في الخطبة الثانية باللغة العربية.. قائدُ الثورة الإسلامية في إيران: جهادُ رجال فلسطين ولبنان قد أعاد الكيانَ الصهيوني 70 سنة إلى الوراء
المسيرة | متابعة خَاصَّة
أكّـد قائدُ الثورة الإسلامية في إيرانَ، سماحة السيد علي الخامنئي، في خُطبته في صلاة الجمعة، بطهران، أن الشهيدَ السيدَ نصر الله تخطَّى نطاقَ شعبيته وتأثيره حدود لبنان وإيران والبلدان العربية.
وبعد مرور 5 أعوام على آخر صلاة جمعة أمَّها سماحةُ السيد الخامنئي في يناير 2020م، عقب هجوم بلاده الصاروخي على قاعدة “عين الأسد” التي تؤوي جنوداً أمريكيين في العراق، عاد به الهجوم الصاروخي على كيان الاحتلال الإسرائيلي في الأول من أُكتوبر الجاري، إلى المنبر ذاته.
وقال في خطبته الثانية باللغة العربية: “ارتأيتُ أن يكونَ تكريمُ أخي وعزيزي ومبعث افتخاري والشخصية المحبوبة في العالم الإسلامي واللسان البليغ لشعوب المنطقة ودرة لبنان الساطعة سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه في صلاة جمعة طهران”.
وعلى وقع الهجمات العدوانية الإسرائيلية المتصاعدة على لبنان وغزة، ورغم تهديد “تل أبيب” بمهاجمة أهداف على الأراضي الإيرانية، حضر السيد الخامنئي قبل نحو نصف ساعة من أذان الظهر، وشارك في مراسم تأبين السيد الشهيد نصر الله، وخلال خطبته خص الشعبين الفلسطيني واللبناني بخطابٍ ألقاه باللغة العربية، في سابقةٍ تعتبر الثانية بعد كلمته التي وجَّهها للشعوب العربية عام 2011م.
وفي الخطبة أكّـد سماحته بالقول: “نحن جميعاً مصابون ومكلومون بشهادة الشيد العزيز نصر الله، إنه لَفقدانٌ كبير وأفجعنا بكل معنى الكلمة، عزاؤنا لا يعني اليأس والإضراب، بل هو من صنف عزائنا على سيد الشهداء يبعث الحياة ويلهم الدروس ويشدّد العزائم”.
وقال مخاطباً الشعب اللبناني: “يا شعب لبنان يجب ألا يصيبكم التردّد في مسيرة نضالكم وعزَّزوا قوتكم وقاوموا العدوّ المعتدي وأفشلوه بترسيخ إيمانكم وتوكلكم”، مضيفاً: إن “الشهيد السيد العزيز كان طوال 30 عاماً على رأس مسيرة شاقة من الكفاح وبتدبير السيد نما حزب الله مرحلة بمرحلة بصبر وتحمل وأبرز قوته أمام عدوه”.
وأكّـد قائد الثورة الإسلامية، أن “العدوّ الجبان عجز عن توجيه ضربة للبنية المتماسكة لحماس وحزب الله والجهاد الإسلامي وغيرها من الحركات المجاهدة في سبيل الله؛ فعمد إلى التظاهر بالنصر من خلال الاغتيالات والتدمير والقصف وقصف المدنيين”.
وَأَضَـافَ، “ما نتج عن هذا السلوك هو تراكم الغضب وتصاعد دوافع المقاومة وظهور المزيد من الرجال والقادة والمضحين وتضييق الخناق على الذئب الدموي”، وتابع سماحته، “حزب الله والسيد الشهيد بدفاعهم عن غزّة وجهادهم؛ مِن أجلِ الأقصى وإنزالهم الضربة بالكيان الغاصب والظالم قد خطوا خطوةً مصيريةً؛ خدمةً للمنطقة بأكملها”.
وقال سماحته: إن “كل ضربة تنزل بهذا الكيان إنما هي خدمةٌ للمنطقة بأجمعها بل لكل الإنسانية”، مُشيراً إلى أنه “لا ريب بأن أحلام الصهاينة والأمريكيين إنما هي محضُ أوهام مستحيلة”، ومؤكّـداً أن “الكيان شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض وصدق قوله تعالى ما لها من قرار”.
وقال سماحته: إن “العصابة الصهيونية المجرمة قد توصلت بنفسها إلى أنها لن تحقّق النصرَ أبداً على حماس وحزب الله”، ومخاطباً بالقول: “يا أهلنا المقاومين في لبنان وفلسطين.. أيها الشعب الصبور الوفي، هذه الشهادات وهذه الدماء المسفوكة لا تزعزع عزيمتكم بل تزيدكم ثباتاً”.
وأشَارَ سماحته إلى أنهُ، “لم يكن فقدان قادة الثورة في إيران هيناً لكن مسيرة الثورة لم تتوقف أَو تتراجع بل تسارعت”، مؤكّـداً أن “المقاومة في المنطقة لن تتراجع بشهادة رجالها والنصر سيكون حليفها”، وأوضح أن “طوفان الأقصى وعام من المقاومة في غزة ولبنان أوصل هذا الكيان الغاصب إلى أن يكون هاجسه الأهم حفظ وجوده”.
وقال سماحته: “جهاد رجال فلسطين ولبنان قد أعاد الكيان الصهيوني 70 سنة إلى الوراء، والعامل الأَسَاسي للحروب وانعدام الأمن والتخلف في هذه المنطقة هو الكيان الصهيوني وحضور الدول التي تدَّعي أنها تسعى إلى إحلال الأمن والسلام في المنطقة”.
ولفت قائدُ الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي إلى أن المشكلةَ الأَسَاسَ في المنطقة هي تدخُّلُ الأجانب فيها، وختم قائلاً: “سلام الله على القائد الشهيد نصر الله وعلى البطل الشهيد هنية وعلى القائد المفتخر الفريق قاسم سليماني”.
الجدير بالذكر أن المراسيمَ جرت بحضور رئيس الجمهورية الإيرانية الدكتور “مسعود بزشكيان” ورئيس البرلمان “محمد باقر قاليباف” ورئيس السلطة القضائية “غلام حسين إيجئي”، رغم التهديدات بشن كيان الاحتلال الإسرائيلي هجوماً على إيران، ما يشير إلى شجاعة القيادة الإيرانية وثقتهم العمياء بقواتهم المسلحة.
في السياق، أكّـد خبراء ومحللون أن غيابَ شخصيات عسكرية وازنة عن خطبة الجمعة، ومراسم تأبين حسن نصر الله، كرئيس هيئة الأركان اللواء “محمد باقري”، والقائد العام للحرس الثوري اللواء “حسين سلامي”، وقائد القوة الجوية في الحرس الثوري العميد “أمير علي حاجي زاده”، يدل على أن القوات المسلحة الإيرانية على أُهبة الاستعداد للرد سريعاً على أية مغامرة لكيان الاحتلال.
وأوضح مراقبون أن السيد الخامنئي دأب خلال العقود الأخيرة على مغادرة المكان سريعاً بعد أن يلقي الخطبتَينِ ويؤم الجمعة، ويؤم رجل آخر صلاة العصر، بينما حرص قائدُ الثورة اليوم، على إطالة فترة الحضور تحت السماء مباشرة، وأن يؤم صلاة العصر بنفسه، حتى لا يترك مجالاً للعدو لشن حربٍ نفسية ضد المجاهدين والمقاومين.
وأشاروا إلى أن السيد الخامنئي كان دقيقاً حتى في اختياره الكلمات، فهو عبّر عن حزب الله تحت عنوان “الشجرة الطيبة”، وأبى أن يذكُرَ اسم “إسرائيل”، وعَبَّرَ عنها كونها “الشجرة الخبيثة”، مؤكّـداً أن شعوب المنطقة ومقاومتها هي التي ترسُمُ مستقبلَ الشرق الأوسط، ولا دور لكيان الاحتلال فيها.