النظام السعوديّ يتجاوزُ خِذلانه لفلسطين بعِداء مباشر واصطفاف معلَن في الخندق الصهيوني
المسيرة: نوح جلّاس
زاد النظامُ السعوديّ من سفورِ وجهه القبيح المنحازِ للكيان الصهيوني بكل المقاييس، بدون أي خجل أَو تستر، وهو ما أظهرته ردود الفعل الإعلامية للوسائل الإعلامية السعوديّة، من بينها وسائل إعلام رسمية ناطقة باسم النظام؛ ليتأكّـد للجميع أن صمت السعوديّة طيلة العدوان والحصار على غزة منذ السابع من أُكتوبر الماضي، لم يكن مُجَـرّد تخاذل فحسب، بل تجاوز حَــدّ التواطؤ مع المجرم الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته العادلة والباسلة.
وفي تأكيد على أن النظام السعوديّ لا يقف في الصف الإسلامي على الإطلاق، سواء بما يسمِّيه هو الصف “السُّني”، ولا الصف “الشيعي”، وإنما أثبت أنه يقف بكل وضوح مع الصف الصهيوني، حَيثُ ظهر ذلك من خلال مباركته للعمليات الصهيونية التي طالت رموز الجهاد والمقاومة سواء في فلسطين أَو خارج فلسطين وآخرها التي طالت المجاهد العظيم يحيى السنوار.
وبعد تقرير لصحيفة “عكاظ” السعوديّة الرسمية الناطقة باسم نظام آل سعود، تعمَّد إبراز اغتيال السنوار كانتصار أخير ونهائي للعدو الصهيوني وهزيمة مدوية للشعب الفلسطيني، أعقبت قناة “mbc” التابعة لآل سعود، تقريرًا فاضحًا فاق في عدائه لفلسطين ومقاومتها، التقاريرَ الصادرةَ عن القنوات والوسائل الإعلامية الصهيونية.
وفي أبرز جوانبه، تناول التقرير المطول للقناة السعوديّة، أحداثًا من الانتهاكات الصهيونية في فلسطين، غير أنه عكس الواقع، وسمَّى قياداتِ المقاومة الفلسطينية الذين استشهدوا في فلسطينَ؛ دفاعًا عن دينهم وشعبهم وأرضهم وأمتهم، بأنهم “إرهابيون” ومخرِّبون ومجرمون، فيما الكيان الصهيوني هو الذي يخوض معركة عادلة، وهذا السقوطُ بحد ذاته يكشف مدى عمالة هذا النظام ووسائل إعلامه للكيان الصهيوني الإجرامي.
وبـ لُغة عدائية تتجاوز ما أوردته وسائل الإعلام الصهيونية، وصفت قناة “mbc” الشهيد المجاهد الكبير يحيى السنوار بـ”الإرهابي والمخرب”، وهي السردية التي يقولها دائمًا المجرم نتنياهو وقادة العدوّ الصهيوني، عن القائد السنوار وزملائه في المقاومة الفلسطينية الباسلة؛ ما يؤكّـد أن النظام السعوديّ يقف في نفس الخندق الصهيوني، وهو الأمر الذي يكشف أن هذا النظام العميل بما يملكه من مقومات، يساند ويدعم بشكل مباشر كيان العدوّ الصهيوني المجرم ضد الشعب الفلسطيني؛ أي أن ما يُعرَفُ بالتخاذل السعوديّ تجاه فلسطين، لم يعد كذلك فحسب، بل إنه العداء السعوديّ ضد فلسطين وشعبها ومقاومتها.
وفضلًا عما نقلته القناة السعوديّة وباقي المواقع الإخبارية الموازية التابعة للنظام السعوديّ؛ فقد برزت روائح الخيانة بشكل كبير في صفوف الآلاف من المغردين السعوديّين، من بينهم مسؤولون يشغلون مناصب متقدمة في المؤسّسات السعوديّة؛ فمن اللحظة الأولى لإعلان كيان العدوّ الصهيوني خبر اغتيال الشهيد السنوار، ظهر مغردو آل سعود وباقي الذباب الإلكتروني السعوديّ بمنشورات وتغريدات احتفائية سبقت احتفالات الصهاينة، بالإضافة إلى أن تلك الحسابات التابعة لمسؤولين سعوديّين تناولت الخبر بشكل مؤكّـد ممزوج بفرحة شديدة وزعوا على إثرها الحلوى، حتى قبل أن يؤكّـد العدوّ الصهيوني صحة الأمر بشكل نهائي ورسمي، وقد تعرض العديد من النشطاء السعوديّون لإهانات كبيرة من قبل نشاطين صهاينة، حَيثُ هاجم الأخيرون عملاءهم السعوديّين ووبَّخوهم؛ بسَببِ تناول الخبر عن اغتيال السنوار قبل أن تؤكّـد “تل أبيب” رسميًّا وبشكل نهائي؛ وهو ما أثار سخرية عربية واسعة من الناشطين السعوديّين الذين تعرضوا لتلك الإهانات الإسرائيلية على الرغم من أنهم نشروا منشورات تخدم العدوّ الصهيوني، ومنشورات تظهر العداء الواضحَ لفلسطين والأمة العربية والإسلامية جمعاء.
ومن المفارقات العجيبة أن النظام السعوديّ الذي يسمي نفسه بأنه خادم الحرمين والجامع للأُمَّـة العربية والإسلامية، يفرض عقوبات كبيرة ضد أي ناشط سعوديّ ينشر منشورات عن مظلومية فلسطين بشكل أَو بآخر، وتبلغ تلك العقوبات حَــدّ السجن لعشر سنوات على أي منشور وعقوبات أُخرى أشد وحشية، وفي المقابل فقد أتاح النظام السعوديّ المجال أمام نشطائه ومغرديه لنشر ما يريدون نشره ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته العادلة والمشروعة، بل تحظى هذه المسارات بدعم عجيب، وهو الحال ذاته بالنسبة لعلماء السعوديّة الذين يجوز لهم التغطية على جرائم العدوّ الصهيوني بنسب أسباب ما يجريإلى حركات المقاومة وتحميل قيادات الجهاد المشروع كامل المسؤولية عن الدماء التي تُسفَك، في حين يتم اعتقال أي زائر لبيت الله الحرام إذَا أقدم على الدعاء لفلسطين بالنصر.
ومن الجدير ذكره أن عداء النظام السعوديّ للمقاومة الفلسطينية ليس وليد اللحظة وليس مسارًا محصورًا في الإعلام فحسب، بل إن العداء السعوديّ للمجاهدين في فلسطين ظهر جليًّا بإجراءات عملية إجرامية تفوق وحشية تلك الإجراءات التي يتخذها الصهاينة بحق قيادات المقاومة، حَيثُ ما يزال النظام السعوديّ يعتقل أكثر من 60 شخصية وقيادية تابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس، ويودعهم السجونَ بدون أي مبرّر شرعي أَو قانوني، وحتى بدون محاكمة قضائية، وإنما بداعي العداء لفلسطين ومقاومتها المشروعة، وداعي الإسناد للعدو الصهيوني وانتهاكاته الإجرامية.
وقد أفصح الشهيد القائد إسماعيل هنية في وقت سابق، عن عدد المجاهدين الفلسطينيين الذين يعتقلهم النظام السعوديّ، والذي يتجاوز الـ60 مجاهدًا، من بينهم كبار سن، كانوا ممثلين لحركة حماس لدى النظام السعوديّ قبل أن يكشف عن وجهه الصهيوني بصورة واضحة، وَأَيْـضًا من بينهم قيادات تم اعتقالهم وهم يؤدون مناسك الحج والعمرة، وبدون أية تهم أَو مسوغ قانوني، فيما ناشد هنية النظام السعوديّ مرات متكرّرة ولكن دون جدوى، وهو الأمر الذي يؤكّـد أن النظام المتصهين يشكل خطورة على كُـلّ بيوت الله الحرام ومقدسات المسلمين في فلسطين ومكة المكرمة والمدينة المنورة.
ومع هذه المعطيات وغيرها من المعطيات الموجودة على الأوراق أَو على الإعلام أَو في الخفاء، يتأكّـد للجميع أن النظام السعوديّ قد انتقل فعلاً وبشكل واضح ومعلن، من مرحلة الخذلان لفلسطين والتواطؤ مع العدوّ، إلى مرحلة العداء لفلسطين وشعبها والاصطفاف في خندق العدوّ الصهيوني المجرم بلا هوادة.