أبطالُ المقاومة الإسلامية يستدرجون العدوّ والاشتباك معه من مسافة صفر ويواصلون دَكَّ كيانه

المسيرة | خاص

يواصلُ مجاهدو المقاومة الإسلامية في لبنانَ التصدِّيَ للعدوان الإسرائيلي في إطار معركة “أولي البأس”؛ ودفاعًا عن لبنان ‏وشعبه؛ ودعمًا للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة؛ وإسنادًا لمقاومته الباسلة.

وفي إطار الاستدراج؛ كمن رجال الله لقوات جيش العدوّ الإسرائيلي المتقدمة عند الأطراف الشرقيّة لبلدة “شمع”، وعند وصولهم لنقطة المكمن، اشتبك المجاهدون معهم بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخيّة من مسافة صفر؛ ما أَدَّى إلى وقوع إصابات مؤكّـدة في صفوف قوّات العدوّ، مستهدفين تجمعًا آخرَ لقوات الاحتلال عند الأطراف الجنوبية الغربية لبلدة “شمع” بقذائف المدفعية، منكلين بالعدو الذي يسعى لترويج انتصارات زائفة في توغلات محدودة.

بدورها، أقرت وسائل إعلام العدوّ، الأحد، بأن “إسرائيل” لا يمكنها “إخضاع حزب الله”، وبفشلها في إعادة المستوطنين إلى الشمال، وأشَارَ المحلل العسكري الصهيوني “يوسي يهوشع” عند حديثه عن حرب الاستنزاف التي يمارسها حزب الله منذ أكثر من عامٍ في وجه “إسرائيل”، معترفًا بعجز “الجيش الإسرائيلي” في حسم المعركة لصالحه، بالقول: “عذرًا.. في الواقع، لا يمكن إخضاع حزب الله”.

وَأَضَـافَ، “لنكن واقعيّين، حاولنا إخضاع حماس لمدّة عام ولم ننجح. وحزب الله أقوى بعشر مرات”، مؤكّـدًا أن جيشه “يعاني اليوم من نقص كبير في قواته وفي حافزية قوات الاحتياط”.

وفي وقتٍ سابق، أكّـدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أنّ “حزب الله لديه ما يكفي من الصواريخ لإرسال ملايين المستوطنين الإسرائيليين إلى الملاجئ كُـلّ يوم”، مشدّدةً على أن هذا الأمر يشكّل “إنجازًا يُنهِكُ الإرادَة الإسرائيلية، وسيؤدي إلى تخفيف مطالب “إسرائيل” في المفاوضات”.

وتأتي هذه الاعترافات، فيما تواصل المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله، استنزافها لجيش الاحتلال، وتكثيف عملياتها في الشهرين الماضيين مع بدء العدوان الإسرائيلي المكثّـف على لبنان.

 

عمليات المقاومة تُشعِلُ الميدان والعدوّ يعترفُ بفقدان القدرة:

في السياق، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن اللواء احتياط في الجيش الصهيوني “إسحاق بريك” القول: إن “هناك محورًا روسيًّا صينيًّا إيرانيًّا يضع موارد هائلة؛ مِن أجلِ إخراج الأمريكيين من المنطقة ومعهم “إسرائيل” ويجب الاستعداد لذلك”.

وأكّـد أن “إسرائيل” مع جيش البر الموجود حَـاليًّا “لا تستطيع المواجهة على عدة ساحات بشكلٍ متقابل وهي حتى في ساحة واحدة لم تنتصر على حماس”، مُشيرًا إلى أن “لدينا قوات صغيرة بدأت تفقد القدرات؛ فالاحتياط ليس لديهم بديل وكذلك من هم في الخدمة النظامية”.

ميدانيًّا؛ شنت المقاومة منذ فجر الأحد، 12 عملية حتى كتابة هذا التقرير، في إطار سلسلة عمليات “خيبر”، أبرزها: استهداف “ثكنة معاليه” ‏”غولاني” (مقر قيادة لواء حرمون 810) بصليةٍ صاروخية، وقصفت تجمعات مختلفة لقوات العدوّ أهمها عند الأطراف الجنوبية لبلدة “الخيام”، كما قصفت عدة مناطق داخل الكيان منها منطقة “الكريوت” شمالي مدينة “حيفا” المحتلّة بصلياتٍ صاروخيّة متنوعة.

وتزامنًا مع استشهاد مسؤول غرفة عمليات المقاومة الحاج المجاهد “محمد عفيف”، صعَّدت المقاومة من عملياتها، وذكرت وسائل إعلام عبرية أنّ أعمدة الدخان تصاعدت في “يفني” قرب “أسدود” بعد انفجار طائرة من دون طيار داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة.

وذكرت أن أكثر من 15 انفجارًا سُمعت أصواتها في منطقة “الكريوت، شمال شرق حيفا”، بعد أن تم الإبلاغ عن دوي صفارات الإنذار في “عكا والكريوت”، ودوَّت انفجارات في سماء “خليج حيفا” بالتزامن مع محاولات اعتراض صواريخ، وسقوط صاروخ في “كفار مسريك”، جنوبي “عكا”، وبُثِّتْ مشاهِدُ اندلاع حرائق فيها من جراء الرشقة الصاروخية الأخيرة من لبنان.

كما دوت صفارات الإنذار في الضواحي الجنوبية لـ”تل أبيب وشمالي أسدود وهشفلة ونس تسيونا وبيت حنان وبيت عوفد جنوبي ريشون لتسيون”.

 

وضعية العدوّ الميدانية في المحور الأول:

يدخل هذا المحور في إطار منطقة العمليات للفرقة “146” في جيش العدوّ، حَيثُ عاود العدوّ بواسطتها خلال الـ48 الساعة الماضية، محاولاتِه التقدمَ باتّجاه قرية “شمع” من الجهات الثلاث التي بدأ فيها عمليته ليلَ الجمعة، باستعداد أكبر يوازي كتيبتَينِ مدمجتين (كوماندوس – مشاة – دبابات) لم يزج بها جميعًا، بل أدخل ثلاث سرايا تعرضت لخسائر فادحة.

وبحسب مراقبين، يبدو من حجم القوات التي زج بها أنه يستعجل احتلال “شمع” التي لا زال على أطرافها الشرقية تمهيدًا للانتقال إلى “البياضة” لينجز المهمة، التي خسر فيها، 4 دبابات على تخوم قرية “شمع” فيما استخدم المجاهدون تكتيكًا جديدًا تمثل بضرب قوات العدوّ في كُـلّ مكان من مثلث (الجَبَّيْن – طير حرفا – شمع) ونفذوا دفاعًا متحَرّكًا أتعب استعدادات العدوّ.

 

وضعية العدوّ الميدانية في المحور الثاني، منطقة عمليات الفرقة 36:

في هذا المحور وسَّع العدوّ الصهيوني عملياته في بلدة “عيناتا” محاولًا تجزئة القتال بين “بنت جبيل وعيترون وعيناتا”؛ لاضطراره القتال بالاستعدادات الصغرى بمستوى فصيلة ومجموعة، وقد أدخل العدوّ بعد ظهر الأحد، الدبابات في المعركة؛ بهَدفِ استخدامها بالإسناد القريب برشاشاتها الثقيلة ومدفعيتها المباشرة، إلا أن رجال الله استقبلوه بتحييد إحدى دباباته على محور “عيناتا”.

في السياق، أكّـد الناطق باسم جيش العدوّ وقوع قوة من الكتيبة 13 من لواء “غولاني” بكمين مشابه لكمين المنزل قبل أَيَّـام، وزعم أنه خسر قتيلًا وعددًا من الجرحى، حتى الآن لم يمكّن المجاهدون أيةَ قوة صهيونية من الثبيت في معظم محاور مربع التحرير (مارون الراس – عيناتا – عيترون – بنت جبيل) المعقَّدة لتداخل المناطق المفتوحة مع المناطق المأهول في الاتّجاه الشرقي الذي حاول الدخول منها إلى ذلك المحور وسيصعب اعتماده على الاستعدادات الصغيرة مهمته أكثر، حَيثُ يستحيل التثبيت بشكلٍ مجدٍ وفعال للجبهة ككل باستعدادات لا يتعدى أكبرها 25-30 جنديًّا.

 

وضعية العدوّ الميدانية في المحور الثالث، مسؤولية الفرقة 91:

في هذا المحور يضغط العدوّ بشكلٍ كثيف من شرق “مركبا” باتّجاه شرقي “طلوسة”؛ مِن أجلِ التقدم أكثر إلا أن رجال الله لم يمكِّنوه من التثبيت، وفرضوا عليه التراجع، ثم محاولة التقدم أكثر من مرة، حَيثُ تتعاون أسلحة المشاة والهندسة والمدفعية والصواريخ التابع للمقاومة في جعل أية حركة يخطوها باتّجاه “طلوسة” أَو باتّجاه “مركبا” خطوةً مكلفة.

 

وضعية العدوّ الميدانية في المحور الرابع، منطقة عمليات الفرقة 210:

وفقًا للمعطيات يتبيَّن أن التحَرّكات التي كانت تجري في محيط “بوابة عمرا” وفي المستوطنات المحاذية (مرغليوت – كفار يوفال – معيان باروخ)، كانت استعدادات لمعاودة الهجوم على منطقة “الخيام” مجدّدًا، حَيثُ أعاد العدوّ ليلًا هجومَه من جهة “وادي العصافير” باتّجاه شرق وجنوبي “الخيام” على محورَين:- “الأول من “مزرعة سردة” باتّجاه “المسلخ” والحي الجنوبي”، والثاني “من بوابة “عمرا” باتّجاه “الوزاني” شرقًا، ثم باتّجاه “عين عرب” نحو “وطي الخيام” شرقي المدينة”.

وبناءً على بيانات المقاومة يظهر أن المجاهدين وبعد معركةٍ كبيرةٍ استطاعوا استيعاب الهجوم وتكبيد العدوّ دبابتَي ميركافا وعددًا من القتلى والجرحى، وبحسب معطيات عبرية ينفذ هذا الهجوم تشكيل من اللواءين “179 المدرع واللواء التاسع مشاة” وقد امتص رجال الله الموجة الأولى من الهجوم في منطقة “وطي الخيام”، إلا أن العدوّ رد بسلسلة غارات عنيفة غطت تراجع قواته التي انكفأت دون أن تتمكّن من احتلال شبر من “الخيام”، مع توقع مُستمرّ من رجال الله أن تعاود محاولاتها من أكثر من اتّجاه كما فعلت في المحاولة الماضية منذ أسبوعين وفشلت فشلًا ذريعًا.

وفي السياق، تشير تقارير عبرية إلى أنهُ في جانب آخر من هذا المحور، يحاول “اللواء 810” التوغل من الجهة الغربية لمزارع “شبعا” للوصول ربما إلى “الهبارية” أَو “كفر حمام” وتتعامل معه المقاومة بما يلزم من الصواريخ والمدفعية والأسلحة المناسبة.

 

الحصيلة التراكمية للخسائر الإسرائيلية:

في السياق، نشر الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية “إنفوغرافيك” لعمليات المقاومة في معركة “أولي البأس” من الـ17 من سبتمبر حتى الـ16 من نوفمبر الجاري.

ووفقًا لما رصده المجاهدون وأوردته المقاومة في ملخّصها، فقد نفَّذت المقاومةُ 1349 عملية عسكرية، وبلغت الحصيلةُ التراكميةُ لخسائر الاحتلال أكثرَ من 100 قتيل وأكثر من 1000 مصاب، خلال الشهرين، بينما كان معدل العمليات في اليوم الواحد 22 عملية.

وبحسب المقاومة، فخلالَ شهرَينِ، استهدفت المقاومةُ 61 آلية عسكرية، و53 مركزًا قياديًّا، و30 مربض مدفعية، و17 مصنعًا وشركة عسكرية، و11 معسكر تدريب.

وذكرت المقاومةُ الإسلامية في الملخص أنها استهدفت أَيْـضًا 10 مطارات و7 طائرات مسيرة، بالإضافة إلى استهداف 4 مخازن عسكرية، و4 دشم وتحصينات، ووحدتين استيطانيتين، وتجهيزين فنيين، ومشغلًا وحاجزًا عسكريًّا.

وخلال هذه الفترة، هاجمت 456 مستوطنة، واستهدفت 361 نقطة عسكرية و164 قاعدة عسكرية و127 موقعًا حدوديًّا، ونفذت 25 عملية تصدٍّ لعمليات تقدم الاحتلال، بالإضافة إلى استهداف 101 ثكنة عسكرية، و58 مدينة محتلّة و29 مُسيّرة وطائرة و28 عملية تصدٍّ لعملية تسلل، وأشَارَت المقاومة في “الإنفوغرافيك” إلى أن هذه الأرقام تشير إلى عدد مرات الاستهداف.

وعن الأسلحة التي استخدمتها المقاومة، أوضحت أنها استخدمت 1047 صاروخًا و84 مدفعية و124 سلاح جو، بالإضافة إلى استخدام 65 صاروخًا موجهًا، و29 من أسلحة الدفاع الجوي، و12 من أسلحة القنص والرشاشات، و10 من أسلحة الهندسة، لافتةً إلى أن هذه الأعداد هي لأعداد الرمايات وليس المقذوفات.

وفيما يخص الجبهة الداخلية للاحتلال، فذكرت المقاومة أنها استهدفت أكثر من 100 مستوطنة مخلاة، و30 كلم من شعاع المنطقة المخلاة، و150 كلم عمقًا، وأنها أجبرت أكثر من 300 ألف مستوطن على النزوح.

 

أسرار وخفايا الميدان بعد 56 يومًا من معركة “أولي البأس”:

في الإطار؛ يحاول العدوّ من خلال معاركَ حقيقية وأُخرى خداعية وفتحِ عشرات محاور الاشتباك الصغيرة، تشتيتَ الدفاعات الصُّلبة للمقاومة، ويبدو من خلال التكتيكات التي يمارسُها رجال الله، أن خطة العدوّ للتشتيت لن تنفعَ، حَيثُ يوازن المجاهدون بالتصدّي بين الدفاع الثابت والمتحَرّك وبين العمل التعرُّضي القريب والبعيد في ظل تكامل بين أسلحة “المشاة – الهندسة – المدفعية – الصواريخ – المسيَّرات”.

وبحسب خبراءَ عسكريين، فَــإنَّ هكذا معاركَ معقَّدةٍ تعتمدُ على دقة في تنسيق استخدام الأسلحة المشتركة تشرفُ عليها منظوماتُ قيادة وسيطرة على جميع المستويات تؤازرُها منظومةُ استخبارات عسكرية خبيرة بعدة أنواع من المعارك وتقدم المعلومة القتالية في المستويَين التكتيكي والتعبوي في الوقت الحقيقي؛ ما يسهِّلُ استثمارَها في الميدان، مؤكّـدين أن هذا هو أحد أسرار نجاح رجال الله في الميدان في مقابلِ عدوٍّ متردّد وحَذِر.

ورغم قيام العدوّ بتوسيع العملية البرية التي تحَرّكت فيها فرقه على جميع المحاور بحذر، حَيثُ لم يزج بعدُ بألوية كاملة في المعركة ولا زال يعتمدُ على استعدادات لا تتعدَّى الكتائب.

وعليه؛ يبدو أن الاستعجالَ بتوسيع العملية البرية وإدخَالِ كُـلّ الفرق فيها متعلِّقٌ بشيءٍ مطابق لما كان نفَّذه خلال حرب تموز/يونيو 2006م، من اندفاعةٍ فوضوية لجيشه باتّجاه مناطِقِ نهر “الليطاني” وغيرها، قبيل وقف إطلاق النار لتحصيل أوراقٍ مؤثرة لم يملكها بعدُ والتفاوض عليها فقط.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com