الاستبداد في واقع الأُمَّــة سُنَّةٌ إلهية متجددة
فضل فارس
إن الأُمَّــة في هذه المرحلة أحوج ما تكون لمن يلي أمرها ويعيد مجدها وكرامتها، على أن يكون فيها امتداد لولاية الله التي أعطاها لرسوله محمد (ص) والصالحين من عترته الذين يقيمون الصلاة وَيؤتون الزكاة وهم راكعون.
فما قد حصل في واقعها من نكسات وردة وَانحرافات وُصُـولًا إلى تول ظاهر على مستوى أنظمة وَكيانات لأهل الكتاب؛ لهو فرز وتمييز إلهي واضح يقربنا خطوة إلى الانتصار العظيم والكبير في هذه المرحلة، التي تتهيأ الأُمَّــة فيها “وما ذلك على الله بعزيز” لتغيير إلهي كوني لكل واقعها المهين وَالمخزي، وما ذلك وحسب ما تقصه الأحداث والمتغيرات الإقليمية في هذه الأعوام والله العالم منها ببعيد.
فكل هذه التقلبات والصراعات الكونية في هذه المرحلة ما هي والله أعلم إلَّا مراحل تهيئة لتحقّق وعد الله في أن تتحقّق في الواقع سنة الاستبدال الإلهي عن كُـلّ أُولئك المتخاذلين والمرتدين عن الدين من أبناء هذه الأُمَّــة، حَيثُ يأتي حينها وحسب ما تحقّقه مصاديق وعوده “وَهو المقلب جل في علاه للأحوال” ليستبدل بهم غيرهم بأُولئك القوم الموعود بأن يأتي بهم في محكم الكتاب المؤمنين، الصادقين، المحبوبين إليه.
أُولئك الذين بإيمانهم وصبرهم وَجهادهم سوف يغيرون وجه المعمورة بكلها، أُولئك من على أيديهم يذل اليهود وَتتهاوى كُـلّ مخطّطاتهم، من بإيمانهم يتحقّق السلام وتعاد الحقوق وَتنصف المظلمات، أُولئك من قال عنهم بعد أن زاغت أبصار الكثير من أبناء هذه الأُمَّــة عن قيم وتعاليم الإسلام حتى بلغت بهم مداني أعمالهم الدنيئة والرذيلة نكبات المذلة والردة والعصيان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
هذه هي النوعية العظيمة التي لا تبنى إلا من جهة الله، التي يؤتيها هذا الفضل العظيم وَالمقدس، في رد كيد وَسوء وَإجرام الكافرين وَالمنافقين إلى نحورهم، بالتالي نصرة وَإنقاذ وَتخليص المقدسات وَالمستضعفين من مكرهم وَشرورهم.
كذلك القيمة العظيمة لجهادهم وَبذلهم وصبرهم في إعادة قيمة وقداسة الدين القويم من جديد ونشره بكل أخلاقية ومسؤولية في شتى أقطار الأرض، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آَمَنَ أهل الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْـمُؤْمِنُونَ وَأكثرهُمُ الْفَاسِقُونَ} صدق الله العظيم.