التولِّي الحقيقي
أم المختار مهدي
التولي لرسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” ليس مُجَـرّد انتماء مذهبي، ولا رداء شكلي، ولا كلام يتلفظه الناس وانتهى الأمر، ليس روتين تسبيحٍ أَو قيام ليلٍ أَو صيام نهارٍ وحسب، بل التولي هو اقتدَاء عملي، ونهج للصراط المستقيم، هو جهاد وإنفاق واهتداء واقتدَاء، وتمسك بالحق ونصرته ورفض الباطل ومحاربته، وإن عدا ذلك فهو مُجَـرّد فسحة دنيوية لا علاقة لها بالدين ولا بالآخرة، وهذا ما نراه جليًّا في دول النفاق؛ حَيثُ مُدت الأيادي وخضع الباطل للتضليل، ودُنست المقدسات وانتُهكت الحرمات، ومن يدعون تولي الرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” وهم لولاية اليهود أقرب وأجدر ساكتون، صموا آذانهم وأعموا عيونهم وكأنه لا شأن لهم، في وقت يتحَرّك فيه من لا يمت لهم بالدين ولا بالرسول بأية صلة، ومن هنا ندرك ما معنى التولي لرسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ”.
التولي الذي جسده الأنصار على طريق أجدادهم، التولي الذي شهدت له نيران السفن المحترقة في البحر الأحمر، ودخان الطائرات في سماء اليمن، تولينا تشهد له طائرة يافا وصاروخ طوفان الأقصى وآلاف الشهداء، تولينا يشهد له خوف الإسرائيليين ورعبهم، وعويل الأمريكيين واستنجادهم، تولينا تشهد له مئات الساحات وعشرات الروضات، هذا هو التولي الحقيقي الذي عمدناه بدمائنا، وقدمنا في سبيله أحبابنا، وقُصفنا؛ مِن أجلِه ما يقارب عشر سنوات، هذا هو التولي الصحيح الذي يحفظ لنا، عزتنا وكرامتنا وديننا وإنسانيتنا، وبه نرفع رؤوسنا أمام الله وأمام رسوله وأمام المؤمنين في الدنيا والآخرة.
وفي كُـلّ عام تكتسي اليمن زينتها الخضراء، ويخرج الشعب اليمني الأنصاري ملايين في الساحات رجالًا ونساءً، وتقام الفعاليات والأمسيات على مستوى القرية والحي والعزلة والمديرية والمحافظة، ويبدأ التجهيز والاستعداد من شهر صفر؛ لاستقبال ذكرى مولد الرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ”، وكذلك لنوصل رسالتنا للعالم أجمع بأن تولينا للرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” هو تول عملي، نتخلق بأخلاقه، ونجاهد كما جاهد في سبيل الله ونصرة للمستضعفين، ودفاعًا عن المقدسات الإسلامية.