المولدُ النبوي: رسالةُ وَحدة ودعوةٌ للتضامن مع غزة
شاهر أحمد عمير
مع قرب ذكرى المولد النبوي الشريف، يحتفلُ الشعبُ اليمني وتحتفل الأُمَّــة الإسلامية بذكرى ميلاد النبي محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، هذه المناسبة تحمل في طياتها معانيَ عظيمةً وقيمًا نبيلة.
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليس مُجَـرّد مناسبة لتزيين الشوارع وتقديم الحلويات، بل هو تجسيد للمبادئ السامية التي جاء بها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- خَاصَّة في وقت يواجه فيه الشعب الفلسطيني أشد أنواع المعاناة: قتل، إبادة، تهجير، وتدمير.
في هذه المناسبة، يبرز الشعب اليمني بروحه المقاومة وصموده الأُسطوري، حَيثُ يظهر دائماً بشجاعة وإيمان راسخين. هذا الشعب، الذي يعاني من الحصار والعدوان، يظل متماسكًا وقويًّا، متخذًا من ذكرى المولد النبوي الشريف مصدرًا للإلهام وللتأكيد على التمسك بالقيم النبيلة والعدالة.
بينما نحتفل بذكرى ميلاد النبي، يجب أن نتذكر الرسالة التي جاء بها: رسالة المحبة، الرحمة، والعدالة. يتعين علينا أن نتساءل: أين نحن من تعاليم النبي محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-؟ وأين نحن من النصر الذي وعدنا به؟ كيف يمكننا أن نحتفل برسالة النبي ونحن نتجاهل معاناة إخواننا وأخواتنا في فلسطين؟
في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من خذلان عربي وإسلامي، تبرز أهميّة هذا الاحتفال كدعوة للتفكر والتأمل في ما نقوم به كأمة. كيف يمكن أن نقبل على الاحتفال دون أن نكون صادقين في نصرتنا لقضيتهم؟ إن المولد النبوي الشريف يذكّرنا بأن النبي محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-هو نبي الأُمَّــة جمعاء، وهو الذي دعا إلى الوحدة والتضامن. لذا، فَــإنَّ الاحتفال بهذا اليوم يجب أن يكون فرصة لتجسيد هذه القيم، وللتأكيد على أننا لسنا مُجَـرّد مشاهدي الأحداث، بل نحن جزء من الحل.
وفي هذا السياق، لا يمكننا تجاهل التخاذل الواضح من بعض الأنظمة العربية تجاه القضية الفلسطينية. إن الصمت المخزي والتخاذل الذي يظهره النظام السعوديّ، والإماراتي، والمصري، والأردني يعكس تهاونًا في نصرة شعبنا الفلسطيني. هذه الأنظمة، التي كان من الواجب عليها أن تكون درعًا واقيًا لفلسطين، أصبحت تتعامل مع القضية وكأنها شأن هامشي.
فلنسأل أنفسنا: هل نحن على قدر المسؤولية؟ هل نحن مستعدون لتقديم الدعم الفعلي والمساندة للشعب الفلسطيني؟ إن الإجَابَة على هذه الأسئلة يجب أن تكون في أفعالنا، وليس فقط في كلماتنا.
في هذا اليوم المبارك، لنعمل على أن يكون احتفالنا بالمولد النبوي الشريف تجسيدًا حقيقيًّا لقيم النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-. لنرفع أصواتنا، ولنمد يد العون، ولنعمل على أن نكون شعلة من الأمل والتغيير في وجه الظلم. لنتذكر أن الاحتفال برسالة النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- يجب أن يتجسد في كُـلّ خطوة نخطوها نحو نصرة المظلومين، وتوحيد الأُمَّــة في وجه التحديات. يجب أن يكون صوتنا عاليًا ضد التخاذل، وموقفنا واضحًا في نصرة غزة وأهلها.
الشعب اليمني، برجاله ونسائه، شيوخه وشبابه، يقدم للعالم أجمع نموذجًا رائعًا في الصمود والإباء. هذا الشعب، الذي لم يثنه الحصار ولا العدوان عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يثبت يوماً بعد يوم أن قوته مستمدة من إيمانه العميق وتاريخه العريق. فليكن احتفالنا بذكرى ميلاد النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- دعوة للوحدة والعمل الجاد، ولنتذكر دائماً أن القوة في الاتّحاد، وأن النصر يأتي بالصبر والثبات.