21 سبتمبر: أملٌ جديدٌ وقضية عادلة
الشَموس العماد
مما لا شكَّ فيه أنَّ التاريخ عِلمٌ يروي الحوادثَ ويعلِّلُها؛ ولكنه يجب أن يكون فنًا يحملُ بطولاتٍ حرة، وأبطالاً يجبُ أن يُقتدى بهم؛ ولذا فَــإنَّ تاريخ ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر هو التاريخُ الذي سيُبنى مستقبلُ هذا البلدِ على ضوءِه، وهو الحدثُ الشجاعُ الذي وقفَ فيه الأبطال في وجهِ سلطةٍ كانت عائقًا أمامَ الحياة التي كان يطمحُ إليها كُـلّ أحرار هذا البلد.
بطولةٌ جعلت الديمقراطية -بمضمونِها الصحيح- تُثبتُ وجودَها، وأزالت الصورة الرديئة عن أفقِ الشعبِ اليمنيِّ التي أنتجتها الوصاية والعمالة.
البطولة التي حملت صورةً ثوريةً عظيمة، وأجزمُ أنها الصورة الجمالية الوحيدة التي مهما كتبَ عنها التاريخ اليمنيّ، فَــإنَّه سيستغرقُ اللغة دونَ إسراف لغويٍّ، وهذا حديثٌ متناقض لا يسري إلا على الواحد والعشرين.
إنَّ ثورةَ الواحد والعشرين من سبتمبر المجيد كانت استجابةً لاستبداد مريب، ويأسٍ طويل، ووصايةٍ قصمت ظهر المواطنِ اليمنيِّ، وقتلتْ الحياة في البلاد، وتضليلٍ واستغلالٍ دفعَ ثمنه الشعبُ غالياً، ونهب لكلِّ ممتلكاتِ الدولة، ومصادرة لحقوقِ المواطنِ اليمنيِّ الذي لم يعرفْ الحياة في حياتِه “ليستْ مبالغة أبداً، بل هي أقل ما قد يُقال”.
ويلاتٌ من القمعِ السياسيِّ، واغتيالاتٌ للنخبِ السياسية والعلمية، وإخماد أي صوتٍ ينادي بالحرية، وأزماتٌ اقتصادية خانقة، وإرهاب الشعب نتيجة ضراوةِ الاغتيالات، وجمودُ الحركة الثقافية والعلمية، هذا إذَا لم يتمَّ طردُ ذويها إلى الخارجِ، أَو قتلُهم، أَو الزجُّ بهم في السجون دون أدنى سبب.
كلُّ هذا جعل من يومِ الواحد والعشرينَ يوماً لا بدَّ منه، وساعدَ في ذلك وعيُ الشعب بحقوقِه وحريته، حتى استنفر فيه الضيم، واعتزمَ على الثورة التي حرّرتْ البلاد من طاغوتٍ تنكَّرَ للعدالة منذ أن عرفهُ الشعب، بقيادةِ شخصيةٍ عظيمة مصدرُها القرآن الكريم، ولا خوفًا على بلدٍ دستورُه كتابُ الله، وقدوتُه رسولُ الله، وفؤاده أبو الحسنِ والحسين.
وما نعيشهُ اليوم من عزةٍ واستقلال وإباء، ما هو إلا نتاجُ هذا الاتباع وللدماءِ السبتمبريةِ التي لن تبرح من تاريخِ شعبنا أبداً.
وهَـا هي الجمهورية اليمنية اليوم بأوجِ قوتِها وشموخِها تهزُّ كيان اليهود نصرةً لفلسطينِ العزِّ، واستجابة لقولِ الله تعالى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ).
إنَّ الصواريخَ والمسيّراتِ اليمنية ترعبُ الغربَ الكافر اليوم، وتقتلُ الكيان الهِرم والواهن بقوةِ الله القائلِ: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)، وهذا ما كان ليكون لولا ثورةُ الواحد والعشرين من سبتمبر، وإلا لكان لسانُ حالنا اليوم كحالِ تلك الدولِ العميلةِ والمطبعة، التي لا تجرؤُ حتى على أن تُدينَ مجزرةً واحدةً من آلافِ المجازرِ التي يرتكبُها الصهيونيُّ الفاسقُ في غزة كُـلّ يوم، وهذا امتنان من الله على هذا الشعبِ ورحمةٌ وفضلٌ عظيمٌ.