(طوفان الأقصى) وَتسونامي اليمن
خلود الشرفي
ونحن على أعتاب الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى العظيمة، والتي شكّلَت مفترقَ طرق، ومنعطفًا جديدًا، للعروبة والإسلام، وصهرت الاختلافات العقيمة والمذاهب الحزبية في بوتقة واحدة، هدفها محاربة العدوّ الأول للبشرية جمعاء، ذلك الكيان الصهيوني اللئيم، وَالغدة السرطانية المتفحمة..
عملية بطولية تمت بنجاح باهر بفضل الله تعالى وتوفيقه على يد “رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” مثّلَت الجهاد المقدس في مثله العليا، وصفاته الحسنى.
مرحلة مفصلية في وجدان التاريخ، محفورة في أعماق أعماقه، هنا وهنا فقط، ترفرف الرايات، وتنحني الجبهات أمام مرحلة حاسمة وحدث تاريخي عظيم، على أبواب نصر مؤزر، وفرح منتظر مؤكّـد بإذن الله وبحوله وقوته سبحانه وتعالى.
وبالطبع فإن ما بعد “الطوفان” ليس كما قبله، وما أمامه ليس كما خلفه، فقد تغيرت نواميس الكون، واختلفت قوانين اللعبة، وأصبحت المقاومة الإسلامية هي اللاعب الأَسَاسي في الحلبة، الذي استحوذ على ما يكفي من الأهداف الثمينة التي لا تُقدر بثمن لتحقيق النصر، وإعادة هيكلة الزمن، وتصحيح المسار..
وما زالت مقاومتنا الباسلة تحقّق الأهداف جولة بعد جولة، في مرمى عدو متوحش متعطش للدماء، رغم أنه قد ارتوى منها لحد أذنَيه، وما زال غارق في تلك الجرائم إلى رأسه، ولكن الحقد يحدوه، والعجز والفشل يلاحقه كظله، وهذا ما كشفته الأيّام، وأكّـدته الميادين، وفضحته المواقع، فأُولئك الأوغاد من حثالة البشر وشراذمة الآفاق، لن يوقفهم شيء إلا لجام قارح، يزلزل فرائصهم، ويهز معاقلهم، ويدمّـر بنيناهم، ويهدم أَسَاساتهم، ويقوض وجودهم من أصله وفصله.. هذا هو الحل الوافي والدواء الشافي لمن لايزال في قلبه مرض، لمن تغذى وما زال يترعرع على جرثومة الإفساد في الأرض، ويقتات على شرب الدم والدمع معًا، فإلى أي توحش وصل هؤلاء المجرمون، وأي حقد يكنونه لأمة الإسلام، فهذا بلا شك من الأسئلة البديهية، والتي لها إجَابَة بديهية كذلك، وهو الحقد اليهودي الأعمى لكل سكان المعمورة عامة، وللإسلام وأهله بوجه خاص.
ومما يثير الاهتمام أن هذه الذكرى السنوية الأولى للطوفان المبارك تأتي والمنطقة برمتها تشهد صراعاً غير مسبوق، وغليانًا لا مثيل له، بعد الأحداث المتسارعة خلال الأسابيع القليلة الماضية، والتي قلبت الموازين والقوى، وغيّرت المعادلات، وأعادت القضيةَ الفلسطينية والجهاد المقدس إلى الواجهة بعد شهور طويلة من المجازر التي أصبحت روتين يومي اعتاد الناس عليها، فلم تعد تحَرّك ساكناً رغم فظاعتها، التي يندي لها جبين الإنسانية جمعاء.
نعم يجب الانتباه إلى حجم المظلومية الكبيرة التي يعاني منها ويرزح تحت أغلالها شعب عزيز مسلم، قد تكفل بجهاد اليهود المتغطرسين نيابة عن الأُمَّــة، وخاض وما زال يخوض حرباً لا مثيل لها في تاريخ البشرية جمعاء..
وها هي الآن دقت ساعة الصفر، ولا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه، فقد جاء أهل اليمن في تسونامي عظيم، سوف يغرق تل أبيب بمن فيها وما فيها، ويحولها إلى مستنقع يلتهم الغزاة، وبيئة تطرد المستكبرين..
إن هذه المشاهد المهيبة لرجال اليمن الأحرار ليؤكّـد حتمًا ويقينًا، بأن نصر الله آتٍ لا محالة، وها نحن نرى ملامح النور، وخيوط النصر تمتد في الأفق الجميل لتزينه بأشعة ذهبية وضاءة تبعث الآمال، وتجدد الهمم، وتعزز الجهاد، وتتبنى الاستشهاد في كُـلّ زاوية من زوايا هذا العالم المليء بالمفاجآت، والمشحون بالأسرار لتقول بلسان حالها ومقالها: “أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ”.