قسوةٌ واضحةٌ على سفن أمريكا وبريطانيا ودِقّةٌ كبيرةٌ للمجنحات اليمنية

المسيرة: نوح جلّاس

تستمرُّ القواتُ المسلحة اليمنية في فرض الحصار البحري على كيان العدوّ الصهيوني ورعاته، في مسرح عمليات بحري واسع يمتد من البحر العربي إلى المحيط الهندي جنوباً، ومن باب المندب إلى البحر الأبيض المتوسط غرباً؛ وهو ما فاقم الضغوط الاقتصادية على العدوّ الصهيوني، فيما رعاة العدوّ “أمريكا وبريطانيا” يعانون اقتصاديًّا وعسكريًّا من الضربات اليمنية، حَيثُ لم تسلم قطعهما البحرية الحربية ولم تسلم أَيْـضاً سفنهما النفطية، وعلاوة على كُـلّ ذلك لم يتمكّنا من حماية العدوّ ولا أنفسهما من بأس اليمن.

وبالنظر إلى العمليات العسكرية البحرية التي نفذتهما القوات المسلحة خلال الأول والعاشر من أُكتوبر الجاري، والتي أعلن عنها العميد يحيى سريع في بيانين منفصلين حينها؛ فَــإنَّ هناك عاملين مشتركين مهمين في نتائج العمليات، أولهما هو ظهور القسوة اليمنية الكبيرة على السفن التابعة لرعاة الكيان الصهيوني، وذلك من خلال استخدام كَمٍّ كَبيرٍ من الأسلحة المتنوعة لضربها وإضرارها بأضراراٍ بالغة، والثاني هو نجاعة الصواريخ المجنحة في استهداف السفن المارة عبر المحيط الهندي من أول ضربة، وهنا تظهر العديد من الدلالات.

 

قوةٌ وقسوة يمنية حصرية على سفن واشنطن ولندن.. تأديبٌ نوعي:

وبالبدء من العامل المشترك الأول، فَــإنَّه ومن خلال العمليات البحرية الأخيرة التي أعلن عنها متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، مساء أمس الأول الخميس، العاشر من أُكتوبر، نجد أنه تم استهداف سفينة نفطية أمريكية في البحر الأحمر تدعى “OLYMPIC SPIRIT”، باستخدام 11 صاروخاً بالستيًّا وطائرتين مسيَّرَتين، وهذا كم كبير من الأسلحة ويكفي لتدمير السفينة تدميراً كليًّا بعدد أقل، وكذلك هو الحال ذاته بالنسبة للسفينة النفطية البريطانية “CORDELIA MOON” التي استهدفتها القوات المسلحة في البحر الأحمر في العملية البحرية السابقة في الأول من أُكتوبر الجاري، بثمانية صواريخ بالستية ومجنحة، بالإضافة إلى طائرة وزورق مسيَّرَين، وقد أَدَّت العمليتان إلى إصابة السفينتين الأمريكية والبريطانية بأضرار بالغة، وبدت المسألة أكثر من مُجَـرّد استهداف بغرض العرقلة أَو التحذير.

ومن خلال معطيات العمليتين فَــإنَّ هناك رسائل كبيرة، منها أن القوات المسلحة اليمنية ماضية بقوة في تأديب رعاة الكيان الصهيوني “أمريكا وبريطانيا”، وكذلك أن العمليات الضارية والقوية ستكون من نصيب سفن لندن وواشنطن، خُصُوصاً أن المسألة باتت استهداف مِن أجلِ الإغراق والإحراق، وهذا كفيل بإجبار حماة الكيان على مراجعة الحسابات والسير للضغط نحو وقف العدوان والحصار على غزة ولبنان.

وعلاوةً على كون الموضوع رسالة قوة وقسوة على لندن وواشنطن، فَــإنَّها أَيْـضاً رسالة عسكرية تريد القوات المسلحة اليمنية من خلالها أن تكشف للجميع مدى فشل أمريكا وبريطانيا حتى في حماية سفنهما، وقد تم تنويع استخدام الأسلحة بكثافة عالية؛ ليتأكّـد للجميع أن لندن وواشنطن عاجزتان عن مواجهة أي نوع من الأسلحة التي استهدفت سفنهما؛ وهو الأمر الذي يجعل خيارات القوات المسلحة متاحة ومفتوحة للقدرة على ضرب الأهداف بأي سلاح مناسب، وليس سلاحًا بعينه، فقد أثبتت العمليتان أن أمريكا وبريطانيا فشلتا في مواجهة الزوارق والطائرات المسيرة والصواريخ البالستية والمجنحة، وهي جميعها الأسلحة التي ضربت السفينتين الأمريكية والبريطانية دون أدنى قدرة على اعتراض أي سلاح رغم تتابع مرات الاستهداف الذي يوجب يقظة القطع الحربية المنشرة التابعة للأعداء المستهدَفين.

وما يؤكّـد أن المسألةَ في العمليتين هي مسألة قوة وقسوة خَاصَّة وحصرية على أمريكا وبريطانيا، هو أن السفن الأُخرى المستهدفة في ذات العمليات تم ضربها بنوع واحد من الأسلحة بغرض عرقلتها، وَأَيْـضاً المشاهد التي بثتها القوات المسلحة اليمنية عن استهداف السفينة البريطانية “CORDELIA MOON” بالإضافة إلى المقاطع التي صورها طاقم وركاب السفينة، حَيثُ أظهرت جميعها أن القوات المسلحة استهدفت السفينة في البداية بزورق مسير أَدَّى إلى إصابتها إصابة كبيرة وبالغة، ورغم أن الاستهداف تم تحت أنظار طاقم التصوير الحربي اليمني، فَــإنَّ باقي الأسلحة المستخدمة توالت تباعاً “8 صواريخ بالستية ومجنحة وطائرة مسيرة” لتصب غضبها على ذات السفينة، ولو كانت المسألة هي الاستهداف وكفى لكان الزورق الذي انفجر بقوة هائلة كافياً لذلك، خُصُوصاً أن القوات المسلحة وثَّقت لحظةَ الاستهداف وعلمت فورًا بدقة الإصابة وتأثيرها الكبير، لكنها أرادت أن توصل رسالة القوة والقسوة للعدو البريطاني وانهالت بصواريخها وطائرتها على السفينة لتقضيَ عليها تماماً، وكذلك هو الحالُ ذاته بالنسبة للسفينة النفطية الأمريكية المستهدَفة بكمية أسلحة أكبرَ وأكثر.

 

دقّةُ المجنَّحات اليمنية في المحيط الهندي.. رسائلُ إضافية نوعية:

أما العاملُ المشتركُ الثاني في عمليات الأول والعاشر من أُكتوبر الجاري، فهو نجاعة ودقة الصواريخ اليمنية المجنحة في ضرب السفن البعيدة، المارّة عبر المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح؛ ما يجعل خيار الإفلات من الحصار اليمني أمراً صعباً للغاية إن لم يكن مستحيلاً، خُصُوصاً أن العمليتين حملت دلالات تؤكّـد ذلك.

في الأول من أُكتوبر تم ضرب سفينة “MARATHOPOLIS”، في المحيط الهندي بصاروخ مجنح لانتهاك الشركة المالكة قرار الحظر، والأمر ذاته بالنسبة للسفينة “ST. JOHN” التي تم ضربها في العاشر من أُكتوبر بصاروخ مجنح وَأَيْـضاً في “المحيط الهندي” ولذات السبب “انتهاك الشركة المالكة لقرار الحظر”، وقد كانت الإصابة دقيقة ومباشرة وفق ما أكّـده العميد سريع.

ومن خلال هذه المعطيات نجد أن هناك دقة واضحة وقدرة كبيرة تظهرها الصواريخ المجنحة في الوصول للهدف البعيد “المارِّ من المحيط الهندي” دون تكرار إطلاق صواريخ من ذات النوع أَو نوع آخر؛ كون الهدف قد تم ضربه من المرّة الأولى، وهذا يثبت أَيْـضاً أن اليمن يطور أسلحته باستمرار ويجدد قواعد الاشتباك وينوِّعُ التكتيكات والأساليب والأسلحة المستخدَمة؛ لإحداث المزيد من الإرباك في صفوف القطع البحرية الأمريكية والبريطانية التي تحاول حماية الملاحة الصهيونية دون جدوى، ودون حتى مواكبة تلك التكتيكات النوعية والمتنوعة.

ومن جهةٍ أُخرى أَيْـضاً نجد أن سببَ الاستهداف هو مخالفة الشركتين المالكتين للسفينتين قرار الحظر اليمني؛ ولذا تم الاكتفاء بصاروخ واحد لكل سفينة، بغرض التحذير وإتاحة المجال أمام الشركتين لمراجعة حساباتهما والامتناع عن التعامل مع كيان العدوّ، ولم يتم استخدام القوة والقسوة كما هو الحال مع السفن الأمريكية والبريطانية.

وبهذه الحصيلة، يتأكّـد للجميع أن اليمن بات قادرًا على استخدام القوة التي يريد وبالحجم الذي يريد وضد الطرف الذي يريد، دون النظر لأية عوائق أَو موازين مضادة تمتلكها أيٌّ من الأطراف المستهدَفة؛ فالسفن التي تمر تحت رعاية وأنظار القطع الحربية الأمريكية والغربية هي معرّضة للقسوة والتدمير أكثر من السفن الأُخرى، وقد أثبتت نتائج العمليات ذلك؛ ما يجعلُ من أكذوبة “الحماية” التي تروج لها واشنطن ولندن، أضحوكةً أجبرت القوات المسلحة اليمنية على التعامل مع سفن حامليها “أمريكا وبريطانيا” بشكل خاص مليء بالقوة والقسوة والبأس الشديد.

وختامًا يشار إلى أن القواتِ المسلحة اليمنية نَفَّذَت عمليات بحرية في الأول من أُكتوبر استهدفت سفينة نفطية بريطانية في البحر الأحمر وأُخرى في المحيط الهندي وثالثة قبالة جزيرة سقطرى، وفي العاشر من أُكتوبر استهدفت سفينة نفطية أمريكية في البحر الأحمر، وأُخرى في المحيط الهندي، وهذا إجمالي العمليات البحرية منذ بداية الشهر الجاري حتى كتابة هذا التقرير، فيما تشيرُ التقديراتُ إلى أن العدوّ الصهيوني ورعاته ما يزالون على موعد مع المزيد من الصفعات البحرية القادمة طالما استمر العدوان والحصار على غزة ولبنان، وطالما أصر ثلاثيُّ الشّر على مواصَلةِ إجرامه بحق اليمن العظيم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com