جريح فأسير فشهيد… إنه السنوار
أم المختار مهدي
قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
بالأمس نصر الله وقبل الأمس هنية واليوم السنوار وما زالت المعركة قائمة.
يظن العدوّ الصهيوني أنه ستحصل انتكاسة لدول المحور إذَا استشهد أحد عظمائها، ربما تفاؤل فيه أَو لربما غباء؛ حَيثُ لا يعلمون أنَّا مجاهدون اليأس من رحمة الله لدينا عين الكفر، نحزن نبكي نتألم نعم لكن هيهات نضعف أَو نلين أَو ننكسر، في مسيرتنا الجهادية إن سقط شهيد أحيا أُمَّـة وإن خسرنا قائدًا قام مقامه ألف مقاوم.
الشهيد القائد يحيى السنوار عاش مجاهدًا حرًا عزيزًا لم يألُ جهدًا في نصر الحق والدفاع عن المستضعفين، وقد ضحى كَثيرًا وجُرح وأُسير مرتين بتهمة تأسيس جهاز أمني لحركة حماس ثم أسر مرة ثالثة وحكم آنذاك بالسجن المؤبد وقضى فيه 22 عامًا من عمره، ولكن أسره لم يقيد عزمه ولم يمثل حاجزًا له عن جهاده فمارس جهاده من وراء القضبان، ثم تم الإفراج عنه في صفقة تبادل “صفقه وفاء الأحرار” عام 2011 م، خرج من السجن ليذيق العدوّ بأسًا لم يتوقعه ويبرز في الميدان أسدًا كاسرًا قائدًا مغوارًا بقوة أكبر وصلابة وحركة أعلى وأعظم من ذي قبل، نعم لقد عضَّ الإسرائيلي أصابع الندم لتحريره السنوار؛ لأَنَّه لم يكن يعلم أنه سيتولى قيادة أكبر المعارك ضده.
تولى قيادة معركة (طُـوفَان الأقصى) في السابع من أُكتوبر، المعركة التي لم تشهد لها أرض فلسطين مثيل منذ بداية الاحتلال ليكون بأسها عاكسًا لبأس السنوار الذي لقب “برجل (طُـوفَان الأقصى)”.
بعد استشهاد القائد هنية تولى السنوار قيادة حركة حماس وبذل كُـلّ جهده وطاقته ووقته في الجهاد، ولم يكن يليق به إصدار الأوامر أَو القيادة عن بُعد بل كان مجاهدًا في الخطوط الأمامية.
كان العدوّ الصهيوني قد ارتكب عدة جرائم في المستشفيات والمخيمات بحجّـة استهداف القائد السنوار ولكن تفاجأ أن القائد السنوار مع رفاقه المجاهدين في خطوط التماس كأيِّ مغوار يعز عليه الجلوس في أحد زوايا المنزل، حتى نال وسام الشرف الإلهي والحياة الخالدة في 18 أُكتوبر في صورة تليق بعظيمٍ مثله: حاملًا روحه على كفه، مقاومًا حتى آخر لحظات حياته، رابط الجأش متسلحًا بسلاحه الشخصي، لم يمت على فراشه كالبعير ولا في حادثٍ سيارة ولا كما يموت الناس الآخرين، بل قضى نحبه كولي من أولياء الله الذين عاشوا مجاهدين ورحلوا شهداء مكرمين.
العدوّ وإن فرح لاستشهاده فهو جاهل للبركان الذي سيفجره دمه الزاكي، بالأمس خافوا قيادته واليوم يرعبهم جسده وغدًا سيميتهم أثره بإذن الله.