ما وراء مصرع ضابط سعوديّ في اليمن؟!
د. محمد عبد الله يحيى شرف الدين
قال رسولُ الله -صلوات الله عليه وعلى آله-: «الإيمان يمان، والحكمة يمانية»، هذا العنوان الإلهي النبوي الشامل والجامع المبين والموضِّح للطابع العام للشخصية اليمانية؛ فمِظلَّةُ الإسلام ينضوي تحتها كُـلُّ يمني.
ربما قد تدخُلُ عواملُ تأثيرية تلبيسية، كأدَاة يستعين بها أهلُ الباطل؛ فهم يتقنون ذلك، فقال الله تعالى عنهم: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}، [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٤٢]؛ لكن الحق أبلج، كبلوج مظلومية الشعب الفلسطيني، ومساندة محور الجهاد والمقاومة لشعب فلسطين، وهذه النقطة محور ارتكاز إيمانية يمانية، لا يختلف فيها يمانيان، وهي ذاتها من امتشقت رصاصات الوفاء من بندقية مشحونة بالإيمان اليماني غيرةً على عرض قضية فلسطين، ومحور الجهاد والمقاومة عندما حاول ضابطٌ سعوديّ أن ينالَ من ذلك العرض الشريف.
لقد توهم المصروعُ السعوديّ أن نقودَه ونفوذَه أحكمت السيطرة على الميدان اليماني، متغافلاً أن ميدانَ الأفئدة اليمانية ممتلئةٌ إيماناً وحكمة، فلا صوت فيها يعلو فوق صوت فلسطين ومناصريه، فأطلق تلك الكلمات الإجرامية، فأطلق اليماني تلك الرصاصات الإيمانية، فأردته قتيلاً مع جنديَّيه اللذين بادرا بتوجيه فوهتا بندقياتهما إلى صدر اليماني الذي كان الله تعالى معه مبادراً قبل أن يبادراه، مع ثلاثة جنود آخرين سقطوا جرحى.
لم يتوقع القتلى السعوديّون أن الله أسرع إلى خطف أرواحهم؛ لأَنَّهم يعبُدون البيت الأبيض، أما اليماني البطل كان يترجم لسانُ واقعه قولَ الله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ مَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، [سُورَةُ الأَنفَالِ: ١٧]، فأبلى اليماني بلاءً حسناً، وسمع الله حُجَّتَه، وعلم بصدق مبتغاه؛ فوفقه الله لانسحاب، وهو سالمٌ غانم، كما انسحب أصحابُ الكهف من القصر من بين ترسانة السلاح والرجال، فهيأ الله له مرفقاً، فكانت آيةً عجبًا.
وهنا لا بدَّ من درس وعبرة؛ مفادهما: ليس مصرع ضابط سعوديّ وجنديين مع جرح ثلاثة آخرين في معسكر بسيئون بمحافظاتنا اليمنية المحتلّة إلا نموذجٌ مصغرٌ للمستقبل القريب، والنهاية الحتمية لكل محتلّ غازٍ، فلا يطمئن النظام السعوديّ والإماراتي ومن ورائهما العدوّ الأمريكي والإسرائيلي إلى استمراريته في أرضنا، بل عليه أن يقلق وبشدة؛ لأَنَّه ينازع أهل اليمن في دينهم؛ لكن أهل اليمن سينزعون أرواحَهم قبلاً، فكل يمني من شرقه إلى غربه، ومن جنوبه إلى شماله يحملون نفسية ذلك اليماني، وشجاعته، ومروءته، وغيرته على دينه وعرضه.