين تعرَّضت لإطلاق النار ولم تعثر عليهما”.
وفي سياق منفصل، عَدَّ مراقبون قيامَ جنود صهاينة بحرق نُسَخٍ من القرآن الكريم خلال اقتحامهم وتدنيسهم مسجدَ “بني صالح” شمالي قطاع غزة، وقاموا بتوثيقِ جريمتهم النكراء ونشرها، يشيرُ بوضوح لسياسة إجرامية تديرُها حكومة الاحتلال، وتؤكّـد على طبيعة سلوك الكيان الفاشي تجاه هُوية الأُمَّــة ومقدساتها.
هذا وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة: إن “قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت 5 مجازرَ ضد العائلات في قطاع غزة خلال الـ48 الساعة الماضية”، وبيَّنت أن “حصيلةَ المجازر التي ارتكبها الاحتلالُ بلغت 69 شهيدًا وَ212 جريحًا، ممن وصلوا إلى المستشفيات”.
وأفَادت الصحة في غزة بارتفاع حصيلة حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على غزة منذ نحو 11 شهرًا إلى 40334 شهيدًا وَ93356 جريحًا.