الانتخاباتُ الأمريكية وصمةُ عار في جبين الإنسانية
ق. حسين محمد المهدي
ممَّا لا ريبَ فيه أنَّ من أَشَدِّ النوازل دولةَ الأراذل؛ فرُبَّ شقيٍ تشقى به أُمَّـة، وَتَعُمُّ به الفتنة، وتكبُرُ به المحنة، وتشقى به البلاد، ويكثُرُ به الفساد.
الوصولُ إلى السلطة بالكذب والمَيْنِ سبيلُ المفسدين، ودأب الضالين، ومنهج الدجاجلة الهالكين، فتأمل ما أمر به رب العالمين: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
إن ما تفرزه الديمقراطية الصهيونية، وتروج له في الانتخابات الأمريكية، في تنافس المرشحين يأباه الذوق الإنساني السليم، وتنفر منه عقول المتقين، المتبعين لهدي النبي الصادق الأمين، (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
فما نشرته وسائل الإعلام عن كُـلّ واحد من المرشحين للرئاسة الأمريكية تبكي له المروءة، ويندى له الجبين، من الأمور المخجلة التي يلمز بها كُـلٌّ منهم الآخر، وَمع ذَلك يعقدون لهذه الامور حفلاتٍ ومهرجانات، يمدح كُـلّ واحد من المرشحين نفسَه، ويطعن ويلمز منافسَه وحزبه.
ويستخدمون في دعاياتهم بالدجل والخداع كُـلَّ وسائل إعلامهم المقروءة والمسموعة والمرئية، ويغرون أصحابَ الأصوات بأنواع من الحيل، ويطمِّعونهم في أمور قد لا يصلون إلى شيء منها.
فيا ترى من سينجح في هذه الانتخابات، التي بدأت اليوم تدُقُّ طبولها، وتحصد أصوات الناخبين فيها؟
إن أغلب الظن أنه يصل إلى مبتغاه، أكثرهم كذباً ومَيْنًا، وأدهاهم تلفيقًا وتزويرًا، ممن ترى الصهيونية اليهودية فيه تحقيقًا لمآربها، وتأييدًا لما تطمح إليه من الاستيلاء على أرض العرب والمسلمين، وسفك دمائهم، واغتصاب أرضهم. ويأبى الله والمؤمنون أن يصلوا إلى مبتغاهم
إن هذه الديمقراطية الشيطانية مهما كبر كيدها وعَمَّ ضرُّها، فَــإنَّ مصيرها إلى زوال، فهي كالزبد يذهب جفاء، (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرض كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ).
أما السلطة في الدولة الإسلامية فهي التي تسعى لإظهارِ الحق وإقامته، وحماية حقوق الناس وحرياتهم؛ فالوصول إليها ليس طريقه الدجل والكذب على الناس.
الإسلام لا يفرِّقُ بين الدين كعبادة، والدولة كحكم، بل يجعلهما سببًا لعلة واحدة وهي إظهار الحق، وعبادة الرب، ونصرة المظلوم، وذلك واضح جلي في القرآن الحكيم (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرض أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّـهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ).
فلزوم التمكين في الأرض والوصول إلى السلطة والدولة غايتُه إقامةُ أمر الله ورعاية حقوق عباده.
ليس في الإسلام كبت ولا ظلم، بل إن مناصحة ولاة الأمر جهاد؛ ولهذا جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”.
فعبادة الله، والجهاد في سبيله، سبيل للتمكين (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَجاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّـهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).
فإن أبت الصهيونيةُ إلَّا العسفَ والجور وقتل الأبرياء في فلسطين، فليس أمام المسلمين إلا الجهاد:
الناس إن ظلموا البرهان واعتسفوا
فالحرب أجدى على الدنيا من السلم
القوة أضمن طريق لإحقاق الحق، والإسلام دين قوة، وعزة، ونصر، وظفر، وتمكين.
العزةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزيُ والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.