ما بعد عام لطوفان الأقصى.. إنجازاتٌ كُبرى وحقائقُ عظمى
عبدالجبار الغراب
كانت للوقائع الظاهرة والمكشوفة وللمخطّطات الموضوعة والمدروسة للبدء التدريجي للقضاء على المقاومة الفلسطينية من قبل الصهاينة ومعهم الأمريكان وأعوانهم الأعراب المطبعيين، استباقيتها الضرورية والعظيمة وبخطة محكمة ودقيقة للقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق خاطفة ومفاجئة من قبل المقاومة الفلسطينية يوم السابع أُكتوبر 2023 للانقضاض على قواعد ومواقع عسكرية للاحتلال داخل مستوطنات غلاف غزة، واستنادها المشروع إلى كافة الضروريات الطارئة لاستعادة الأرض المحتلّة وتطهير المقدسات الإسلامية المغتصبة ورفع الحصار الجائر على قطاع غزة منذ 17 سنة واقعه الحقيقي الضروري والعاجل لخلق متغيرات جديدة وأكيدة لتغير وجه كامل المنطقة بعيدًا عن أحلام وأماني الأمريكان والصهاينة ومخطّطاتهم الخبيثة والقذرة.
وضعت المقاومة الفلسطينية عديد المسارات المشروعة لتحقيق كامل الأهداف المطلوبة لشعبها ولطيلة عقود ماضية، لتتوالى الإنجازات الكبرى وتتعاظم الانتصارات بفعل الصمود الفلسطيني ومعه مقاومته الباسلة رغم كُـلّ ما ارتكابه الكيان الإسرائيلي من إبادة جماعية وبمختلف النواحي الإنسانية، فعلى مدار عام سقط أكثر من (150) ألفاً ما بين شهيد وجريح وبأكثر من ربع مليون غارة جوية ألقيت على قطاع صغير مثل غزة؛ إلا أَنَّه انكسر وانهزم عاجزاً عن تحقيق أهدافه، لتتعزز إنجازات المقاومة الكبرى في تغيرها لواقع المنطقة بأكملها، وفي أحداثها لمنعطف هام وإنجاز تأريخي على المستويين الإقليمي والعالمي بإعادة القضية الفلسطينية إلى واقعها الحقيقي، وفي إخراجها لحقائق واسعة النطاق بتعريتها لكيان الاحتلال إنسانيًّا وأخلاقيًّا ومعه كافة المنظمات الدولية الداعية بحمايتها للحقوق الإنسانية، وفي إيضاحها لكامل الأحقاد والكراهية والبغضاء التي يكنها الأمريكان والغربيين للعرب والمسلمين وبدون استثناء، وفي خلقها لتضامن شعبيّ عالميّ لم يسبق له مثيل وإيجادها للعديد من المديات المتوالية، والتي أتاحت المجال لإعلان دول غربية اعترافها بالدولة الفلسطينية، ورسمها لركائز هامة لمدى احتضان الشعوب للمقاومة ومناصرتها ضد المحتلّين والتصدي والصمود مهما كانت التضحيات الجسيمة والأثمان الباهظة.
شكلت انطلاق ملحمة الطوفان لحظتها التأريخية الفارقة والمفصلية في تغييرها لواقع كُـلّ الشعوب الأحرار في العالم، وانعطافاتها الكبيرة لقلب كُـلّ المسارات السابقة التي كان لتجاهل القضية الفلسطينية أساليبها الخبيثة، وإسقاطها للوهمية السائدة لدى بعض الأنظمة العربية المطبعة وارتمائهم إلى أحضان الصهاينة بعدم قدرة الجيش الإسرائيلي على حماية نفسه وسقوطه المذل كأقوى جيش المنطقة، وفضحها لمسار الأكاذيب الغربية وزيف شعاراتها ودعاياتها الكاذبة بحمايتها والدفاع عن الحقوق الإنسانية، وإنهائها لمسلسلات الحروب الخاطفة لجيش الاحتلال وإدخَاله في متاهات واسعة النطاق بمعارك كبرى متعددة الساحات كبدته الخسائر الفادحة واستنزافه في الكثير من الجبهات المتعددة.
أعطت جبهة الإسناد اليمنية عدة مسارات استثنائية في دعمها لمعركة الطوفان شعبيًّا بالاحتشادات المليونية والاستثنائية ولمدة عام لم تخلوا المدن من المظاهرات، وعسكريًّا برفع سقف التحديات منذ اللحظات الأولى بتوجيههم للتحذيرات للأمريكان من مغبة تدخلهم المباشر لدعم الكيان، فكان ليوم 19 نوفمبر 2023 تاريخه العظيم في الذاكرة والوجدان عندما لبت القيادة الثورية والسياسية المطالب الشعبيّة بالإسناد الفعلي للفلسطينيين، فشكل هذا القرار التاريخي والاستثنائي منطلقاً لتحولات استراتيجية هامة وعسكرية خطيرة تصاعدت دراماتيكيًّا بأفعالها التأثيرية وإفشالها لمخطّطات الأعداء في أنها وضعتهم أمام مخاطر ومواجهات عسكرية مباشرة مع اليمنيين طالما حلموا بها.
نجح الجيش اليمني في فرضة لمتغيرات وموازين عسكرية جديدة وبمعادلات ردع قوية، ألحقوا بالصهاينة خسائر اقتصادية فادحة بفعل الإغلاق البحري التام أمام سفنهم، وعسكريًّا بالضرب المباشر والدقيق لمواقع ومنشآت عسكرية داخل عمق الأراضي المحتلّة، والانهيار والفشل العسكري لتحالف الازدهار البحري بقيادة الأمريكان وعدم قدرتهم على حماية سفن الكيان لتتقزم قوتهم وتتحطم مكانتهم وسقطت بذلك كامل هيبتهم العالمية، لتكشف الأرقام عن حقائق لنجاحات حقّقتها جبهة الإسناد اليمنية باستخدامها لأكثر من (1000) صاروخ ومسيّرة وباستهدافهم لأكثر من (193) سفينة تجارية وعسكرية للصهاينة والأمريكان والإنجليز، وبمفاجآتهم الكبرى غير المسبوقة شكلوا مركزاً لثقل استراتيجي كقوة عسكرية يحسب لها ألف حساب، فتصاعدت مستويات العمليات العسكرية اليمنية في إسنادها للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية جراء العدوان الإسرائيلي المباشر على لبنان وتوسعته لدائرة الصراع لغبائه الذي سوف يعجل بزواله الأكيد، إحقاقاً لكلام الله ونصرةً لعباده المرابطين في غزة وفلسطين، دفاعاً عن الأقصى الشريف.