طوفان حتى التحرير
احترام عفيف المُشرّف
مع مرور عام على (طوفان الأقصى) المبارك، ورغم الدماء التي سفكت والشهداء الذين ارتقوا، والقادة الذين فقدناهم، إلا أن هناك جرس إعلان واضح يقول لـ “إسرائيل” الرحيل الرحيل، في وقت أصبح الإسرائيلي في حالة خوف وترقب وهو يرى تهديداً وجوديًّا، وكلّ المعطيات تقول له أنت إلى زوال لا محالة ووجودك مؤقت.
فقد أثبتت المقاومة الفلسطينية صلابتها وشدة قاعدتها، وقد كانت ولمدة عام في هجوم متواصل على العدوّ الذي ما برح قتل وإبادة المدنيين، وهو ما يدل على عجزه أمام المقاومة وجبهات الإسناد في اليمن وكلّ دول المحور.
وقد أرسلت المقاومة الفلسطينية مع جبهات محور الإسناد عدة رسائل للعدو الصهيوني ومن في فلكه أمريكا وحلف الناتو أَو المتصهينين العرب رسائل مفادها إن أردت السلام إياك والاستسلام، إن أردت السلام فاحمل السلاح، إن أردت النصر فاحمل السلاح، إن أردت العزة فاحمل السلاح، إن أردت الكرامة فاحمل السلاح، احمل السلاح ولا تخف من الكثرة ولا تتردّد؛ بسَببِ قلة العتاد، فكثرتهم ستقل، فهم قليلون وإن كثروا فأنت صاحب الحق وأنت صاحب الأرض، وأنت صاحب القضية وأنت الأقوى والأبقى، إن أردت السلام فاجعل عدوك يعلم بأنه ليس في قاموسك كلمة الاستسلام، وليس في قاموس فلسطين ودول المحور غير مصطلحات القوة، وما أخذ بالقوة فلن يُعاد إلا بالقوة؛ «فالحق يأخذ عنوة لا بالوعود ولا المزاعم».
إن المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد قد عرى الجيوش العربية وقادتها، الذين سقطت عنهم الهيبة وجعلتهم يحصدون الخيبة ويتجرعون الهزائم النفسية في ظل تقزُّمِهم أن يفعلوا بالعدوّ الإسرائيلي ما تفعله حركات المقاومة.
المقاومة التي قالت للعالم أجمع بأنها انتقلت من الدفاع إلى الهجوم وعلى عدوها أن يخاف، ونحن مُستمرّون وقادمون وإلى حَيثُ أنتم قادمون ومحرّرون، وما ظنّ الإسرائيلي أن طوفان الأقصى سرعان ما سينحسر وتخمد نيرانه وينتهي أمر المقاومة فقد خاب ظنهم، وها هم كمن أراد أن يستنزف مياه البحار أَو يضع يدَيه ليغطيَ على شمس النهار.
الطوفان لن ينتهي حتى ينتهي العدوّ وتتطهر الأرض منه، الطوفان سيعلم العالم الأبجدية من جديد ويعيد الحروف إلى نصابها والكلمات إلى حقيقة معانيها، ويعيد تعريف موازين القوة، وما يستعرضه من قوة عسكرية مَـا هو إلا غيض من فيض، والقادم أعظم وأقوى وأكبر بإذن الله.
طوفان الأقصى وجبهات محور الإسناد أعلنها صريحة نحن ليس ممن سيقف عاجزاً، وعلى العدوّ إعادة النظر مرات ومرات وهو يفكر في بقائه على هذه الأرض، وَإذَا كانوا لا يقرأون التاريخ ومَـا هو مصير المحتلّ، فَلينظروا في الحاضر المعاصر، وأنى لهم أن يطمعوا في أرض أصبح جُل أهلها مقاتلين، ولم يعد فيهم طفل صغير أَو امرأة ضعيفة، إذَا كانت أوطانهم مهدّدة، فكلهم مقاتلون وقد طفح الكيل، وعرفوا أن لا جدوى من انتظار حكومات كسيحة ليس لها من أمرها شيء، وقد آن الأوان لتطهير الأرض من دنسهم.
الطوفان باقٍ حتى التحرير وسيقف له العالم إكباراً وإجلالاً؛ لأَنَّه صنع وسيصنع مع جبهات إسناده ما لم تستطع أن تعمله دول بجيوشها وأسلحتها طيلة سبعين عاماً من الاحتلال.
الطوفان أرسل رسائله للعدو، وعليه قراءتها وإمعان النظر في محتواها وفهمها، وعلى المتصهينين ومن ما زالوا في غيهم أن يعلموا أنهم في عد تنازلي وفي خسارة متصاعدة، كيف لا وهم يقفون ضد أوطانهم وشعوبهم، بل ضد دينهم وكرامتهم وشرفهم، ليتفكروا إن كان لهم عقول ويتدبروا أمرهم، فلن تغني عنهم أمريكا و”إسرائيل” وأذنابهم من الله شيئاً؛ فقد شهدوا ما فعلته المقاومة في عامها الأول والقادم أكبر فهم رجال أفعال.
وعلى العدوّ ومن وراءهم مراجعة حساباتهم قبل أن تنتهي كُـلّ الحسابات، وعروضهم العسكرية ليست للعرض فقط، وكما قالها سيد الشهداء سماحة السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه- بيننا وبينهم الميدان والليالي والأيّام.