المنطقةُ أمام مرحلة مفصلية.. اغتيالُ الشهيد نصر الله يمهّــدُ لزوال “إسرائيل”

المسيرة: محمد الكامل

يترقَّبُ العالَـــمُ ما ستؤولُ إليه الأحداثُ بعد فاجعة اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله؛ فالأمريكيون والصهاينة يتحدثون أنهم سيشكِّلون شرقَ أوسطَ جديدًا، يفصِّلونه حسب ما يريدون وكيفما يشاءون.

في السنوات الماضية، كان مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني يسيرُ بوتيرة متسارعة؛ فالكيان المؤقت قد ضمن الطاعة العمياء للإماراتي والمغربي والمصري والأردني، ولم تبق سوى حفلة الانضمام السعوديّ، وخروج المملكة من عباءة التطبيع السرية إلى التطبيع العلني، لكن الرياح تجري بما لا يشتهي الأمريكي، فأمام كُـلّ هذه المنعطفات والتحديات برزت تحدياتٌ كبيرة أمام الصهاينة، تمثلت في محور المقاومة الممتد من اليمن إلى العراق وسورية ولبنان وفلسطين، وسيد هذا المحور، والمحرك كان الشهيد القائد حسن نصر الله رحمه الله.

جاء (طُوفَان الأقصى)، فوجّه ضربةً قاسية لمشروع التطبيع، ومن بعده تدحرجت الأحداث بوتيرة عالية، وتدخلت أمريكا بكل ثقلها وقوتها لتقفَ إلى جانب ربيبتها “إسرائيل”، كما تدخَّل حلفُ “الناتو”، والمطبِّعون العرب، وفي المقابل وقفت المقاومة الإسلامية اللبنانية منذ اليوم الثاني من (طُوفَان الأقصى) إلى جانب فلسطين وغزة، ونفَّذت مئاتِ العمليات المساندة التي كان يشرف عليها شخصيًّا القائدُ الشهيدُ حسن نصر الله.

الآن، وبعد عملية الاغتيال الجبانة، يتساءل الكثيرون عن أبرز السيناريوهات المحتملة في المنطقة، وهل ستمضي أمريكا في خطتها لتغيير المنطقة وفقَ نمطها الجديد أم أن محور المقاومة لا يزال يمتلكُ الكثير من الأوراق لإفشال كُـلّ هذه المخطّطات؟

 

تداعياتٌ يخافُها العدو:

يرى الكاتب والباحث الفلسطيني صالح أبو عزة أن “تداعيات الحدث لا يمكن تحديدُها حَـاليًّا؛ بمعنى أن هناك ترتيباتٍ لدى حزب الله، واستراتيجيات يتم إعدادُها على وقع اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، مغايرة ومخالفة لما قبل هذا الإجرام”.

ويؤكّـد أن “هناك تداعيات ينتظرُها الصديقُ ويخافُها العدوّ، ستسطّرها المقاومة”، لافتاً إلى أن “مسيرة هذه المقاومة مُستمرّة، وستزيد من صلابتها وقوتها ووحدتها”.

ويشير أبو عزة إلى أن “أبرز هدف لـ “إسرائيل” في هذا الوقت بالتحديد، هو العمل؛ مِن أجلِ فصل جبهة لبنان عن غزة؛ فالصهاينة يعتقدون أنهم باغتيال الشهيد السيد نصر الله، سيحقّقون هذا الهدف، لكن المعطيات تشير إلى فشل هذا الهدف؛ فالخطاب الأول لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، قد أكّـد على مسألة التزام حزب الله وقواته وكوادره بمسار الشهيد القائد، وأنهم لن يتخلوا أبداً عن مساندة غزة؛ ما يعني أن حزب الله بمنظومته العسكرية والسياسية متمسكة بهذا النهج، حتى وإن كان الثمن غالياً”.

وفي هذه الجزئية بالتحديد يرى أبو عزة أن “محور المقاومة سيزداد قوةً وصلابةً على إسناد غزة، وأن دم الشهيد القائد ستدفعهم للعمل أكثرَ للثأر والانتقام من العدوّ الصهيوني والأمريكي والغربي، وَهو بالفعل ما سيحدث وفق ما يتحدث به المراقبون والسياسيون؛ إذ ليس من المعقول أن تهدأ جبهة المقاومة وتستسلم، وتتخلى عن هدفها المشروع في مواجهة “إسرائيل”؛ فاليأس والإحباط والانكسار مفردات ليست واردة في قاموس محور المقاومة، -كما يقول أبو عزة- وهذه الوحشية وجرائم الاغتيالات للقادة لن تؤثر على مبادئ وقيم ومواقف محور المقاومة الراسخ رسوخَ الجبال، والتي كان الشهيد القائد معلِّمَها الأولَ وملهمَها الأول”.

 

المعركةُ ستبدأُ ولا تقبَلُ القِسْمَةَ:

من جانبه يشير الباحثُ في العلاقات الدولية، الدكتور طارق عبود، إلى أننا “نواجهُ عدواً متوحشاً مجرماً، مدعوماً من الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف شمال الأطلسي، وكل المنظومة الغربية”.

ويوضح الدكتور عبود أن “المقاومة تعرف أن ثمنَ هذه المواجهة مكلف على كُـلّ المستويات، إلا أن المحصلة النهائية، هي ما نركِّزُ عليها؛ فمهما كان الثمن غالياً، والتضحية موجعة، تبقى النهاية مستحقةً، فإما الشهادة وإما النصر والحرية”.

ويرى أن “الصدمة خلال الأيّام الماضية كانت كبيرة على مستوى المقاومة، وعلى مستوى البيئة الحاضنة، وعلى مستوى كُـلّ أحرار العالم، لفقدان رمزٍ كبير كسماحة الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، كثائرٍ أممي وقف في وجه الطاغوت، وواجه الظلمَ، والاستكبارَ الغربي والعالمي”، مؤكّـداً أن “الضربات حاضرة في الحسابات، وأن المقاومة بدأت في لملمة صفوفها، واستنهاضِ قواها، وأن المعركةَ ستبدأُ فعليًّا في الأيّام القادمة”، مُضيفاً أن “المصاب جلل وكبير، والثمن الذي دفعته المقاومة عظيم، وبالتالي ستستبسل، وتكون شرسةً في الميدان أكثرَ من أي وقت مضى”.

ويوضح أن “سماحةَ الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، كان يريدُ لهذه الأُمَّــة ولهذا البلد، ولهذه المقاومة أن تكونَ ثابتةً ومنتصرة، وألَّا تهتز أمام الصعاب والتحديات”، مؤكّـداً أن “لا خيارَ أمامنا وأمام كُـلّ محور المقاومة غيرُ القتال والجهاد والتضحية بكل ما نملِكُ حتى تحرير الأرض؛ فنحن أمام حرب وجودية وإثبات، حربٍ لا تقبَلُ القِسْمَةَ على اثنَينِ، فإما نحن وإما هم”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com