أين الراتب يا موسى؟
إبراهيم محمد الهمداني
بنو إسرائيل صبروا على فرعونَ يذبِّحُ أبناءَهم ويستحيي نساءَهم ويسومُهم سوءَ العذاب، لكنهم لم يصبروا مع موسى على طعامٍ واحد، المسألة ليست مسألةَ حق من حقوقهم وإنما هي مسألةُ نفسيات خبيثة.
كذلك قضية الراتب ومقولة “أين الراتب يا حوثي”، بينما كان الصمت هو سيدَ الموقف على مدى تسعة أعوام، منذ بداية العدوان، رغم أن الثروات والمرتبات بيد حكومةِ المرتزِقة والسعوديّة والإمارات وأمريكا وبريطانيا.
وحين فرض الجيشُ اليمني قرارَ منع تصدير النفط، إلا مقابل صرف المرتبات، ارتفعت أبواقُ “بني إسرائيل” هذه الأُمَّــة بالعويل، أين الراتبُ يا حوثي؟، ولماذا لم تسلِّموا الرواتب، وأين رواتبُ المعلمين، والمعلمون يموتون جوعًا، وكأن المعلمين وحدَهم هم أصحاب المرتبات، من بين جميع موظفي الدولة، وكأنهم وحدهم من يموتون جوعًا، أما بقية فئات المجتمع اليمني، فهم يعيشون في النعيم، وكأن عوائد الثروات النفطية قد سُلِّمت للبنك المركزي في صنعاءَ، بينما الحكومة أَو أنصار الله أَو الحوثي، هم من امتنعوا عن التسليم!
بشَّرنا السيدُ القائدُ عبدُالملك بدرالدين الحوثي “يحفظه الله”، بحكومة تغيير وبناء، وقال في كلمته إن معيار هذه الحكومة، هو خدمة الناس، وإن من يثبت تقاعسه أَو تخاذله أَو تفريطه، فسيتم استبدالُه فورًا؛ أي إن سماحة السيد القائد، هو الرقيب على سير عمل هذه الحكومة، وهو الضامن لجودة أدائها، غير أن نفسيةَ “لن نصبر على طعام واحد”، لم يسلِّموا تسليمًا مطلقًا، ولم يعرفوا للقائد قدرَه، ولم يعجبْهم أن تكونَ في صنعاء، حكومةُ تغيير وبناء حقيقي، فانبرت أبواقُهم بالاتّهامات والتخوين المسبق، والدعوةِ إلى الاقتدَاء بالرئيس الشهيد صالح الصماد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-، بينما هم لم يرضوا عن الصمّاد، ولن يرضوا عن المشّاط.
لم نسمعْ من حماة الحق ورعاةِ الفضيلة أُولئك، منشورًا أَو حتى كلمةً واحدة، تدينُ العدوانَ الصهيوسعوأمريكي، وتطالبُه رفعَ يده عن ثرواتنا، وكَفَّ فساد مرتزِقته في حكومة الفنادق، كما لم نسمع صوتًا واحدًا، يقول أين الراتب يا رشاد العليمي، لماذا لا يخرج الاحتلالُ السعوديّ الإماراتي الأمريكي البريطاني من أرضنا، يا حكومةَ الفنادق.
لم نسمع ولم نر شيئاً من هذا القبيل، لأن المشغِّلَ الخارجي سيغضَبُ عليهم، وأوامرُه واضحة إليهم، بالحديث عن الشفافية والموازنة، ومقدار المبالِغ التي يتم جمعُها، وكذا وكذا، بما يفيد مخطّطاتِ تحالف العدوان، وأمريكا وأخواتها، كما حصل في حادثة تسريب الموازنة من مجلس النواب، إلى الأمم المتحدة سابقًا، وعواقب ذلك على الشعب وعلى الحكومة السابقة.
الشعب بأكمله يطالبُ بالراتب ويطالبُ بكافة حقوقه، وليس فقط المعلمون.
الشعب بأكمله يطالبُ بتحرير أرض الوطن كاملة.
الشعب بأكمله يطالبُ بثرواته.
الشعب بأكمله يطالب برفع وصاية البنك الأهلي السعوديّ، والبنوك الإماراتية، عن ثرواتنا وخيراتنا.
الشعب بأكمله يطالبُ بإنهاء العدوان ومعالجة ملفاته.
الشعب بأكمله يموتُ حصارًا وأمراضًا، ويطالبُ بفتح كافة المطارات والموانئ والمنافذ اليمنية، دون قيد أَو شرط كحق إنساني، لا تنازُلَ عنه.
الشعب اليمني بأكمله يريدُ الحياة الكريمة والعيش الرغيد.
الشعبُ اليمني الحر الكريم، ضحَّى لأجلِ حريته وكرامته وعزته، ورفعته بين الشعوب، وها هو اليوم يتصدَّرُ أشرفَ المواقف، ويقدّم أغلى التضحيات، في موقفه الإيماني الأصيل، والإنساني المشرّف إلى جانب إخوانه المستضعفين الفلسطينيين، وانتصاره لله ولرسوله ولدينه.
وإن القائدَ الحكيمَ والعَلَمَ المجاهد الرباني، السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي “يحفظه الله”، الذي قاد الشعبَ اليمني في صموده ومواجهته قوى الكفر والشرك والنفاق والطغيان، وبلغَ به أعلى مراتب الكرامة، والحرية والشرف الإنساني، لَكفيلٌ بضبطِ أداء الحكومة، وتوجيه وإرشاد المسؤولين، إلى ما فيه خدمةُ هذا الشعب العظيم، وتحقيق كُـلّ ما يصبو إليه.
تلك هي ثقتُنا ويقينُنا بهذا القائد العلم، الذي أنعم اللهُ به علينا، وأقلُّ ما يجبُ علينا في مقام شكر النعمة، هو التسليمُ المطلقُ والطاعة، والنصيحةُ لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.