جروحٌ غائرة وآلامٌ لا تُنسى
أنهار السراجي
في قلب الشرق الأوسط، حَيثُ الأبنية التي تحكي قصص العصور وتتنفس التاريخ، تقع غزة كندبة على جبين الإنسانية، هي ليست مُجَـرّد قطعة من الأرض، بل هي عرش من آلام وآمال، تُحاصر بجبروت الاحتلال وكأنها أُسطورة محبوسة في قفص من حديد.
غزة، كفراشة جريحة، تحاول التمدد بأجنحة مكسورة في ظل عواصف الحروب، في كُـلّ صباح، تشرق الشمس على أحياء تُزهر فيها الابتسامات رغم الفقر، لكنها تُخفي بين طياتها جراحًا لا تُمحى.
إن أطفال غزة، براءة عيونهم تعكس الفجر، لكنهم يتنفسون الخوف ويجربون تضاريس الحزن في كُـلّ خطوة، كيف يمكن للفرح أن يزهر في حدائق وسط الخراب؟
الأحداث تتوالى كعواصف رعدية تُقصف سماء غزة، فالهجمات الإسرائيلية تُمثل بلدانًا غامضة من المآسي، أن تلك الطائرات التي تحلق فوقها كالأفعى الجائعة، تستهدف ما تبقى من أمل، المنازل التي كانت تأوي العائلات تُصبح أنقاضًا، والعناق الذي يجمع الأهل يتحول إلى وداعٍ أبدي.
الحصار المفروض على غزة كالأسلاك الشائكة التي تُحيط قلبًا يعاني، فتمنع روح الحياة من التغلغل، الكثيرون يحلمون بالتنفس بحرية، إلا أنهم محاصرون بخنادق الأوضاع الاقتصادية القاسية؛ فالبطالة والفقر واجهة قاتمة تُظهر مدى البؤس الذي يعيشه أهل غزة، إنهم كفراشات محبوسة في زجاجة، يحاولون الخروج، لكنهم يواجهون جدرانًا لا ترحم.
إلا أن غزة، رغم كُـلّ ذلك، لا تزال تُمثل رمزًا للمقاومة؛ فمثلما تنبت الأزهار في قلب الصخر، يزرع الفلسطينيون الأمل في كُـلّ زاوية من زوايا حياتهم، الشباب يتحدون الظروف، والنساء يصنعن البسمة في خضم المعاناة، مما يُظهر أن الروح البشرية يمكن أن تشرق حتى في أحلك اللحظات.
إن ما يحدث في غزة ليس مُجَـرّد حدث عابر، بل هو جرح غائر في ضمير الإنسانية، أن العالم مطالب بالاستيقاظ وتحمل المسؤولية، كصوت ينادي في الصحراء، لا يُسمع إلا حينما يلتقي الوعي بالشجاعة، غزة تستحق السلام، والأمل، والحرية، وعلى الجميع أن يقفوا مع الحق وأن يُصغوا لصوت المعاناة الذي يتردّد في كُـلّ أرجائها.