شعبُ اليمن.. أهلُ المحبة لرسول الله
زياد الحداء
في كُـلّ ربيع تتفتح ورود الوفاء والمحبة اليمانية وتنشد الدنيا بميلاد الهدى نشيد ألحانه تشدو بها أفئدة اليمنيون، وتقرع طبوله دقات قلوبهم وتنغرس في نفوس أطفالهم براعم الولاء لخير الخلائق، تكبر في نفوسهم وتتطور معهم رويداً رويداً حتى تصبح من أهم ضروريات البقاء.
تذكر كتب التاريخ أن اليمنيين هاجروا إلى الإسلام قبل بزوغ فجره وقبل ميلاد نبيه، شوقًا إلى لقاء رحمة الله المهداة للبشرية، فسكنوا يثرب على أمل اللقاء الموعود وانتظروه على مدى أجيال، يدل هذا على مدى ارتباط الأنصار بالإسلام ونبيه وصدق ولائهم.
عندما بعث النبي “صلواتُ اللهِ عليه وعلى آله” وآذاه قومه نصره اليمنيون وأسلموا على يديه وقدموا بين يديه من الدروس العظيمة في الوفاء والإخلاص والإيثار والتفاني والإحسان التي أثلجت صدره “صلواتُ اللهِ عليه وعلى آله”، وحتى امتدحهم القرآن الكريم وضرب بهم الأمثال في رقيهم ورقي مجتمعهم الذي كان مؤهلاً لهذا الشرف الكبير ((أُولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ)) أي: المهاجرين والأنصار وأتباعهم إلى يوم القيامة- ليسوا بها بكافرين، بل مؤمنون بها، عاملون بما تدل عليه، كما قيل في تفاسير الآيات.
الأنصار في أنفسهم ومجتمعهم كانوا مجتمعاً يحمل من الصفات الحميدة ومن مكارم الأخلاق ما جعلهم محط اختيار للتكريم والتشريف الإلهي باختيارهم لحمل الرسالة ونصرة الرسول حتى سماهم القرآن الكريم بالأنصار ((وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أنفسهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) وهذه من أفضل الصفات ومن أهمها التي تجعل المجتمع قابلاً لحمل هكذا مشروع، وقد أشاد السيد القائد بهذه الصفات أَيْـضاً.
اليمنيون وعلى امتداد تاريخ الإسلام كانت مواقفهم بالشكل الذي جعلهم محط إعجاب وفخر وحب النبي محمد لهم، وقد خصهم بمكانة خَاصَّة جِـدًّا، يدل على ذلك أنه أرسل الإمام علي “عليه السلام” إلى اليمن ولم يرسله إلى أي مكان آخر وذلك لما لأهل اليمن من مكانة عند رسول الله حصلوا عليها بما اقتنوّه من صفات ومبادئ وقيم جذبت نفسه “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” إليهم، حتى أنه خصهم بالوسام العظيم بقوله: (الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان).
ولم يخب ظن رسول الله بهذا الشعب أبداً فهو الشعب الذي أثبت هذا الولاء وحافظ على الارتباط بمصدر الهداية عبر التاريخ، لقد حفظ اليمنيون صلتهم بالنبي الأكرم عن طريق السير في خطاه وتمثيل منهجه ومشروع والارتباط بأهل بيته والقرآن الكريم، والارتباط الوثيق بشخصية الرسول نفسه وحبه وتعظيمه وتقديره وإحيَـاء ذكره في أوساطهم.
ونحن اليوم نعيش أجواء الربيع المحمدي، الربيع الأخضر اليماني، ربيع الأوس والخزرج نرى مدى مصداقية هذا الارتباط بشخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، من خلال مظاهر الفرح والابتهاج بذكرى النعمة الكبرى والفضل العظيم.
لقد أثبت اليمنيون أنهم بذلك القدر من المسؤولية، وأنهم أنصار رسول الله المنتجبين، فلم تستطع قوى الهيمنة العسكرية ولا مراكز تصنيع الولاء والارتباط ولا أيديولوجيات صناعة الرأي العام أن تفك أواصر الولاء اليماني لرسول الله.
بالرغم من القصف والتهديد المباشر بالقتل والقصف لساحات الاحتفال بذكرى المولد وكذلك حجم التهويل الإعلامي وكمية الدعايات والنعيق الدائم للكفار والمنافقين -بشكل أشد- إلَّا أن الشعب اليمني لم يتخل عن رسول الله بل يزداد ولاء له وحباً وشغفاً به إلى درجة أوهنت الكفار وأوصلتهم إلى اليأس في هذا المجال.
يتخذ الشعب اليمني من ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة لتجديد الارتباط والولاء لرسول الله “صلواتُ اللهِ عليه وعلى آله” يتزايد معها الشغف والإكبار في مظاهر التعظيم في كُـلّ ربيع، فالشعب اليمني يتميز بمؤهلات وصفات خَاصَّة من بين شعوب الأرض بحيث لا يمكن أن تؤثر على علاقته بدينه ورسوله أيٌّ من التغيرات مهما كانت ومهما سعى الأعداء في تضليلهم وخداعهم، فلا حريات التعبير والتسابق العصري ولا تطوير المجتمع وسياسة التعليم ولا قوة ناعمة أَو خشنة لها القدرة في حرف الشعب اليمني عن محمد ودين محمد فهو شعب الولاء والوفاء والوعي والبصيرة والتضحية والجهاد، هو شعب وقف مع رسول الله ومع أهل البيت فأذهلهم وامتدحوه جميعاً، شعب قال فيه السيد القائد (نفسي لكم الفداء يا ذوي المحبة لرسول الله صلوات الله عليه وآله).