جِهادُ الرسول هو جِهادُ اليوم

جهاد هراش

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.

تزامنًا مع ذكرى المولد النبوي الشريف، وحلول الربيع المُحمدي تُعيد الآية الكريمة التذكير بفريضةِ الجهادِ التي أوجبها الله سبحانهُ وتعالى، على عبادهِ منذُ أَن بُعث الرسول محمد -صلوات الله عليهِ وآلهِ وسلم- رحمةً إلى النّاسِ أجمعين.

لذلك خاض الرسول -صلوات الله عليهِ وآلهِ وسلم- الكثير من المعارك والحروب ضد الكفار والمنافقين، كرّس روحهُ في سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين، لم يأل جهدًا في مواجهة أعداء الدين، وتخليص المسلمين من دياجير الظلم ووحشية الجهل والطغيان، كان وما زال النموذج الأرقى في الجهاد والثبات، والأسوة الحسنة التي يُحتذى بها في كُـلّ وقت وحين، والمثل الأعلى في مقارعة الشرِ والفساد، وقد شهدَ ذلك التاريخ وخلّده في أنصعِ صفحاتِ الاستبسالِ والجهاد.

لذا دعونا نَعود إلى واقعنا اليوم وما يحصل بحق إخوتنا بقطاع غزة من مجازر بشعة وإبادة جماعية فظيعة وبشكلٍ خُرافي، وحصارٍ خانق لا يحتمله أحد، أشلاء مُمزقة، صرخاتٌ وآهات، دموع الثكَالی والصِغار، مشاهد يُشيب لها الرأس وتقشعر لها الأبدان، وكلّ يوم أشدُّ سوءًا من السابق.

هُنا سؤالٌ يضعُ نفسهُ، ماذا كان موقف الدول العربية والإسلامية؟ وهل كُـلّ ذلك حرك فيهم ساكناً؟.

بكل أسف لم يُحرك ذرةً واحدة فيهم بحقِ الدينِ والعروبةِ، بل جعلوا من أنفسهم عونًا وسندًا لصهاينةِ اليهودِ كما رأينا أعظم الدول في الإمْكَانياتِ والعدةٍ والعتاد موقفهم موقف المتخاذلين والمنحطين الذين باعوا دينهم لأجل دُنياهم، ومنتظرين وبكل وقاحة كيف ستكون النهاية!

فإذا كان الله سُبحانهُ وتعالى قد قال في مُحكم آياته: {قَٰتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}، وَإذَا كان الرسول -صلوات الله عليه وآلهِ- أول من جاهد وهو أعظم من خلق الله تعالى في هذا الكون.

فما عذركَ أنت أمام الله، وما هو المبرّر التي ستواجه به الله يوم تلقاه؟!

هُنا يتوقف كُـلّ شيء، يوم لا ينفع ندمٌ ولا حسرة، وعلى النحو نفسه سيكون موقفكَ موقفاً مُخزياً ومُذلاً، مسودّ الوجه أمام رب العالمين، كما قال جل وعلا: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ وإلى جهنمِ وبئس المصير.

أخيرًا نستنتج أن جهاد الرسول -صلوات الله عليه وآله- هو ذاته جِهاد اليوم، وأن فريضة الجهاد نعمةٌ كبيرة ٌجدًّا لا تُقدر بأي ثمنٍ كان، وواجبة على كُـلّ مُسلمٍ، مثلها كمثل بقية الفرائضِ؛ فلولاها لَما تبقى من الدين إلا اسمه.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com