إن لم يكن لكم دينٌ.. فليكن فيكم غيرة ونخوة!
منصور البكالي
هذه خلاصة وصية الشهيد البطل ماهر ذياب الجازي الحويطي، الذي نفَّذ عملية بطولية في معبر الكرامة، وقتل 3 جنود صهاينة، وجرح آخرين، كم نحن بحاجة إليها، وما مدى أثرها، وشدة وقعها على وعي شعوب الأُمَّــة، ونظرتها لحكامها.
هذه العملية والوصية لها دلالات وأبعاد عدة، أولها: أن هذه العملية تبين كم هي معاناة الأُمَّــة من حكامها وحكوماتها، وكم حاجتها لمحاسبتهم، والتخلص منهم للأبد، وكم هو شوق الشعوب لمواجهة العدوّ الصهيوني، ونزعتها الدينية والأخلاقية والإنسانية لمساندة الشعب الفلسطيني، والتحرّر من القيود المفروضة عليها، من قبل حكومات عميلة.
ثانيها: هذه العملية تؤكّـد أن البطل ماهر بحجم أُمَّـة وأكثر فاعلية من الجيوش العربية والإسلامية، التي خذلت فلسطين منذ عام كامل، مبينًا في وصيته بالقول إن لم يكن لكم دين فليكن فيكم غيرة ونخوة، ما يؤكّـد أن تقييم الشعوب لحكوماتهم لخصته الوصية.
ثالثاً: فحوى وأثر هذه العملية والوصية تلقي بظلالها على اتّفاقيات السلام والتطبيع التي نجح كيان العدوّ في تحقيقها منذ عقود، وتؤكّـد أن الشعوب قادرة على فعل شيء مغاير، وستلجأ لخيارات أُخرى، تعبر عن ضميرها الحي، ما لم تتدحرج لثورة بهُوية إيمانية عربية، لا تمويل فيها من أي دوائر استخباراتية، تجتث الخونة والعملاء، وتجمع الجهود والقدرات لتحرير المنطقة من السرطان الصهيوني، ومفاعلات التخدير الأمريكية والغربية.
ما يؤكّـد تطلعات الشعوب لذلك هو أن الشعب الأردني التواق للحرية والجهاد والوقوف بجانب أهله وإخوانه في غزة، يعبر عنه الشهيد الحويطي ومثله خير تمثيل، وعبر عن تطلعاته، فخرجت الحشود في المدن الأردنية لتعبر عن فخرها واعتزازها واحتفائها بهذه البطولة، وتوزيع الحلوى، ورفع صور الشهيد إلى جانب العلمين الفلسطيني والأردني، في تجسيد واضح بأن هذا ما تريده الشعوب من حكامها وجيوشها.
بدورها تلقت الشعوب العربية والإسلامية هذه العملية البطولية بلهفة وشوق كبير، وتداول كُـلّ الأحرار على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي صور الشهيد الحويطي وفيديوهات العملية، ووصيته التي تركها لكل الأُمَّــة، ما يعكس حجم الكبت الذي تعانيه من حكامها وجيوشها المتواطئة مع العدوّ الصهيوني.
فهل حان الوقت للجيوش العربية أن تتوحد مع شعوبها وتلبي تطلعاتها وتنقلب على حكامها العملاء، وتحيلهم للمحاكمة العادلة؛ بسَببِ خيانتهم وعمالتهم وتبعيتهم العمياء للأعداء؟
أم أن الوقت الراهن لا يزال مبكراً عن ذلك؛ بسَببِ المعاناة المعيشية التي تعيشها الشعوب، وعلى رأسها الإفقار والتجويع الممنهج؟
وهل ستقود بطولة الحويطي لثورة شعبيّة وانقلاب عسكري للإطاحة بنظام ملك العبودية للماسونية والصهيونية العالمية، وأمثاله من الملوك والزعامات والرؤساء العرب.
وهل وصل صدى وصية الشهيد البطل الجازي إلى غرف ودوائر صنع القرار في عمان والقاهرة والرياض، وبقية الحكومات المطبعة، والمدافعة عن الكيان الصهيوني؟ أم أنه لا غيرة ولا نخوة فيهم، وستشهد المنطقة ثورة كبرى تخلص الأُمَّــة من كُـلّ أسباب الضعف والتشتت والانسلاخ والتبعية.
وأخيراً: تجدد الوصية ذاتها في كُـلّ لحظة وثانية ودقيقة ويجب أن يعيها ويسمعها ويتفاعل معها كُـلّ عربي ومسلم، ويسأل نفسه بسؤالها ومضمونها، إن لم يكن لكم دين فليكن فيكم غيرة ونخوة، فهل لأبناء هذه الأُمَّــة دين، نعم ولكن! إذن هل في أبنائها غيرة ونخوة! الأفعال لا الأقوال من تجيب عن ذلك، وكلّ يعبر عن دينه وغيرته ونخوته.