ليست ذكرى عابرةً.. إنها ميلادُ رسول الله

عبدالغني حجي

يعتبر ميلادُ رسول الله ميلادًا لرسالة سماوية يتعلق بها مصيرُ مَن على الأرض منذ ولادته إلى يوم القيامة، رسالة ختم بها الله رسالاتِهِ، وأنهى بها وحيهُ، رسالةٌ فيها الرحمة، وضمان السعادة في الدنيا والخلود الأبدي في جنات عرضها السماوات والأرض، باتِّباعها لا نضل، وبالسير عليها لا نشقى.

رسالةٌ تستقيم بها الحياة، وتزكو بها الأنفس، وتهتدي لها القلوب، وتستنيرُ بها العقول، وتُصلِحُ واقعَ الناس، وتُخرِجُهم من ظُلمات الجهلِ إلى نور الله، يثابُ من اتبعها في الدنيا سعادةً وسرورًا، ويَضِلُّ مَن خالفَها يومَ النشور.

بميلادهِ وُلِدَت كُـلُّ مكارم الأخلاق، وُلِدَت العِزة والكرامة والرفعة والسمو والأخلاق والفضائل والمكارم والمحاسن، وتهاوت عروش الجبابرة والطغاة، وتحرّر الضعفاء والمستضعفون، وعَمَّ الحَقُّ وكلمةُ الصدق، وتقهقر الجهل، وانزاح الظلام، وعَــمَّ النورُ أرجاءَ الأرض.

ليست ذكرى عابرة؛ إنها ميلاد لحياة غير الحياة التي كان الناس يعيشُونها، ذكرى من أكرمنا الله باتباعه وأعزنا بتوليه، ونصرنا بالسير على نهجه، ذكرى من انحنت أمام مشروعه امبراطورياتُ الجور، وبنى أعظم دولة قوةً وعدلاً وإنصافاً وتحرّراً من الظلم، أعادت الحقوق لأصحابها، والناس لخالقها، وضبطت الميزان البشري لتستقيم الحياة.

ليست ذكرى عابرة؛ إنها الحياةُ لمن أراد الحياة، والخلودُ لمن أراد الخلود، والعزةُ لمن أراد أن يعيش عزيزاً، والكرامة لمن يعشقها، والإباء لمن أراد أن يحيا أبيًّا يرفُضُ الذل والاستكانة لغير الله.

ليست ذكرى عابرة؛ إنها ذكرى من ذكَرَهُ الله وذكّر به، من نصرهُ الله وأيّد به، من خَلَقَه الله وأحيانا به، من لعظمته خشعت الأكوان، واقشعرت الأبدان، والإيمان برسالتهِ رُكنٌ من أركان الإسلام، كيف لا نُحييها وقد صلى اللهُ عليه والملائكةُ والجنُّ والإنسان؟ كيف لا نُحييها وقد كنا أتباعاً نرتمي في أحضان مَن لا يرحمُنا ونرجو رحمتَهم، فتحرّرنا وأصبحنا أسياداً نحكمهم؟ كيف لا نُحييها وقد كُنا قبائلَ يقتُلُ بعضُنا بعضًا، ونتناحر فيما بيننا، ونسعى لتدمير قوانا بأيدينا، فأصبحنا إخواناً ينصُرُ بعضُنا البعض؟ كيف لا نحييها وقد كنا نعيشُ ظلامَ الجهل وظُلماتِه، وأصبحنا النورَ الذي يضيءُ للعالم طريقَ الخَلاصِ، كُـلُّ هذا بفضل الله وميلادِ رسول الله.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com