لليوم الـ61 من معركة “أولي البأس”: اشتباكاتٌ ملحميةٌ لرجال الله على الحافة الأمامية.. ونيرانُهم “كابوسٌ لا ينتهي”
المسيرة | متابعة خَاصَّة
تواصلُ المقاومةُ الإسلاميةُ في لبنانَ؛ لليوم الـ61 ضمنَ معركة “أولي البأس”، التصدِّيَ للعدوان الصهيوني الهمجي على لبنان، مستهدفةً قواعدَه وتجمعاتِه ومغتصَباتِه، متصديةً لمحاولات تقدم العدوّ على الحافة الأمامية الجنوبية.
في التفاصيل؛ نجح رجالُ الله أبطال المقاومة في إعاقة تقدم جيش العدوّ واستنزافه، مع حفاظهم على المبادرة في العمليات العسكرية، على الرغم من حذر قيادة جيش العدوّ وتخوفها من الخسائر؛ ما يؤثر على خياراتها التكتيكية والعملياتية في محاور القتال.
وبحسب مراقبين، يُظهِرُ تردُّد جيش العدوّ في استخدام “اللواء السابع” خلال 61 يومًا، ثم اختيار مسار لدباباته في محور يُعتقد أنه أقل خطورة، مدى حذر قيادة العدوّ وتخوفها من الخسائر، فيما أثبتت تكتيكات المقاومة، التي تجمع بين المناورة المتحَرّكة بالنار والاستهداف غير المباشر وضربات العمق، فعاليتها في إعاقة تقدم العدوّ واستنزافه.
ووفقًا للمعطيات الميدانية خلال الـ24 الساعة الماضية، يُشير استهداف المقاومة لاستعدادات العدوّ كافة على طول الجبهة في الحافة الأمامية إلى امتلاكها قدرات استخباراتية فعالة لمراقبة وتتبع تحَرّكات العدوّ، كما أن استهداف العمق الصهيوني التعبوي يُستخدم كتكتيك لردع كامل استعدادات المنطقة الشمالية وتشتيت جهودها.
الموقفُ الميداني العملياتي على صعيد الاشتباك:
في الإطار؛ وبعد 6 أَيَّـام من المعركة التي تحاول فيها قوات الاحتلال السيطرة على بلدة “الخيام” جنوبي لبنان، يخوض رجال الله هذه المعركة على قاعدة إلحاق أكبر خسائر ممكنة بالفرقة “210” في جيش الكيان، كما في كُـلّ النّقاط الساخنة الأُخرى.
وحتى كتابة هذا التقرير، منع رجال الله العدوّ من احتلال “الخيام”، على الرغم من أنّها المعركة الثانية التي يحاول فيها العدوّ التقدّم إلى البلدة بعد شن آلاف الضربات والغارات والقذائف المدفعية التي لم تتوقّف منذ بدء “طوفان الأقصى”.
ومنذ ساعات صباح السبت الأولى، يتواصل سماعُ دوي الانفجارات والرشقات الرشاشة، غربي بلدة “الخيام”، بعد غارات شنّها الطيران الحربي فجرًا على البلدة، واشتباكات ملحمية استمرت طيلة ساعات الليل، استخدمت فيها المقاومة أسرابًا من المُسيّرات وصليات من الصواريخ.
كما نفّذ رجال الله هجومًا جويًّا بأعداد كبيرة من المسيّرات في اتّجاه تجمّعات الجنود في “الخيام”؛ ما أسفر عن فقدان التسلسل القيادي بين الجنود والضباط الصهاينة في أثناء الاستهداف، وتعرّضهم لإصابات متعددة، مع تسجيل انسحابهم من أماكن تجمّعهم في محيط المدينة في اتّجاه “العمرة” جنوبها، بعد هذه الضربات الموجعة، وسط غموض عمّا إذَا كانوا سيحاولون الكَرَّة، أم أنّهم سيصرفون النظر عن “الخيام” كما حدث في المعركة الأولى.
ووفقًا للمعطيات، فقد دارت مواجهات عنيفة بين رجال الله وقوات الاحتلال الصهيوني في “منطقة الخيام”، حَيثُ تحاول قوات الاحتلال التوغل في المنطقة، ووجه رجال الله ضربات عدة لهذه القوات، واستهدفوا على مدار الـ48 الساعة الماضية تجمعات الاحتلال وآلياته في المنطقة.
وأشَارَ الإعلام الحربي في بياناتٍ منفصلة إلى أن المجاهدين قصفوا ومنذ فجر السبت، بصلياتٍ صاروخية تجمعات العدوّ عند الأطراف الشرقية لمدينة “الخيام” (8 مرات)، ودمّـروا دبابة “ميركافا” في المكان بعد استهدافها بصاروخٍ موجه، ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح، وعند الأطراف الجنوبية للمدينة، تم استهداف تجمعٍ للعدو بصليةٍ صاروخية.
وقد سُجّل خروج آليات إسرائيلية من جهة الشرق إلى “وطى الخيام” نحو الحدود، ليصل عدد الدبابات المدمّـرة منذ 17 سبتمبر الماضي، إلى 52 دبابة “ميركافا”، مدمّـرة بمن فيها.
وفي ظل فشله في التقدّم نحو الخيام، حاول الاحتلال الالتفاف من جوانب البلدة في اتّجاه “إبل السقي” والأطراف المطلة على “الخيام”، فيما كانت المقاومة تستهدف محاولات الالتفاف هذه على الرغم من الغطاء الناري للاحتلال.
أمّا في القطاع الغربي، فتركّزت المواجهات عند بلدات “شمع والجَبَّين ويارين”، حَيثُ استُهدفت تجمّعات القوات مرتين في “تل أرميس” غربي “شمع”، بالإضافة إلى تدمير دبابة في محيط القلعة، لتنتقل المواجهات إلى “يارين”، حَيثُ استُهدف تجمّع للقوات العدوّ بأسرابٍ من المُسيّرات الانقضاضية.
وعند محور “كفر كلا – دير ميماس”، استهدفت المقاومة الإسلامية بصليات صاروخية تجمعًا لقوات العدوّ في “تل نحاس” عند أطراف بلدة “كفر كلا” (3 مرات)، وبالمدفعية والصواريخ تجمعًا عند “مثلّث دير ميماس”، وحقّقت إصابات مباشرة.
وبعد رصد تحَرّكات لقوةٍ من جيش العدوّ الإسرائيلي تحاول التقدم باتّجاه “بلدة البياضة”، اشتبك رجال الله عند الأطراف الشرقية للبلدة مع القوة المُتقدمة، وأوقعوا أفرادها بين قتيلٍ وجريح، واستمرت الاشتباكات حتى وقت صدور بيان المقاومة بذلك.
إلى ذلك، وفي داخل المدن والمغتصبات الحدودية، استهدفت المقاومة بصلياتٍ صاروخيةٍ كبيرة ومتنوعة تجمعات العدوّ في “المنارة” و”المالكية” و”سعسع” و”كريات شمونة، ديشون”، و”حانيتا”، و”زرعيت”، و”شوميرا”، “راموت نفتالي” و”ثكنة دوفيف”.
الموقف العام على صعيد استهداف العمق الاستراتيجي واللوجستي:
في هذا السياق، نفّذ رجال الله أبطال المقاومة خلال الـ24 الساعة الماضية، عددًا من العمليات استهدفت فيها العمق الاستراتيجي للعدو الصهيوني، منها عمليتان في مدينة “حيفا” المحتلّة، حَيثُ استهدفت “قاعدة حيفا التقنية” والتي تتبع سلاح الجو وتضمّ كلية تدريب، وتبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 35 كلم، وتقع في شرقي المدينة.
وفي إطار سلسلة “عمليّات خيبر”، وبنداء “لبيك يا نصر الله”، البالغة منذ فجر السبت، حتى كتابة هذا التقرير (22 عملية وبيانًا)، استهدف مجاهدو المُقاومة الإسلاميّة قاعدة “ستيلا ماريس” البحرية التي تتبع للبحرية الإسرائيلية والمسؤولة عن الرصد والرقابة والتوجيه في الساحل الشمالي، وتبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 35 كلم، شمالي غربي “حيفا”، بصلياتٍ صاروخيةٍ نوعية، إضافة إلى قصف مدينة “صفد” بصليةٍ صاروخية.
كما نشر الإعلام الحربي للمقاومة مشاهد من استهداف “قاعدة حتسور” الجويّة التابعة لجيش العدوّ الإسرائيلي جنوبي “تل أبيب” “يافا المحتلّة” بصواريخَ مجنّحةٍ، كما عرض مشاهد من عملية استهداف المقاومة “قاعدة حيفا التقنيّة” التابعة لجيش العدوّ شرقي مدينة “حيفا” المحتلّة بصواريخ “نصر 2”.
وفقًا لبيانات المقاومة فقد تم قصف “قاعدة شراغا” (المقر الإداري لقيادة لواء غولاني) شمالي مدينة “عكا” المحتلّة، وفي الجولان السوري المحتلّ، قصفت المقاومة موقع “حبوشيت” (مقر سرية تابعة للواء حرمون 810) وموقع الإنذار المُبكر “يسرائيلي” (مركز جمع استخباري رئيسي يتبع لفرقة الجولان 210)، على قمة “جبل الشيخ” في الجولان السوري المحتلّ.
من جانبها؛ أقرّت وسائل إعلام إسرائيلية، السبت، بأن جيش العدوّ الإسرائيلي يواجه مقاومة شرسة من قبل حزب الله في بلدة “الخيام”، واعترفت بسقوط صاروخ في منطقة “حتسور” شرقي مدينة “صفد”، بعدما تحدّثت عن دوي صفارات الإنذار في المنطقة، وعن مصرع جنديين وإصابة 12 آخرين أحدهم بحالةٍ حرجة في معارك جنوبي لبنان.
وأشَارَت إلى أن هناك “كابوسًا لا ينتهي”، وعن حالة من “اليأس والإحباط” التي يعيشها مستوطنو شمال ووسط فلسطين المحتلّة، وسط تحوّل روتين حياتهم إلى “عيش بين الإنذارات”، وأنهم “يسمعون مجدّدًا عن تقدّم في المفاوضات، وعن اندفاع إسرائيلي نحو التوصّل إلى تسوية، لكن في الوقت نفسه، يجدون أنفسهم يعيشون بين الإنذارات”.
وتحدّثت وسائل الإعلام العبرية عن وصول أكثر من مسيرة، وسقوط أكثر من 100 صاروخ على مناطق متفرقة من الأراضي المحتلّة تسبّبت بأضرار مادية، كما تجدّد دوي صفارات الإنذار في أكثر من 33 مغتصبة ومدينة محتلّة.
شهداء وجرحى في عدوانٍ صهيوني على بيروت:
فيما يتلقّى العدوّ الصهيوني خسائر فادحة في الميدان، إذ يُحقّق رجال الله الإنجازات ويقفون سدًّا منيعًا أمام جنوده مكبّدين إياهم خسائر فادحة، يُواصل الاحتلال سياسة المجازر وترويع المدنيين الآمنين، حَيثُ استفاقت العاصمة بيروت على وقع مجزرة مروّعة.
ودمّـر طيران العدوّ، بخمسة صواريخ، مبنى سكنيًّا بالكامل مؤلفًا من ثماني طبقات، في “شارع المأمون” بمنطقة “البسطة الفوقا”، وأكّـدت وزارة الصحة اللبنانية، استشهاد 11 شخصًا وإصابة 63 بجروح في حصيلة محدَّثة جراء الغارة.