إنجازاتُ ثورةِ 21 سبتمبر
محمود المغربي
لقد جاءت ثورة 21 سبتمبر محملة بالإنجازات والبشائر ومنذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارتها التي أحرقت تلك الأصنام التي جثت على صدر هذا الوطن لأكثر من ثلاثة عقود، وكنا نعتقد أن اجتثاثها وإخراجها من المشهد السياسي اليمني أمر مستحيل، مع أن هناك من يحاول إعادة تسويقها في أذهان الناس خُصُوصاً أنها كانت ولا تزال تعتقد أن الوطن حق الوالد ولا يستطيع أحد نزعه منه.
ثم توجّـه ثوار 21 سبتمبر نحو رموز الوصاية والهيمنة الداخلية والخارجية ودفعوا بهم خارج حدود الوطن والقضاء على نفوذهم في الساعات الأولى للثورة، لكن آثارهم السلبية على الوطن لا تزال قائمة وتعرقل عملية الإصلاح والبناء، ولم يتوقف ثوار 21 سبتمبر لأخذ نفس، بل ذهبوا نحو الجماعات الإرهابية التي كادت تسقط الوطن في قبضتها بدعم وتمويل خارجي ووصلت إلى ميدان السبعين رمز السيادة الوطنية وذبحت جنود الأمن المركزي الذين كنا نعتمد عليهم لحماية أرواحنا، وإلى مستشفى دار العرضي على مسافة أمتار من القصر الجمهوري وتم توجيه ضربات قاتلة لتلك الجماعات الإرهابية وإنهاء خطرهم المحدق بالوطن وقطع أيديهم التي قطعت رؤوس الكثير من الأبرياء من أبناء الوطن.
ثم ذهبوا إلى الإعلان عن اتّفاق السلم والشراكة ليكون أول فصيل يمني منتصر يمد يد السلام والشراكة للقوى الأُخرى التي كانت خصوماً وأعداء له وتجسيد روح الإخاء والمحبة والحرص على وحدة المجتمع اليمني، وكان ذلك سلوكاً وحدثاً غريباً بالنسبة لتلك القوى السياسية اليَمَنية التي تعودت أن يأخذ المنتصر كُـلّ شيء ويستفرد بالسلطة ويصفي بقية الخصوم، وربما هذا ما دفع بتلك القوى إلى رفض تلك المبادرة الطيبة والذهاب للتشكيك بنوايا أصحابها وبهذا الإنجاز الوطني.
وشرع ثوار 21 من سبتمبر في إعادة وتأهيل الجيش اليمني، ذلك الجيش الذي كان مثالاً للفساد والعبث والبعيد كُـلّ البعد عن الانتماء للوطن والأقرب إلى العصابات، فيما عكفت قادة الثورة على دراسة وضع الوطن المزري والبحث عن حلول لأهم المشاكل وكانت كثيرة، بل لم يكن هناك وطن ولا مؤسّسات بل بلد مقسم مشتت مفقر وغارق في المؤامرات والفقر وثقافة الفساد والفشل وبحاجة إلى معجزات لإخراجه مما هو فيه.
إلا أن رموز الوصاية والهيمنة الداخلية والخارجية لم تكن مستعدة للتخلي عن نفوذها وما فقدوه من سلطة ومصالح، ولم يكن هؤلاء مستعدون لمثل هكذا خسارة فبادروا إلى تشكيل تحالف تحت راية أمريكا، وبدأت تلك القوى عدواناً عالمياً وغير مسبوق على بلادنا تحالف فيه شياطين الإنس والجن لاستعادة النفوذ والوصاية وإعادة الوطن إلى بيت الطاعة وإلى الحظيرة الأمريكية ليستمر ذلك العدوان ثماني سنوات.
إلا أن ذلك العدوان والتحالف الشيطاني قد خسر وهُزم أمام إرادَة أبناء الشعب اليمني وقيادة ثورة الـ 21 من سبتمبر، بالرغم مما كان يمتلك من قوة عسكرية هائلة وأحدث الأسلحة لكنه فشل وعجز في إيقاف عجلة ثورة 21 من سبتمبر التي لم تتوقف عن تحقيق الإنجازات والأهداف، بل إن مواجهة ذلك العدوان وهزيمته وإفشال رغبة أمريكا في إعادة الوصاية والهيمنة على اليمن لهو أكبر وأعظم إنجازات ثورة 21 سبتمبر الخالدة، التي خرجت من ذلك العدوان بجيش وطني أذهل العالم، وهو اليوم وبما يحقّق من إنجازات قد أصبح محور حديث العالم بعد أن واجه البوارج والأساطيل الأمريكية والبريطانية وجعلها تغادر مياه البحر الأحمر وخليج عدن، ووصلت ضرباته إلى عاصمة الكيان الصهيوني المحتلّ للأراضي الفلسطينية، وفرض معادلة منع السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني وسيادة اليمن على أهم الطرقات وممرات السفن التجارية في العالمـ وأصبح لليمن بعد الـ 21 من سبتمبر كلمة مسموعة وإرادَة مفروضة ومكانة عظيمة بين الأمم، وأصبح العلم اليمني يرفع ويقدس في أغلب العواصم العالمية، وأصبح الإنسان اليمني رمزاً للشجاعة والعزة والكرامة والتحدي بخلاف وعكس ما كان عليه اليمن وأبنائه قبل 21 سبتمبر فعن أي الثورات تتحدثون وما هي إنجازات تلك الثورات.
لقد كان اليمن قبل 21 سبتمبر مثل كرة بأقدام دول عديدة، ومن الوصاية المصرية إلى الوصاية والهيمنة السعوديّة إلى الوصاية البريطانية ثم الأمريكية، ولا تزال المناطق المحتلّة خاضعة لتلك الوصايات والهيمنة الخارجية، بل أصبح لدول مثل قطر والإمارات نفوذ ووصاية على تلك المناطق، ووصل صراع النفوذ والوصاية بين تلك الدول إلى حَــدّ تقاسم الشوارع في عدن وتجد شارع خاضع للوصاية السعوديّة فيما الشارع الآخر تحت الوصاية والهيمنة الإماراتية، أما في تعز فتم تقاسم الوصاية والهيمنة بحسب المديريات، المخاء تابعة للوصاية الإماراتية، والقاهرة تابعة للوصاية القطرية، والمسبح وعصيفرة تخضع للوصاية السعوديّة، وأحياناً على مستوى العمارة الواحدة شقة صاحبها عميل مع قطر والشقة الثانية عميل مع السعوديّة والثالثة مع الإمارات، والمشكلة أن هؤلاء العملاء والمرتزِقة لا يتجرأ أحد منهم على مُجَـرّد الحديث عن الثورة أَو رفع علم الجمهورية اليمنية في عدن والمناطق المحتلّة، لكن بعضهم لديه الجرأة والوقاحة ليذهب إلى العاصمة صنعاء التي تقاتل منذ عشر سنوات دفاعاً عن الجمهورية والثورة لرفع العلم الذي لم ينزل أَو ينكس بل مرفوع فوق رؤوس الأشهاد وللاحتفال والمتاجرة بثورة 26 سبتمبر كما فعلوا في العام الماضي، وأعتقد أن مثل هذا الأمر يثير استفزاز وغضب أبناء صنعاء وكلّ الشرفاء والمجاهدين ويدفع بالجميع إلى مطالبة الدولة والأجهزة الأمنية للتعامل مع هؤلاء بصرامة كونهم خلايا تابعة لأمريكا ولديهم أجندة خارجية.
وهذا لا يعني أننا ضد الاحتفال بأعياد الثورة بل سوف نحتفل بأعياد الـ 21 و26 من سبتمبر كما كنا نحتفل في الأعوام السابقة وأكثر مما كان يحتفل النظام السابق دون مزايدة، وسوف نقطع يد كُـلّ من يسعى إلى الفوضى ويقلق أمن واستقرار الوطن.