لا تبدِّعوا احتفالَنا وحُبَّنا للنبي فاللهُ من عظَّمه وأجَّله وأمرنا بذلك
منير الشامي
من يتأمل في كتاب الله تعالى ويتمعن معاملة الله تعالى لرسوله وصفيه من خلقه وخاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- يجد أن الله تبارك وتعالى وهو الملك العظيم عامل عبده بإجلال كبير وتكريم عظيم لم يحظ به عبداً من عباده فخاطبه بأرقى أساليب الخطاب وأبلغها وأكرمها وناداه بإعزاز وبكنيته وصفته “يا أيها النبي -يا أيها الرسول -محمد رسول الله” ولم يخاطب أحد من رسله وأنبيائه بهذا الأُسلُـوب بل كان خطابه لهم بأُسلُـوب الرب للمربوب والخالق للمخلوق والآمر للمأمور وهذا هو الخطاب الطبيعي من الله لعباده وأوليائه، فلماذا اختص نبينا الكريم بهذا الإجلال والتقديس والتكريم?
أليس ذلك دليلاً على علو مكانته عند ربه ورفعة منزلته وقدره؟
وإذا كان تعامل الله مع نبيه بهذا الرقي والإعزاز والإجلال، وهو سبحانه وتعالى صاحب الفضل عليه وعلينا، والملك المالك لخلقه والرب المعبود من عباده فكيف ينبغي أن تكون معاملتنا لرسولنا الكريم -صلوات الله عليه وعلى آله- وهو ولينا ومولانا وذو الفضل العظيم علينا.
إذن لقد ضرب الله لنا مثلاً في الكيفية التي يجب على كُـلّ مسلم أن يعامل بها هذا النبي العظيم وبحجم المحبة التي يجب أن نكنها له -صلوات الله عليه وعلى آله- بل إن الله تبارك وتعالى أمر عباده بذلك صراحة ونهاهم عن أدق الأمور تجاه رسوله كرفع الصوت في حضرته، وبيّن سبحانه وتعالى لنا أن مُجَـرّد رفع الصوت في حضرة النبي معصية كبيرة قد تحبط كُـلّ الأعمال الصالحة لصاحبها حتى ولو كانت كأمثال الجبال، وهذا التأدب ليس مقصوراً على من عاصر النبي في حياته، بل إن الأُمَّــة ملزمة به ومحاسبة على مخالفته إلى قيام الساعة ونهى أَيْـضاً عن مناداته كما ننادي بعضنا بعضاً ونهى عن دخول بيوته إلَّا بإذن، وعن مخاطبة نسائه إلا من وراء حجاب، ناهيكم عن وجوب محبته ومودته وطاعته واتباعه وتقديسه التي وردت بها نصوص صريحة.
وكلّ ذلك إن دل على شيء فَــإنَّما يدل على أن تعظيم النبي وإجلاله فرض على كُـلّ مسلم ومسلمة طوال الحياة وفي كُـلّ وقت وحين وفي كُـلّ موقف ومقام.
وإذا كانت هذه الأمور كلها واجبة ومفروضة على كُـلّ مسلم ومسلمة فَــإنَّ العمل بها جميعاً هو تجسيد للاحتفاء والتكريم والإجلال والتقديس لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- في كُـلّ لحظة من لحظات حياتنا، وأن التقصير أَو التفريط في أداء أي منها يعد معصية لله سبحانه وتعالى، قد تودي بفاعلها إلى الخلود في النار والعياذ بالله.
وإذا كانت هذه هي الحقيقة فماذا نقول لأُولئك الذين يسفهون احتفالنا برسول الله ويبدعون فرحتنا بذكرى مولده والتعبير عن فرحتنا ومحبتنا وتعظيمنا لرسول الله بأي مظهر من المظاهر، التي نهدف من خلالها إلى إظهاره أمام الأمم الأُخرى بمكانته ومنزلته التي أنزله الله فيها؟
ألا تكفيهم هذه الدلائل على وجوب تعظيم النبي وإجلاله وتقديسه بكل المظاهر التي نستطيع التعبير بها عن ذلك حتى في أَيَّـام معلومات، مع أننا مأمورون بذلك بصورة دائمة? ولماذا يستاؤون ويمتعضون من إعلان بهجتنا والتعبير عن فرح قلوبنا بسيدنا رسول الله؟
فهل لهم قلوب يفقهون بها أم أن على قلوبهم أقفالها؟
والخلاصة أن المحبة والاحتفاء والابتهاج والإجلال لرسول الله لا يحتاج إلى أدلة قرآنية (رغم وجودها) بل يحتاج إلى قلوب إيمَـانية تعي أهميّة المحبة والإجلال والتقديس لرسول الله، وتدرك حاجة الأُمَّــة القصوى إلى ذلك لتستشعر ثمار هذه المواقف الإيمَـانية التي لا تعد ولا تحصى وأولها أن تعظيم الرسول ومحبته بمواقف عملية يحصن الأُمَّــة ويوحدها أمام أعدائها ويفشل استهدافهم لها ويحطم كُـلّ مؤامراتهم عليها.