قوافلُ الشهداء من القادة العُظماء
غيداء الخاشب
معادلةُ الحياة بمنظور القرآن الكريم هي أن: طريقَ الجهاد والمواجهة المباشرة مع اليهود بالإضافة إلى تضحيات كبيرة يساوي نصرًا إلهيًّا، وما يُثبت ذلك سيّرة رسول الله -صلى الله عليه وآله- هل توانى وضعف حين رأى عمه الحمزة في معركة أُحُد شهيدًا وغيرهم من الشهداء؟ لا أبدًا بل ازداد ثباتًا وإيمانًا على مواصلة الدرب، وكذلك سيرة الإمام علي -عليه السلام- هل يئس واستسلم بعد موت الرسول؟ بالطبع لم يفعل بل جاهد واستمر حتى كتب الله على يديه انتصارات عُظمى، قال تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شيئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) وهذا يدل على أن الهدف هو القضية والمشروع ولن يكون هناك أي تراجع مهما كانت الآلام وَالجراح.
أمرُ الله أن يأخذ بجواره الأحبة والقادة والمعروفون بأخلاقهم وشيّمهم (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيّام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَـمَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِـمِينَ)، لا سِـيَّـما أننا نحنُ اليوم نواجه أبشع عدو على وجه الأرض، العدوّ المترصد لقادة المقاومة البارزين الذين أرعبوهم وخافوا منهم من لبنان ومن اليمن ومن فلسطين، بظنهم أنه سيتسهل أمامهم الطريق بكل أريحية، ووقتها لم يكن في حساباتهم أن كُـلّ قائد يرتقي شهيدًا يُعوض الله بدلًا عنه بألفِ شجاع يُنكلون بهم ويسقونهم مُرًّا علقما.
قوافل من القادة هذا العام كان مسيرها نحو القدس وهدفها تحرير غزة وفلسطين، تصيدوا لها أعداء الله، بالأمسِ استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله عزيز قلوبنا، واليوم أخيه ورفيقه السيد هاشم صفيّ الدين وما قبلهما إسماعيل هنيّة، وبينهما السنوار، ارتقوا وصعدوا إلى ضيافة الرحمن بمرتبة الشرف، أما عن محور المقاومة فيعصم الله بالصبر قلوبهم، والعون لإكمال الطريق الذي بدأه هؤلاء القادة العُظماء.
قال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَـمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ)، غاب نصرُ الله وصفيّ الدين لكن نصرُ الله قريب والتصفية النهائية للنصر باتت قاب قوسين أَو أدنى، رحل هنيّة والسنوار لكن أَمل غنيمة النصر وسلاح القوة بالله لم يرحلا، ولن يكون هناك نصر بدون عطاءٍ وتضحية تماماً كقصةِ كربلاء وما جرى فيها، وكم هم الأئمة من آل البيت الذين قُتلوا على أيدي أعداء الله! لكن القضية الرئيسية هُنا الثبات في المعركة ومواجهتهم بوعي من خلال منطق القرآن الكريم.
إذن.. الوقت يمضي والمعركة تتلظى نارها، وكُلُّ إنسان يراجع موقفه ويُحدّد طريقه إما إلى الباطل أَو إلى الحق؛ لأَنَّ النصر لن يأتي إلا للصادقين الصابرين الثابتين، وما النصرُ إلا من عند الله.