في اليوم السابع بعد عامٍ من الطوفان: ما الذي يحدث في مخيم “جباليا” شمالي القطاع المنكوب؟
المسيرة | خاص
في اليوم السابع بعد السنة الأولى من العدوان على غزة، يقومُ جيشُ الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ مخطّط إجرامي خطير يأتي في سياق الإبادة الجماعية المُستمرّة تحت أنظار العالم كلّه منذ الـ 7 من أُكتوبر 2023م.
ومنذ تسعة أَيَّـام، يحاول جيش الاحتلال وسط مقاومة شرسة وصمود أُسطوري من قبل مجاهدي المقاومة الفلسطينية، فصل شمال القطاع عن مدينة غزة، من خلال سيطرة الآليات التابعة له وغطاء الطائرات الحربية والمسيّرة، مع ارتكابه مجازر وحشية بحق حوالي 100 ألف مدني.
مصادر متعددة من “جباليا” تحدثت عن تراكم الجثث في الطرقات وسط غياب الخدمات الطبية؛ نتيجة مجازر صهيونية بحق من رفضوا الانصياع لأوامر الإخلاء التي أصدرها جيش العدوّ، رافضين تركَ منازلهم وتنفيذ مخطّط التهجير الذي أعلنته سلطات الاحتلال منذ بداية العدوان؛ بهَدفِ تحويل شمال القطاع إلى منطقة عسكرية مغلقة.
وفي السياق، قالت صحيفة “هآرتس” العبرية كاشفةٍ عن مخطّط للاحتلال: إن “كل من سيتبقى في شمال قطاع غزة سيكون محاصرا وسيتم تجويعه”، مضيفةً، أن “الجيش استعد لشن مناورة واسعة شمال غزة بعد توقف مفاوضات صفقة التبادل للضغط على حماس للعودة للمحادثات”.
يأتي ذلك في وقتٍ أكّـدت فيه مصادر محلية، الأحد، أن الاحتلال بدأ بالفعل نسفَ مبانٍ سكنية غربي “مخيم جباليا” شمالي القطاع، إضافة إلى نسف مبانٍ في منطقة “التوام” شمالي غرب مدينة غزة.
وتناولت وسائل إعلام إسرائيلية تطورات الأوضاع في قطاع غزة، مسلطة الضوءَ على التحديات التي يواجهها جيشُ الاحتلال، وتقييم الوضع الراهن بعد مرور عامٍ على بدء العدوان، مؤكّـدةً أنهُ وفي اليوم التاسع من العملية البرية الأخيرة على “جباليا” يتوقّع جيش الاحتلال أن تتواصلَ العملية العسكرية في المخيم لعدة أشهر.
الهدفُ الصهيوني من “جباليا”.. “خطة الجنرالات”:
يرى خبراءُ عسكريون من أن الهدفَ الرئيسي لجيش الكيان هو عزل المخيم عن باقي المنطقة الشمالية في القطاع؛ فحجم القوات المشاركة في العملية يعكس أهميّة الهدف بالنسبة إلى الاحتلال؛ إذ تم الزج بفرقة عسكرية كاملة تقريبًا في المنطقة؛ مما يشير إلى أن الهدف من العملية كَبيرٌ جِـدًّا، ويتطلب قوة عسكريةً ضخمة.
سابقًا؛ فقد اعتاد “مخيم جباليا” منذ سنوات طويلة على العمليات العسكرية الصهيونية، فقد سبق لرئيس وزراء الكيان الأسبق المجرم “أرييل شارون” أن اقتحم المخيم عام 1971م، مخلفاً دماراً واسعاً، كما تعرض المخيم لـ3 عمليات قصف عنيفة في بداية الحرب الحالية، حَيثُ استخدمت قنابل تزن نحو ألفي رطل؛ ما أَدَّى إلى سقوط عشرات الضحايا من المدنيين.
ومخيم “جباليا” -بحسب مراقبين- يعد مركَزَ ثقل أَسَاسيًّا للمقاومة الفلسطينية؛ ولذلك يسعى الاحتلال إلى خفض قدرات المقاومة خلال هذه العملية، ولفت المراقبون إلى وجود خطة معينة تقوم على التدمير والتهجير، وهذه الخطة، التي يُطلَق عليها “خطة الجنرالات”، تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وإجبارهم على الانتقال إلى جنوب القطاع؛ ما يسمح للاحتلال بالسيطرة على المنطقة الشمالية بالكامل والقضاء على أي وجود للمقاومة فيها.
وفيما يتعلق بإعلان الاحتلال أن غزة مسرح ثانوي للعمليات، رأى خبراء أن جيش الاحتلال يحاول إقناع الداخل الإسرائيلي بأن العمليات في غزة قد انتهت فعليًّا، وأن الحرب أصبحت منخفضة الحدة هناك، وبالتالي تكون مقدمة لتحويل الأولوية إلى الجبهة الشمالية، حَيثُ سيتم توجيه مزيد من الجنود والآليات العسكرية.
“جباليا” تُثْبِتُ مجدّدًا أنها عصيَّةٌ على الاحتلال:
في الإطار؛ حاولت قوات الاحتلال منذ تسعة أَيَّـام التوغل في “مخيم جباليا” شمالي القطاع، في عملية برية هي الثالثة بالمنطقة منذ بدء العدوان قبل عام.
ووفقاً لما ذكره مراسل الشؤون السياسية في قناة “كان 11″، فَــإنَّ حادثاً “صعباً جداً” وقع في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، حَيثُ انفجرت عبوة ناسفة زرعتها حركة المقاومة الإسلامية حماس، بجيب عسكري إسرائيلي من نوع “هامر”؛ ما أسفر عن مصرع 3 جنود إسرائيليين.
وأشَارَ إلى استمرار المقاومة في “جباليا”، وأن الاشتباكات تدور بين جيش الاحتلال وخلايا صغيرة من المقاتلين الفلسطينيين، كما لفت إلى وجود جهود من قِبل حركة حماس لإعادة بناء قدراتها العسكرية في المنطقة، حَــدّ تعبيره.
في المقابل، قالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إنها “أوقعت سرية مشاة ميكانيكية مؤللة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في كمين مركّب شرق مخيم جباليا بشمال قطاع غزة”.
من جانبه، صرح “نوعام تيبون”، القائد السابق للفيلق الشمالي في جيش الكيان، للقناة الـ12 الإسرائيلية، بأن “ما يحدُثُ حَـاليًّا في غزة هو حرب عصابات”، مُضيفاً أن المقاومة الفلسطينية تعتمد على 3 أسلحة رئيسية: “العبوات الناسفة، وقذائف آر بي جي، والقناصة”.
وفي سياقٍ منفصل، أكّـدت صحيفة “هآرتس” العبرية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أصبح يفرض موافقة كبار القادة لاستخدام القذائف ووسائل القتال الأُخرى؛ بسَببِ تراجع مخزونه من الذخيرة.
لافتةً إلى أن “الجيش رفع إلى المستوى القيادي للموافقة على استخدام الأسلحة الثقيلة، في ظل الحظر على تصدير الأسلحة لإسرائيل”، مبينةً أن “هناك خشيةً وقلقًا في المؤسّسة الأمنية بشأن عدم حصول إسرائيل على شحنات أسلحة”.
تطورات العدوان وإحصائيات الجرائم:
قالت وزارة الصحة في غزة: إن “قوات الاحتلال ارتكبت 4 مجازر في القطاع، وصل منها للمستشفيات 52 شهيداً و128 مصاباً خلال 24 ساعة مضت”، مشيرةً إلى ارتفاع عدد ضحايا العدوان على القطاع إلى 42 ألفًا و227 شهيداً و98 ألفا و464 مصاباً.
وأعلن مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، “إسماعيل الثوابتة” أن “الاحتلال يرتكب مجازر في محافظات الشمال قتل فيها أكثر من 300 شخص منذ 9 أيام”.
وقال: “نحن أمام حرب استئصال إجرامية ينفذها الاحتلال والأمريكيون بحق شعبنا”، موضحًا أن “الاحتلال يسعى لتنفيذ مخطّط تهجير هو أكبر وأخطر مخطّط أمريكي إسرائيلي في القرن الـ21”.
من جهتها؛ أكّـدت مقرّرة الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، “فرانشيسكا ألبانيز”، أن “القوات الإسرائيلية ترتكب الآن مذبحة أُخرى في شمال قطاع غزة”، وأن “الفلسطينيين يُقتلون في جباليا بقسوة وسادية بأسلحة ودعم غربي”.