الأمريكان والصهاينة.. ما بين فشل المفاوضات الجارية وحتمية المواجهة القادمة
عبدالجبار الغراب
صمتٌ عربي وإسلامي مقيت وتغاضٍ وتجاهل عالمي كبير وغير مسبوق لكل المجازر والجرائم المرتكبة بحق سكان قطاع غزة من قبل الكيان الإسرائيلي البغيض والتي لم يشهد التاريخُ الإنسانيُّ أن تعرض لها شعب لهكذا إبادة جماعية في منطقة جغرافية صغيرة واقعة في ظل الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 17 عاماً، وعلى مدى أكثر من (324) يوماً من الحرب الهمجية الإسرائيلية راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى أغلبهم من الأطفال والنساء.
الخسائر الفادحة التي تعرض لها الكيان الإسرائيلي من مختلف جبهات الإسناد الفلسطينية أخرجت قادتَه عن الصواب وارتكبوا بذلك الحماقات وأخذوا من الاغتيالات أوراقًا وبدائلَ لعرضها كنصر عجزوا عن تحقيقه على مدى عشرة أشهر، فخلقوا بذلك أوضاعا متصاعدة لتوسعة الحرب الإقليمية، لتضعهم حماقاتهم في شرود وتيهان كبير منتظرين الرد القادم والأكيد من محور المقاومة، ليعلنوا حالة الاستنفار الكامل وتتوافد مختلف القطع البحرية العسكرية الأمريكية والغربية للدفاع عنهم مما هو قادم وحتمي وأكيد للردود المحسومة القرار من قبل اليمن وإيران وحزب الله في لبنان.
احتمالات فشل المفاوضات الجارية واردة وإصرار كيان الاحتلال على بقاء قواته في محور (فيلادلفيا) يدخل في هذا الإطار وهو في الأصل تجاوُزٌ لمعاهدة السلام الإسرائيلية المصرية وهو ما يرفضه الجانب المصري ومن المنتظر أن يكون له رد حازم واضح، ليضع من خلالها الكيان الإسرائيلي نفسه بين مخاطر صعبة من خلال الردود الأكيدة لمحور المقاومة والتي تأخرت لإفساحها للمجال لخيار المفاوضات والتي تم الدعوة لها عقب تنفيذ الكيان لاغتيالاته الغادرة بحق إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية ببيروت، وقد يكون لها ملامحها لإنفراجة في طريق إنهاء الحرب على قطاع غزة قد تجنبهم ردًّا كَبيراً مزلزلًا واسعًا من قبل محور المقاومة وهم من وضعوا خيار عقد المفاوضات وإجراء صفقة تبادل للأسرى تخفيفًا للرد الحتمي المدروس إذَا ما تم إعلان وقف الحرب على قطاع غزة.
وضع كامل الأولويات في إطارها الصحيح من قبل محور المقاومة في إيقافها لنزيف الدماء الفلسطينية وإيقاف الحرب ورفع الحصار بالذهاب إلى عقد المفاوضات وإنجاحها وإتمام عقد صفقة لتبادل الأسرى تقود إلى إنهاء الحرب بصفة شاملة في قطاع غزة.
كلها مواضيع إسناد متواصلة وثابتة من قبل قوى المقاومة ومنذ يومها الأول لانطلاق معركة (طوفان الأقصى)، من خلالها تحقّقت نجاحات عسكرية شكلت أوراقاً ضاغطة للمقاومة الفلسطينية وهي تأكيدات كاملة لا جدال فيها للاستمرار يتوقف الدعم والإسناد بتوقف الحرب على قطاع غزة، وظهر واضحًا من خلال تأخير الردود العسكرية على الكيان الإسرائيلي الذي اخترق الخطوط الحمراء باغتياله للقادة للدراسة والنظر في تطورات المفاوضات وجعل الرد القادم في وقته المحدّد والمناسب.
فما بين فشل المفاوضات الجارية والردود الآتية من قبل محور المقاومة خيارات كلها خطيرة ستتصاعد أحداثها بوضوح إذَا ما كان للكيان الإسرائيلي مسارات متشعبة ودخوله في طرق غير واضحة المعالم من شأنها أن تقود لإشعال المنطقة ولحتمية المواجهة القادمة والتي ستحدّدها سير المحادثات الحالية وما سيترتب عليها من نتائج سواءً بنجاح المفاوضات وهو ما تسعى إليه المقاومة الفلسطينية أَو بفشلها وهي مساعٍ دائمة للصهاينة لإدخَال الأمريكان في حرب مباشرة مع إيران في المقام الأول.
أنظار العالم كله تتجه نحو الرد القادم لمحور المقاومة والتي تنتظر من جانبها لنجاح المفاوضات ولما يدور في دهاليزها من خفايا وأسرار أظهر من خلالها الصهاينة مراوغاتهم المتواصلة وإفشالهم لكل محاولات إيقاف الحرب في قطاع غزة، ليتضح التعمد الكبير للصهاينة لعرقلتهم إتمام عقد صفقة؛ لحسابات في أخذهم للوقت مكسبا قد يكون لتأخير الرد من وجهة نظرهم تخفيفًا للضغط عليهم، وهي وجهة نظر فاشلة؛ لعلمهم الواضح بقرار الرد الحاسم والوشيك، وما وصول قوات كبيرة من الأمريكان والغرب للدفاع عن “إسرائيل” من هجمات قادمة لمحور المقاومة إلَّا تأكيد للمخاوف المتنامية من إلحاق الرد المتوقع الخسائر الكبيرة في الكيان الإسرائيلي.