خطابٌ تاريخي استثنائي
أم الحسن أبوطالب
في كُـلّ خطاب أقف عاجزةً أمام خطابكم سيدي القائد، فماذا عسى أن يقال أمام بلاغة خطابكم، وفصاحة كلامكم، وإجمال إحصائكم وإيجاز بيانكم.
تفردت في خطابك الديني وكنت مؤثرًا واعظًا ناصحًا، وداعياً لوحدة الأُمَّــة وتماسكها أمام عدوها الأزلي، وبرزت في خطابكم السياسي فكنتَ القائد المحنك صاحب الفطنة والذكاء والحكمة، والعلم والدراية بكل ما يجري، ورسمت المشهد السياسي بصورة لا يمكن لغيركم أن يدركها بكل تفاصيلها ناهيك على أن يصفها بأُسلُـوبكم البديع.
وخاطبتم العالم أجمع في رسالة جامعة بالغة تتناسب مع خطورة المرحلة وأهميّة ما جرى وسيجري، بفكرٍ أنيق وأُسلُـوب مميز، فلم تدع قضية تهم الأُمَّــة ولها علاقة في معركة الصراع إلا وأوضحتموها وبينتموها، ورسمتم جميع ملامحها بصورة جلية لا غبار عليها.
خطابكم الاستثنائي اليوم خطاب تاريخي وعالمي في مرحلة الصراع التي رسمتم لنا مآلاتها وما سيكون فيها بنظرة قرآنية صادقة ترتكز على الوعود الإلهية المرتبطة بالجهاد والعمل في سبيل الله.
تفكرت قليلًا بعد الخطاب فيما لو أن أحدًا غيركم أراد أن يوصل لنا رسائلكم العظيمة هذه، ويوضح الأمور التي تحدثتم عنها، بنفس الدقة وذات التوضيح وجميل التسلسل وانسياب التنقلات في الحديث، هل كان له ذلك؟!
حتما لن يستطيع غيركم ذلك ولو كان عنده من العلم الكثير، فأنتم وحدكم سيدي من تفردتم واستطعتم بصدقكم وحرصكم وحكمتكم أن توجزوا الأعوام قبل (طُـوفَان الأقصى)، وبعد عام منه، وتشرحوا بتفصيل غير ممل تاريخ الإجرام الصهيوني قديمًا، وتحدثتم عن (طُـوفَان الأقصى) وأبرزتم الأحداث فيه واستطعتم أن تذكروا من المعلومات والإحصائيات ما يمكن أن يكون مرجعًا مهمًّا لهذه الأحداث خلال عام الطوفان، وبدقة متناهية إن دلت على شيء فَــإنَّما تدل على أنكم تعيشون مع شعب فلسطين ولبنان المآسي والأحزان يوماً بيوم، وساعة بساعة، وترقبون الأحداث والمجريات باهتمام بالغ ومتواصل، وتدعمون وتعملون بجد ليل نهار لعون المجاهدين والعمل معهم لنصرة المستضعفين والدفاع عنهم.
أنتم مِن أَجَلِ نِعَمِ الله علينا وعلى أمتنا، وأنتم بإذن الله ستكونون الأمل بعد الله في خلاص أمتنا والانتصار لدين الله ومقدساته، وهذه هي ثقتنا بالله وبوعده للصادقين أمثالكم، والعاقبة للمتقين.