الردُّ العسكري المخطَّطُ آتٍ والجيش اليمني قوةٌ عسكرية فعالة
صالح القحم
تتوقف الأحداث الحالية في المنطقة على توضيحات السيد القائد بشأن الرد العسكري المخطّط.؛ إذ يُظهر تركيزه على التجهيزات والمسارات المخصصة للهجوم أن العمليات قد أُعدت بعناية. التوجيهات العسكرية تُظهر أن التأخير كان “تكتيكي بحت”، مما يعني أن القرارات الأَسَاسية قد حُسمت بالفعل، وأن العمليات أصبحت في الميدان. هذا ينفتح على أفق واسع من الاحتمالات، كما يُشير إلى أن الابتكار في تكتيكات الهجوم سيكون جزءاً رئيسيًّا من الخطط المقبلة.
يحمل الحديث عن التجهيزات والمسارات المخصصة أهميّة كبيرة في رسم معالم الهجوم المقبل. يُشير هذا إلى أن هناك أسلحة جديدة قد تُستخدم، أَو تكتيكات لم تُنَفَذْ من قبل. الاستعدادات لهذه العملية تضمن الوصول إلى العمق الاستراتيجي للعدو، مما يُحدث تأثيراً واضحًا ورادعاً. هذا يُبرز أهميّة التخطيط الدقيق والاعتماد على التكتيكات المتعددة لخلق عنصر المفاجأة.
الابتكار في استخدام الأسلحة وتكتيكات جديدة هو ما يميز المرحلة الحالية في الصراع. عملية “يافا” كانت خير مثال على ذلك، حَيثُ استخدمت القوات المسلحة اليمنية أساليب مُبتكرة أثارت تساؤلات حول قدرة العدوّ على التنبؤ بها. من خلال هذه العمليات، أن التقنيات الحديثة تلعب دوراً ملحوظاً في تعزيز قدرة الردع. هذا الابتكار هو ما يمنح القوات المسلحة اليمنية القدرة على تحقيق تفوق تكتيكي على الرغم من المحاولات المستميتة للعدو لفهم قدراتهم العسكرية.
تحدث عملية “يافا” عن نجاحات تكتيكية تضع العدوّ في موقف حرج. فقد أظهرت هذه العملية قدرة القوات المسلحة اليمنية على اختراق التحصينات الدفاعية للعدو؛ مما أَدَّى إلى ارتفاع مستوى القلق بين صفوفه. التأثير النفسي الناتج عن هذه العمليات يؤكّـد أن العدوّ ليس لديه السيطرة الكاملة على الوضع، وهو ما يحمل دلالات واضحة على فشل استراتيجياته السابقة. هذه العمليات تعزز من مكانة القوات اليمنية كقوة عسكرية فعالة وصعبة التنبؤ.
تعكس الاعترافات الرسمية من قادة البحرية الأمريكية صعوبة تحديد حجم وقدرات الترسانة اليمنية. يعتبر العديد منها “ثقب أسود” لا يمكن الحصول على معلومات دقيقة بشأنه. هذه التحديات على مستوى الاستخبارات تدل على الفرق بين الواقع المتعلق بالقدرات العسكرية وكيفية التعامل معها. إن عدم القدرة على تقييم الترسانة اليمنية سيزيد من إحباط العدوّ ويضعه في موضع الدفاع بدلاً من الهجوم.
في عالم يتسم بالتسابق المُستمرّ نحو تعزيز القدرات العسكرية والاستراتيجي، أصبح كسب حرب المعلومات أحد أبرز التحديات التي تواجه القوى العسكرية. في السياق اليمني، تمكّنت القوات المسلحة اليمنية من إحداث تغيير جذري في موازين القوة من خلال استراتيجيات مدروسة تسهم في إرباك العدوّ. وعلى الرغم من التهديدات المُستمرّة التي يطلقها العدوّ، فَــإنَّ هناك اعترافات رسمية تكشف عن حالة من الفوضى والارتباك في صفوف قواته. تلقي هذه الحالة الضوء على مدى تحدي انعدام المعلومات وعدم القدرة على استنتاج أحداث المستقبل.
تمتاز الحرب الحديثة بتزايد الاعتماد على المعلومات الاستخباراتية التي غالبًا ما تكون محورية في اتِّخاذ القرارات الاستراتيجية. هذا ما أشار إليه بعض قادة البحرية الأمريكية، الذين اعترفوا بانعدام المعلومات حول طبيعة وحجم الترسانة اليمنية. لقد وصف أحد القادة على متن حاملة الطائرات “آيزنهاور” الترسانة اليمنية بأنها “الثقب الأسود”، في إشارة إلى صعوبة الحصول على معلومات دقيقة حولها. هذا الاعتراف يعكس بشكل واضح حالة من العجز في القدرات الاستخباراتية للعدو، ويكشف عن إمْكَانية وقوعه في حيرة فيما يتعلق بمواجهة التهديدات المحتملة.
يساهم انعدام المعلومات الدقيقة في تشويه تحليلات العدوّ للأوضاع العسكرية في اليمن. فعندما تفتقر معلوماته إلى الشمولية، يصبح العدوّ عُرضة للتقديرات الخاطئة التي قد تؤدي إلى استنتاجات مضللة حول القدرات الحقيقية للقوات المسلحة اليمنية. المثير للاهتمام أن هذا الافتقار إلى المعلومات قد يزيد من درجة ارتباك العدوّ ويؤدي به إلى اتِّخاذ قرارات متعجلة وغير محسوبة. وفي هذا السياق، يعاني العدوّ من مشكلة أَسَاسية تتمثل في عدم القدرة على توقع حجم ونوع الردود المحتملة من الجانب اليمني.
تستخدم القوات المسلحة اليمنية استراتيجيات مدروسة للتضليل؛ بهَدفِ تعزيز مواقعها في ساحة المعركة. من خلال توجيه العدوّ نحو معلومات معينة، يمكن لقواتنا أن تخلق حالة من الارتباك وتوجّـه انتباههم بعيدًا عن الأهداف الحقيقية. هذا الأُسلُـوب يجعل من المستحيل على العدوّ الحصول على تقديرات دقيقة للموقف العسكري. نتيجة لذلك، يظل العدوّ عالقًا في فوضى من التحليلات التي قد تؤدي في النهاية إلى اتِّخاذ قرارات قاتلة.
في محاولة للتأثير على النفسية العامة، لجأ العدوّ إلى نشر تهديدات مبالغ فيها بشأن عواقب أي رد يمني. هذا الأُسلُـوب يعكس حالة من الخوف والقلق من القوة العسكرية اليمنية. فقد تم تداول تقارير عبر وسائل الإعلام توضح أن العدوّ يعتبر مناطق معينة في اليمن أهدافا محتملة، مما يدل على عدم الثقة في قدرته على مواجهة الردود المتوقعة. إن طابع هذه التهديدات يشير إلى اعتراف بالإرباك المتزايد في صفوف العدوّ بشأن كيفية التصدي للتهديدات اليمنية.
تشير جميع هذه العوامل إلى ارتباك حقيقي داخل صفوف العدوّ شديد الوضوح أن عدم الثقة في قدرة العدوّ على الاستجابة للرد اليمني يعكس تغييرًا جوهريًّا في موازين القوى في المنطقة. إن انعدام المعلومات الصحيحة وكثرة التهديدات الخاطئة قد يؤديان إلى تفاقم الأمور بالنسبة للعدو؛ مما يجعله عُرضة للتفكير الخاطئ؛ لذلك، يبقى الوعي بالقدرات الحقيقية للقوات المسلحة اليمنية مفتاح النجاح في هذه المعركة المعلوماتية.