الاستراتيجية الإيرانية من بعد عملية “الوعد الصادق 2”.. رسائلُ من نار
المسيرة| إبراهيم العنسي:
بعد اغتيال أمين عام حزبِ الله، الشهيدِ القائدِ السيد حسن نصر الله، وصل الأمر بكيان العدوّ إلى فرض حصار جوي يمنع فيه طائرة إيرانية من الهبوط في مطار بيروت.
لم يدم هذا طويلاً، فنشوة الأيّام الأولى من التحضير الإسرائيلي للاعتداء على لبنان قد انتهت مع عملية الوعد الصادق ٢، وأعقبها رسائل إيران التي تؤكّـد أنها لا تعبأ بالتهديد الإسرائيلي.
بالأمس وزير الخارجية الإيرانية زار لبنانَ ورافقته طائرةٌ حربيةٌ، في تَحَدٍّ لكيان الاحتلال أن يقوم بأي فعل متهور من قصف أَو منع من الوصول.
وصل إلى بيروت التي تُقصف في رسالة واضحة وشاملة وقوية بأن إيران لا تخاف جرذان “إسرائيل”.
حين وصل سأله صحفي: ألم تكن خائفًا من القدوم إلى بيروت اليوم أثناء الحرب؟
أجابه: “لقد شهدنا مثل هذه الأمور مرات عديدة، الليلة الماضية، قصف الاحتلال الإسرائيلي بيروت بوحشية، وقبل وصولنا قصفوا بالقرب من المطار.. نحن معتادون على هذه الأمور، وعزمنا أقوى من هذه التهديدات”.
وكما قال السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني فَــإنَّ رحلة الوزير عراقجي إلى لبنان كانت “رحلة شجاعة وقوية؛ فقد وصل بينما صواريخ حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان تمطر شمال كيان “إسرائيل” الغاضب، وتدفع نتنياهو للهروب إلى مخبئه بعد أن أمطرت الرشقات الصاروخية قيسارية”.
وخلال زيارة الرئيس الإيراني بزشكيان للدوحة، كانت طائرات حربية ترافقه، مع احتمال أن يقوم كيان الاحتلال بحماقة ضد طائرة الرئاسة الإيرانية عند عودتها، لكن “إسرائيل” أصغر من فعل هذا مباشرة.
أما خطبة الجمعة، التي ألقاها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي الخامنئي؛ فقد جاءت بعد ثلاثة أَيَّـام من رد إيران المدوي على “إسرائيل”، فظهر المرشد الأعلى بنفسه في مكان مفتوح، في حدث كان معلناً من قبلُ.
ورغم تهديدات كيان العدوّ في أكثر من مناسبة لإيران والمحور.
أحد وزراء نتنياهو كان قد خرج قبل يومين ليتهم المرشد الخامنئي بأنه “مصدر كُـلّ المشاكل والأزمات في المنطقة، وأن نهايته أصبحت قريبة”.
هذا التهديد لم يكن له أثر كما رأينا، حَيثُ حشد خطبة الجمعة، للسيد الخامنئي ضم قيادات من العيار الثقيل، مع ما كان قد يتصور حدوثه من فوضى في أية محاولات اغتيال قد تطال قيادة إيران الإسلامية.
كانت هذه الرسالة الأقوى من إيران للعدو الإسرائيلي بعد الوعد الصادق بنسختها الأخيرة؛ فإيران ومحور المقاومة لا يخشى هذا الكيان الهزيل.
كان ظهور السيد الخامنئي خلال الخطبة، وإلى جانبه بندقية قناصة روسية، من طراز “دراغونوف”، وفي تأبينه لسيد المقاومة السيد الشهيد حسن نصر الله، يحمل دلالة على مضي إيران في مواجهة كيان العدوّ وداعميه بكل قوة، رغم تحذيرات مجموعة السبع، وتأكيدها الصريح دعمَ كيان “إسرائيل” المحتلّ، حَيثُ كانت عملية الوعد الصادق الأخيرة رسالة كافية لما يمكن أن يكون عليه كيان “إسرائيل” المؤقت؛ فإيران التي أعدت لعملية الوعد الصادق ٢ بكل تفاصيلها الدقيقة، والتي كانت محصورة في منشآت عسكرية وأمنية بالدرجة الأولى، أعدت -كما صرح بذلك قادة إيران- لما هو أقسى وأوسع تأثيراً، وأشد تدميراً، وقد لا يخطر على بال قادة كيان العدوّ وداعميه، حَيثُ البنية التحتية الضخمة الحيوية والاستراتيجية.
وكما تقول صحيفة “وول ستريت جورنال” فَــإنَّ أية ضربات إيرانية جديدة ضد “إسرائيل” قد تكون لها عواقب أكثر خطورةً إذَا استهدفت البنية التحتية أَو المناطق السكنية.
والملفت فيما قالته الصحيفة عن استهداف قاعدة “نيفاتيم” أن “إلحاق الضرر بقاعدة جوية محصّنة ومترامية الأطراف في وسط الصحراء أكثر تعقيداً من ضرب مواقع البنية الأَسَاسية في المناطق السكنية.
وبحسب الجارديان، فالأوساط الأمنية قلقة من فشل الدفاع الجوي الإسرائيلي في مواجهة الصواريخ الإيرانية؛ فقد نقلت الصحيفة الإنجليزية عن مصادرَ أمنية في الكيان الصهيوني، قولَها: إنه “بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير، تشعر الدوائر الأمنية الإسرائيلية بالقلق من أنه في حالة وقوع هجوم صاروخي واسع النطاق من قبل إيران، فَــإنَّ حزب الله أَو مجموعة من حلفاء إيران في المنطقة سوف يعطّلون الدفاع الجوي الإسرائيلي بالصواريخ الباليستية”.
والأهم أن هذه الصواريخ لم تكن بمحدوديتها، كما يعرف كيان العدوّ إلَّا رسالة أخيرة من إيران، أما الردُّ فلن يكونَ إلا بمشهدٍ أشبهَ بمشهد يوم القيامة كما تنبأت به الروايةُ اليهودية.
وكما يعترف رئيس وزراء “إسرائيل” الأسبق، أيهود باراك فـ”إسرائيل” التي لا تملك القدرة على التعامل مع 200 صاروخ إيراني، كيف ستتعامل مع آلاف الصواريخ الباليستية الإيرانية؟
ويضيف: “هذا جنون، حتى بمساعدة أمريكا وحلفائنا”.
ويخلص للقول: “لا نملك مثل هذه القدرة؛ فالحرب مع إيران هي أعظم غباء للحكومة الحالية، ويجب على الشعب إسقاط هذه الحكومة المجنونة”.