جلدُ للذات أم طابور خامس؟
بسام الشرام*
قرأتُ البارحةَ عدداً من المنشورات التي تحمّلُ أنصارَ الله مسؤوليةَ الجرائم التي ارتكبتها عناصرُ الإرْهَـاب التي تسمي نفسَها بالمقاومة في تعز.
ولأن مثل تلك المنشورات وبحسب رأيي لا تعبّر إلّا عن الطابور الخامس في حركة أنصار الله ومن محسوبين عليها وليسوا منها، والذين لا شغل لهم إلّا تثبيط الناس والإرجاف باسم الحركة ومناصريها.
ولم يستوعبوا بعدُ حجمَ المسؤولية المُلقاة علَى عواتقهم في التحرك الجاد والبذل والتضحية، وما زالت نظرتُهم قاصرةً للفكر الحسيني وثورته المتجددة والقبول عن قناعة ورضا بما ستلحق من قبل اللحاق بركبها من نتائج مأساوية وما زال وعيه قاصراً عن حجم ومقدار العطاء والبذل عند مريديها وعشاقها؛ لذلك تجده يلقي باللوم علَى ما حدث لآل الجنيد ومن قبلهم آل الرميمة ومن سيلحقهم من عشاق هذه المدرسة.
يلقي باللوم علَى هذا وذاك ولا يقدم شيئاً يذكر ويعبر عن قناعته في سبيل هذا النهج المحمدي العلوي الحسيني.
والآن آل الجنيد قد سلكوا هذا المسلك واختاروا هذه الطريق علَى خطئ الرعيل الاول من أجدادهم وأوليائهم وتأسياً بجدهم وسيدهم وعشيقهم الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد بذلوا مهجهم وقدموا جماجمَهم قرباناً لله وإيماناً صادقاً بوعده لشهدائه، فإن الالقاء اللوم من قبل البعض لما حل بهم من مأساة.
هي إما نظرة قاصرة أَوْ انها عن قصد خدمةً للطرف الاخر ولكي يعي حسنو النية من اللوامين اقول لَهم ما حل بآل الجنيد ومن قبلهم آل الرميمة وغيرهم من اتباع هذه المدرسة وهذا الفكر الحسيني الحر.. كانوا يدركون هذه النتيجة المأساوية التي حلت بهم ويتهيؤون لها ولقبولها ولو كان الأمر يتعلق بانتظار من يغيثهم أَوْ ينصرهم أَوْ سيلقون اللوم علَى من تخلف عنهم -لما أقدموا على الدفاع والمواجهة بما يستطاع وفي ظل غياب الناصر.
وهو ذات السلوك ونفس الرسالة التي قدمها سيدنا الامام الحسين عليه السلام -في كربلاء عندما واجه جحافل طغاة ودواعش عصره في ذلك الحين وفضّل المواجهة والدفاع والتضحية بمن معه من اهل بيته والمخلصين من اتباعه وهم لا يتجاوزون السبعين نفراً -عن الاستسلام واعطاء الذليل -وقد قال كلماته المشهور (ليس مثلي من يبايع مثله والله لو فعلتها لتحملت وزرها الى يوم القيامة.. ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة أَوْ الذلة فهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله و…، أتخوفوننا بالقتل يا أبناء الطلقاء ولا تدرون بان الله قد جعله فينا عادة وإكرامنا منه بالشهادة، إننا قوم لا نستوحش طريق الحق لقلة سالكيه فان الله لا يهدي اليه إلّا المخلصين.
فهذه الكلمات النورانية التي خطها سيد الشهداء وابو الأَحْــرَار الإمام الحسين بدمائه الزكية يوم كربلاء وسار عليها الكثير من مريديه وعشاقه -على مر التأريخ وكان لآل الجنيد وال الرميمه وغيرهم ممن سبقهم للشهادة في اليمن شرف الالتحاق بركبه -كافية لإخراس من يتعمدون باللقاء اللوم علَى أنصار الله.
فضلاً عن ذلك لو فرضنا بان أنصار الله أسفوا مع تلك الاصوات وقرروا الانسحاب من تعز حتى لا يلقى عليهم اللوم في قادم الايام من مآسي ستلحق بآخرين ممن يخالفون هذه الجماعات التكفيرية فماذا سيحل باهل المحافظة حضرها وريفها، ومن سيتحمل المسؤولية حينها وهل أنتم وباقي أبناء المحافظة مستعدون للمواجهة والتضحية لحماية أنفسكم من الابادة وذبح والسحل و… و…
سؤال يتعين علَى ابناء تعز واليمن عموماً ان يفكروا فيه ويستوعبوا الدرس ويهيوا أنفسهم للتحرك الجاد من أجل أنفسهم وكرامتهم وحريتهم وتخليص مجتمعهم من هذا الفكر الظلامي المتحجر والمجرم القاتل، (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
والله من وراء القصد.
*محامٍ من التربة تعز