المسلمون جنودُ الحق في مواجهة الظلم
شاهر أحمد عمير
في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه المسلمين حول العالم، نرى مشهداً يتكرّر في العديد من الدول الغربية، حَيثُ تنطلق الحكومات بل وحتى بعض الشعوب في حملات واضحة تستهدف الإسلام والمسلمين. هذه الحملات تتنوع ما بين تشويه صورة الإسلام إعلاميًّا وسياسيًّا إلى دعم مباشر أَو غير مباشر لأنظمة تضطهد شعوباً مسلمة. ولعل هذه المواقف تستدعي من كُـلّ مسلم التوقف والتفكر في دوره ومسؤوليته.
نرى اليوم مثالاً واضحًا على هذه السياسات العدائية في ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا و”إسرائيل” من جرائم في فلسطين ولبنان. “إسرائيل” تواصل عملياتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، مستخدمة كُـلّ أشكال العنف والقوة المفرطة، مدعومة بشكل مباشر من الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية. هذه القوى الكبرى لا تكتفي بدعم “إسرائيل” سياسيًّا ودبلوماسيًّا فقط، بل تقدم الدعم العسكري واللوجستي الذي يمكن الاحتلال الإسرائيلي من مواصلة جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.
في لبنان، نجد الأثرَ ذاته للسياسات الغربية التي تدعم الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على السيادة اللبنانية، والهدف دائماً هو إضعاف المقاومة والتأثير على الأمن والاستقرار في المنطقة. أمريكا وبريطانيا تلعبان دوراً مزدوجاً في هذا الصراع؛ من جهة تقدم نفسها كوسيط للسلام، ومن جهة أُخرى تسهم في تمكين الاحتلال عبر تزويده بالأسلحة والغطاء السياسي على الساحة الدولية.
إن التعامل مع هذه الحملات العدائية لا يجب أن يكون برد فعل عشوائي أَو عنيف، وإنما عبر فهم عميق للرسالة الإسلامية التي تعلمنا كيف ندافع عن ديننا وشعوبنا بالحق والعدل. المسلم، في هذه الظروف، يجب أن يكون جنديًّا حقيقيًّا، لكنه جنديٌّ للخير والعدل. قال الله تعالى: “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” (البقرة: 190). هذه الآية تجسد المبادئ الأَسَاسية في الرد على العدوان؛ الدفاع المشروع دون اعتداء.
الحملات الغربية ضد المسلمين، سواء كانت عسكرية، سياسية، أَو إعلامية، لا تهدف فقط إلى السيطرة الجغرافية أَو الاقتصادية، بل تحمل في طياتها نية لزعزعة قيمنا ومعتقداتنا. ولذلك، يتطلب الموقف منا جميعاً أن نكون واعين بدورنا كمسلمين، مستعدين للدفاع عن ديننا، ولكن بالأساليب التي تكرس العدالة والسلام.
كيف يمكن للمسلم أن يكون جنديًّا في مثل هذا العصر؟ الجندية هنا لا تقتصر على حمل السلاح، بل تتعداها لتشمل جهاد الكلمة، جهاد التعليم، وجهاد البناء. يجب أن نكون على وعي بأن مواجهة هذا الظلم لن تكون عبر العنف فقط، بل من خلال تعزيز أخلاقنا الإسلامية في حياتنا اليومية، رفع مستوى الوعي بالدين الصحيح، والانخراط في الدفاع عن قضايا الأُمَّــة بالوسائل التي تتماشى مع تعاليم الإسلام السمحة.
في مواجهة هذا العداء الغربي، علينا أَيْـضاً أن نعمل على تعزيز الوحدة بين المسلمين. فقد علمنا التاريخ أن التفكك والفرقة هي من أعظم الأسباب التي تؤدي إلى ضعف الأُمَّــة الإسلامية. قال الله تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعاً وَلَا تَفَرَّقُوا” (آل عمران: 103). الوحدة هي السلاح الأقوى الذي يمكن أن يجمع المسلمين في مواجهة التحديات المشتركة، سواءٌ أكانت سياسية، اقتصادية، أَو عسكرية.
على كُـلّ مسلم أن يكون جنديًّا للحق، يعمل بكل ما أوتي من قوة للدفاع عن دينه وأمته، ولكن دائماً ضمن إطار القيم الإسلامية السامية التي تدعو للسلام والعدالة. إن الله أمرنا بأن نكون دعاة للخير والعدل حتى في أحلك الظروف، وبهذا فقط يمكننا أن نحقّق النصر الحقيقي في الدنيا والآخرة.