نتيجةُ التخاذل
د. شعفل علي عمير
عادةً ما يكونُ الدافع إلى التمادي في أيٍّ من الأعمال والسلوك التي تضر المجتمع هو السكوت عن النتائج الأولية لهذه العمل؛ مما أتاح لأرباب العمال المشينة فرصةً لممارسة هذه الأعمال ولكن بصورة أوسعَ وبشكل أقبح؛ الأمر الذي يعتبر فيه الساكتون على الباطل جزءاً من هذا الباطل، وصدق سيدنا الإمام على “عليه السلام” حين قال: (حين سكت أهلُ الحق عن الباطل، توهَّم أهلُ الباطل أنهم على حق) فحينما يتفشى الباطل ويتسع نطاقُ المنكر بالشكل الذي يهدّد الأُمَّــة فَــإنَّ الواجبَ الجهادي يصبحُ ضرورةً ومسؤولية دينية والتخاذل عن الجهاد يصبح معصية، وهذا ما تطرق له السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- في كلمته حين قال: “هناك مسؤولياتٌ مقدَّسةٌ كالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله وإقامة القسط في الأرض” لو استمر سكوتُ الأُمَّــة عَمَّا هو حاصلٌ من ظلم لم يسبق له مثيلٌ في غزةَ فَــإنَّ تبعات ذلك لن تتوقفَ في غزة، بل إنها حتماً ستتسعُ لتشمَلَ كُـلَّ من تخاذل ودعم الكيان الصهيوني.
لم يكن لأهل المنكر أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه من التمادي لولا السكوتُ والتخاذل الذي قابل هذا المنكر منذ بدايته ولم يكن هذا السكوت إلَّا نتيجة، كما قال السيد القائد -يحفظه الله-: “خمودُ الروح الجهادية وفقدانها يشكل خطراً حقيقيًّا على الأُمَّــة، وهذا من الدروس المهمة المستفادة من سيرة الرسول وما قدّمه القرآن عن جهاده ودوافعه”؛ ولأن الآثار المترتبة على سكوت أهل الحق لا تقتصر على العقوبة الإلهية فحسب، بل إن امتدادَ الباطل ستكون له آثاره السلبية في واقع المسلمين ومعيشتهم وأمنهم وكرامتهم في الدنيا قبل الآخرة.
وما نلاحظه من استهدافٍ ممنهجٍ للأُمَّـة في عصرنا الحاضر إنما هو ترجمة وتنفيذٌ لخطط مسبقة كانت تحاك للنيل من أمتنا، ولعل ما يكشف هذه المؤامرة هو ذلك التناغُمُ الحاصلُ بين بعض الحكام العرب والكيان الصهيوني التي باتت مفضوحةً فقد عملت بعضُ الحكومات والحكام إلى تسخير كُـلّ مقدراتها المادية لخدمة الكيان وبشكل جلي يقفُ الإعلامُ العربي مناصراً للكيان، معادياً لأبناء جلدته، منافياً بذلك ما يفرضُه عليه انتماؤه للدين والعروبة بالرغم من معرفتهم بأن أطماع الكيان لا تتوقف عند جغرافيا محدّدة، بل ستنال من أرض وسيادة تلك الدول التي تقف مؤيدة للكيان ومعادية للمقاومة في فلسطين، وصدق الله القائل: “وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ الله مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ”.