اليمنُ في حضرة رسول الله
أم الحسن الوشلي
في كُـلّ عام، نشاهد الساحات المحمدية للشعب اليمني، ويُدهشنا رُقِيُّه وتميُّزُه. وفي هذا العام، رأينا ما يُذهل العقول حقًا؛ رأينا البأس والشدة، ورأينا الصبر والحكمة، وشهدنا البذل والعطاء، وشهدنا المواقف والعزة والإباء.
في اليمن، اجتمع كُـلّ العالم ليرى أن أكثر شعب قد عانى، بعد شعب فلسطين، هو الشعب اليمني، وأكثر بلد عاش شبه ما تعيشه اليوم غزة؛ وما زال حتى اليوم محاصَرًا ومنهوبة حقوقه.
هذا هو الشعبُ والوطن الوحيد الذي يتميز بصفة “السيل الهادر” في ولائه لرسول الله. هو الشعب الذي صنع الجيوش من السلاح، وصنع من السلاح جيوشًا. هو الشعب الذي وقف بكل قوة عند ما ضعفت فيه الشعوبُ والجيوش والحكومات والأوطان عن قول كلمة حق في قضية الإبادة الجماعية بحق أهل فلسطين. هو اليمن الذي خاض أشرس المعارك؛ مِن أجلِ دين الله ونصر قضيته ورفع مشروعة وتلبية رسوله.
هو الشعب الذي ملأ الساحات ليهتف “لبيك” قولًا وعملًا، واقتدَاء وجهادًا وصمودًا. هو الذي يُلبي في أرض الواقع، وسطّر في تاريخه وصول العمليات النوعية من القوات المسلحة اليمنية إلى أعماق “إسرائيل”، بتقنية وحرفية لا مثيل لها في تطوير الأسلحة.
وفي نفس الوضع الذي يعيشه اليمن، كان من آخر الأحداث العملية العسكرية التي أطلقها اليمن على يافا المحتلّة بصاروخ فرط صوتي من نوع “فلسطين 2″، والذي يتميز بتقنية التخفي ويمتلك قدرة عالية على المناورة تتجاوز أحدث وأقوى منظومات الدفاعات الجوية في العالم، بما فيها القبة الحديدية.
وإن الحديث عنه طويل، إلا أن لإطلاقه ذكرى جميلة، وهي الحمد والشكر لله على نعمته ورحمته وهدايته، واحتفاء بمولد أطهر خلقه.
ألا يحق لهذا الشعب أن يحتفل بنعمة الله “عز وجل” الذي أنعم عليهم برسول الله قُدوة وَقائدًا ومرشدًا؟ ألا يحقُّ لهم أن يشكروا الله على نعمة الانتماء والاقتدَاء؟ أليس هذا ما يدل على أن “اليمن يمان والحكمة يمانية؟”.
كان هذا ما قاله رسول الله فيهم، وكأن سيدي رسول الله قد رأى هذه الساحات الصادقة في هذه الأيّام العجاف الخالية من الانتماء الصادق، والمنتمية للضمير الكاذب المزعوم بالحريات والإهانة للبشرية. كأنه رأى الساكتين عن الدماء الفلسطينية، وعرف من سيُشعل النار في الجو والبر والبحر؛ مِن أجلِ إحيَـاء قضية، ومن أجل كسر تلك القوة التي أسمت نفسها بالعصا الغليظة كي تعيث في الأرض فسادًا.
اليمنُ معروفٌ من العصور القديمة بالعنفوان، واليوم صنع اليمن نفسه بنفسه، ومن لا شيء، فازداد بأسُه بأسًا، وزادت قوته بأقوى الإرادات، وتحلَّى بالانتصارات والنهوض من أعماق الركام، كمن يتوج اسمه بالفعل والقول. ولا شك أن “إسرائيل” ومعها أمريكا ستعض أصابعها ندماً… بل ستقطعها خوفًا من البأس اليماني، وفي القريب العاجل. وكما قال السيد القائد اليماني: “القادم أعظم”.