جرحى مشاركون في مسيرة السبعين: الشهادة في سبيل الله شرفٌ عظيمٌ وهذا هو زمانُها ومكانُها
المسيرة – منصور البكالي:
وسطَ زخات المطر، وبرودةِ الشتاء، يخرُجُ الشعبُ اليمني بمختلفِ فئاته العُمْرية إلى ميادين وساحات النصرة والإسناد للشعبَينِ الفلسطيني واللبناني.
ويؤكّـد الأحرارُ خلال كُـلّ جمعة عدم تراجعهم أَو فتورهم، مشدّدين في مسيرة الجمعة الماضية على أهميّة الشهادة في سبيل الله والدفاع عن المستضعفين، وأنهم على جهوزية عالية؛ انتصارًا لدماء الشهداء ضد كُـلّ طواغيت الأرض.
وأكّـد المشاركون أن الذكرى السنوية للشهيد، تعد محطة إيمانية جهادية تربوية تذكّر شعب الإيمان والحكمة بقِيَمِ ومبادئ الشهداء، وعظيم الفوز بفضل الله، ودور الشهادة في حماية الأوطان والشعوب والأديان، ونشر قيم العدل والقسط والرحمة والإحسان في أرقى مراتبه بين أبناء الأُمَّــة، لافتين إلى أن الشهادة في سبيل الله شرف عظيم، لا ينالها إلا الصابرون، وأن هذا هو زمانها ومكانها، داعين كُـلّ أبناء الأُمَّــة العربية والإسلامية إلى استشعار المسؤولية الدينية والتحَرّك الفوري لنصرة أهلهم وإخوانهم المستضعفين في فلسطين ولبنان، جراء ما يتعرضون له من حرب إبادة جماعية وتطهير عِرقي منذُ أكثرَ من عام.
تخليدٌ لمآثر الشهداء:
وفي هذا السياق، يقول الجريح طه المؤيد ومعه أطفاله تحت المطر: “في هذه الذكرى العظيمة التي حاربتها الأنظمة العميلة، وحاولت عزل شعوبنا عن قيم الشهادة في سبيل الله وفضلها، وأهميتها، وأهميّة الجهاد والاستشهاد، ووصل بها الحالُ لاستبعاد الدروس والنصوص ذات الصلة من الكتب الدراسية، والمقرّرات الجامعية والوعي الشعبي وخطب الجمعة، المتصلة بهذه الزاوية المهمة في ديننا الإسلامية، نؤكّـدُ للشهداء العظماء أننا على دربهم ماضون وللحاق بهم مشتاقون، ولهزيمة عدونا متلهفون، ولنصرة المستضعفين على هذه الأرض متفانون”.
ويتابع المؤيد في حديثة لصحيفة “المسيرة” أن “الرسالة السماوية المحمدية منذ بزوغ فجرها قائمة على هذا العماد المهم من أعمدة الدين، ومن يتأمل في حركة الشعوب والحضارات والصراعات عبر مختلف الأنبياء والرسل، يجدْها تعتمد بشكل كبير ومحوري على أهميّة الجهاد والاستشهاد، في مقارعة الطغاة والمستكبرين في كُـلّ عصر”.
ويردف المؤيد: “ماذا سنقول لله يوم نلقاه حين يسألنا عن دورنا وما قدمناه في نصرة عباده المستضعفين في قطاع غزة ولبنان؟ وكيف سيكون حالُنا إذَا تخاذلنا اليوم ونحن هنا؟ العدوّ الصهيوني المشهور بقتل أنبياء الله ورسله والصالحين من عباده، لم يتوقف في حدود فلسطين ولبنان، بل سيتحَرّك لإبادة كُـلّ العرب والمسلمين، وهذا جزءٌ من منهاجِه ودينه وثقافته التي يعمِّقُها في عقول الأطفال داخل كيانه الغاصب”، مُشيرًا إلى أن “المخرج الوحيد والسبيل الأوحد لهذه الأُمَّــة لتخرج من واقعها البائس اليوم هو أن تحيي قيمَ ومبادئ التضحية والفداء والشهادة والاستشهاد في وعي شعوبها، وتحَرّك رجالها للدفاع عن كرامتها، ووجودها ومقدراتها وشرفها ودينها ومقدساتها”.
الجريح أبو أحمد الحملي -بعكازتَيه على ميدان السبعين وسط الماء والبرد لا يأبهُ لشيء غير الاستماع بإنصات لفقرات المسيرة المليونية، وبيانها- يقول لصحيفة “المسيرة”: “الشهادة هي تجارة مع الله، وأنا اليوم جريح، أحمد الله على هذا الفضل، وهذه المرتبة التي تقربنا لما عدها من المرتبة العظيمة، وكما تقبل الله منَّا بعض العطاء، نسأله، ونتضرع إليه أن يأخذ منا ما بقى، ونحن في سبيل الله على درب المجاهدين العظماء لن نحيد ولن نتزحزح قيد أنملة، بل سنسعى بكل عشق وشوق لنكون في رفقتهم هناك أحياء عند ربهم يُرزقون، وأن نكون ممن قال الله فيهم: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا) صدق الله العظيم.
ويضيف الحملي: “نحن ماضون على درب الشهداء، ونواكب الأحداث، وما يحصل من جرائم الإبادة في غزة ولبنان، وما تقوم به السعوديّة من نشر للفسوق والرجس والانحطاط والعصيان”، مؤكّـدًا أن هذا “يحتم علينا كمجاهدين التمسكَ بمبدأ الشهادة في سبيل الله، ومقارعة المجرمين، وأئمة الكفر، وجنود الشيطان الذين يقتلون عبادَ الله ويستهدفون القيم والدين والهُوية وزكاء النفوس”.
ويختم: “بعنا من الله منذ أول يوم تحَرّكنا فيه للجهاد في سبيل الله، وسنقدم كُـلَّ جوارحنا، وما بقي لنا من أنفاس للدفاع عن هذه الأُمَّــة، وشعوبها ودينها ومقدساتها تحت لواءِ السيد القائد العلم سيدي ومولاي عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-“.
الشهادةُ أنموذجٌ فريدٌ للأُمَّـة:
وعلى صعيد متصل، يقول يحيى علي إسحاق: “نحمد الله على أن منَّ علينا بهذه القيادة الربانية التي عززت ورسخت مفهوم الشهادة والاستشهاد في وعي شعبنا وأجيالنا، وقدمت للأُمَّـة النموذج الفريد، الذي يمكن البناء عليه، من القدرة والاقتدار، على مقارعة المستكبرين والطواغيت”، موضحًا أنه “لولا هذه الثقافة المشبَّعة بحب الشهادة في سبيل الله والسعي بكل تفانٍ للفوز بفضل الله؛ لما وصل شعبنا اليمني، إلى هذا المستوى المتقدم الذي وصل إليه، حَيثُ تمكّن من تمريغ أنوف قوى العدوان خلال 9 أعوام وما سبقها من حروب ظالمة على حَمَلَةِ المشروع القرآني في محافظة صعدة، ولَمَا استطعنا اليوم الوقوفَ بهذا الموقف المشرِّف في نصرة المستضعفين المسلمين في فلسطين ولبنان”.
ويشير إسحاق في حديثة لصحيفة “المسيرة” إلى أن الشهادة في سبيل الله وحبها وتنميتها في وعي أجيال الأُمَّــة، تمثل “المخرج الوحيد لشعوب أمتنا التي تعيش اليوم أسوأ مراحل الإذلال والاستعباد والمهانة، تحت هيمنة أمريكا و”إسرائيل” وأدواتها من الأنظمة العربية والإسلامية”.
ويقول: “نحن من أبناء محافظة صعدة عانينا ويلات العدوان منذ الحروب على صعدة، وعايشنا الأحداث المتلاحقة، وخَبِرْنَا وعرفنا أهميّة وفاعلية الشهادة في سبيل الله عن قُرب، ومن منطلق الحاجة، ونحن اليوم نؤكّـد أن فيها فضلًا عظيمًا هنا في هذه الحياة الدنيا يثمر نصرًا وعزًّا وتمكينًا وغلبةً”.
فوارقُ كبيرةٌ بين المجاهدين والأعداء:
من جانبه يتساءل عادل محسن دهيش: “ما الفرق بين جيش محور المقاومة المجاهد في سبيل الله، وبين جيوش أعدائنا؟ مؤكّـدًا أن “الشهادة في سبيل الله وحبها والتسابق والمسارعة نحوها هو الفرق بيننا وبين عدونا، وهي العامل والمتغير الأهم الذي قلب الموازين والمعادلات العسكرية والسياسية في المنطقة اليوم”.
ويرى دهيش في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن “من يتحَرّك في سبيل الله يلمس أثرَ الشهادة وفضلَها ومكاسبها على المستوى الأسري والمجتمعي والوطني، وعلى مستقبل الأُمَّــة بشكل عام، وهذه وصيتي التي أودُّ أن يعيَها كُـلُّ المجاهدين الصامدين في الثغور والمرابطين في مختلف الجهاد المقدس من اليمن إلى لبنان إلى فلسطين إلى العراق وسوريا، وكل مجاهد يسعى للتحَرّك في مقارعة قوى البغي والعدوان والاستكبار أينما كان موقعه”.
ويزيد: “الفرق الكبير الذي تخلقه الشهادة وحبها، بين مجاهدينا وجيوش أعدائنا كبيرٌ وواضحٌ اليومَ، حَيثُ أثمر في الميدان، وعلى العدوّ أن يفهمَ أن مخطّطاتِه السابقةَ التي استهدفت وعي الأُمَّــة تبخرت بهذا الفضل العظيم، وعلى شعوبِ أمتنا تعزيزُ روحية الشهادة وحب الاستشهاد؛ لتكون بالمستوى القادر على مواجهة الأعداء وإفشال مخطّطاتِ الأعداء ومساعيهم التدميرية للمجتمع البشري”.